من حق الاتحاديين أن يكرهوا عبد الإله ابن كيران. ومن حقهم أن يحتجوا عليه. ومن حقهم أن يصفوه بأنه من “قتلة بنجلون”. أما المنع، والنسف، فليس غير وسيلة لضعيفي الضعفاء، للتائهين، الفاقدين للبوصلة السياسية.
ما حدث مع ابن كيران أمام المقر التاريخي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في الرباط، لا مبالغة في وصفه بالبلطجة. الرجل دعي إلى ندوة فكرية. وصاحبة الدعوة جمعية محسوبة على حزب الوردة. لبى الرجل الدعوة. ما المشكل إذن؟ ماذا لو رفض ابن كيران الدعوة؟ كان المحتجون سيصفونه بالجبان الهارب من الحوار، العاجز عنه. أما وهو “الصنطيحة” الكبرى، فقد قبل، وله الحق في أن يسجل هدفا سياسيا، وحضر في الوقت، وعوض الاكتفاء بتسجيل الموقف بكل ما تقتضيه “الروح الديمقراطية”، استقبل بمحاولة للمنع، وبشيء من العنف.
هل هذه هي الثقافة الاتحادية؟ للأسف، هذه ريح جديدة نفخت، منذ وقت، في رؤوس بعض الاتحاديين التائهين في دروب تاريخ ربما لم يترسب منه لديهم، وفيهم، غير الشعارات.
كان الأجدر لو تذكر هؤلاء أن رمزهم عبد الرحمان اليوسفي “كرم” الراحل إدريس البصري. وكان الأجدر أن يتذكروا أن رمزهم نوبير الأموي استقبل البصري في مؤتمر تاريخي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل. وكان الأجدر أن يتذكروا أن الكثير من رموزهم تعامل، أيما تعامل، مع من كان “أبشع” من “دم سنانهم” ابن كيران!!
الاتحاد الاشتراكي، أو جزء منه على الأقل، لا يعاني مشكلا سياسيا، بل نفسيا. هذا الجزء يصر على أن يظل أسير ماض أكل عليه الدهر وشرب، ويرفض الاعتراف بالواقع الجديد.
إذا كان الاتحاد في الإنعاش، فإن هؤلاء مصرون على قطع التنفس الاصطناعي عنه، يكذبون على أنفسهم حين يقولون: الجسد الاتحادي لا يموت. يعاكسون الطبيعة. ويكذبون على أنفسهم حين يقولون: الاتحاد فكرة. وهنا أيضا يعاكسون الطبيعة. ربما يكون الاتحاد فكرة، لكن الأفكار حين تفقد حامليها تموت، أو تشيخ على الأقل.
أفيقوا يرحمكم الله…
رضوان الرمضاني/