بقلم: المختار لغزيوي
في مناسبتين إثنتين مؤخرا نودعه أعطت فرنسا – مرة عبر إعلامها ومرة عبر قضائها – الدليل على أنها لا تتردد في الكيل بمكيالين، حين يتعلق الأمر بتطبيق بعض من شعارات الديمقراطية وتقبل الاختلاف، مثلما ترفعهما في العادي من الأيام ومثلما ترفع بعضا من علاماتهما في شعارها الثلاثي الشهير.
المرة الأولى حين رفض تلفزيون فرنسا العمومي، المتحرك وفق أجندة خاصة، إعطاء فاعلين مدنيين مغاربة حق الرد على التهم المضحكة التي وجهتها إلى المغرب والمغاربة الممثلة المبتدئة لبنى أبيضار عبر برنامج “لوران روكيي” (لم ننم بعد) على “فرانس 2”.
القناة وهي تابعة للدولة الفرنسية وتمول بشكل شبه كامل من أموال دافع الضرائب الفرنسي، اعتبرت أنه من حق لبنى أبيضار أن تقول كل ماقالته عن المغرب دون سند، وأنه لا شيء على الإطلاق يلزمها بمنح حق الرد للبلد الذي تم سلخه على شاشتها دون وجه حق.
المرة الثانية انتصر فيها قضاء فرنسا لحق السب والقذف، وقالت القاضية المكلفة بالنظر في دعوى الدولة المغربية ضد الملاكم المزيف زكريا المومني إن من حق زكريا أن يقول مايريد عن المغرب، ومن حقه أن يطلق ماشاء من اتهامات ومن ألفاظ سباب وقذف وتشهير وأن المحكمة لاتستطيع إلا الحكم بعدم قبول الدعوى. لماذا؟
لأن المحكمة تحكم على أفعال وليس على أقوال، ولأن الأمر لايتعلق بشخص ذاتي بل بدولة وفي قضايا القذف لابد من شخص ذاتي للقبول.
معنى ذلك أنه من اللازم انتظار قيام زكريا بعملية إرهابية مثلا، أو باعتداء جسدي على من يمضي اليوم بطوله في الأنترنيت، وفي بعض القنوات التلفزيونية أيضا، في سبهم لكي يتحرك هذا القضاء الواقف عند مرحلة معينة من التاريخ لكم تجاوزها الزمن.
لن نكون أول من يتهم قضاء فرنسا بأنه يتحرك وفق الأجندة السياسية، ولن نكون أرحم به من الفرنسيين ومن سياسيين ومراقبين من فرنسا قالوا إنه قضاء تعليمات وأنه قضاء تحريك قضايا معينة في لحظات معينة تشتم فيه رائحة تصفية حسابات.
تذكروا تحريك قضايا معينة ضد ساركوزي كلما تعب هولاند من رغبة الرئيس السابق في العودة إلى الإليزيه، وتذكروا حديثهم عن قضية دومينيك ستراوس كان كلها باعتبارها ملفقة من الألف إلى الياء وأنها صنعت فقط لأجل منع رئيس صندوق النقد الدولي السابق من الحلم برئاسة الجمهورية. وانسوا قضايا “غيون”، و”بلكاني” و”جوبي” والبقية، والتقطوا فقط حديثهم اليوم عن تحريك ملفات قديمة لمانويل ماكرون وزير الاقتصاد لفرملة طموحاته الرئاسية ولإيقاف زحفه على فالس وعلى هولاند.
لذلك لا استغراب أن يرفض قضاء فرنسا دعوى المغرب ضد الملاكم المزيف، ولا تعجب أن يفتح التلفزيون العمومي هناك أبوابه لممثلة مبتدئة لديها في رصيدها صفر فيلم لكي تقول إن نساء المغرب لديهن اختيار واحد من إثنين: إما الدعارة وإما الزواج المبكر رفقة ثلاث نساء أخريات.
عندما تنتهي فرنسا من استيهاماتها هاته عن المغرب، ولا نبدو لها فقط “رياضا” غرائبيا في مراكش ترقص فيه شهرزاد كل صباح إلى أن ينتهي الأشيب الفرنسي من أكل حبات فياغره لكي يستطيع المساس بها، قبل أن ينزل إلى الساحة لكي يتبضع منها مايشاء من قاصرين، وقبل أن يركب على الجمال محملا بما لذ وطاب من “كعب غزال” سنستطيع الحديث بجدية معها.
طالما أنها في مرحلة الاستيهام والاكتفاء بهذا الفانتازم، فلن نقول لها شيئا.
هو بالتأكيد يعوض نقصا ما في مكان ما، لذلك لا اعتراض. سنصبر على من كانت تحمينا يوما إلى أن نرى نتائج هذا الصبر، وسنقول لها إنها لم تجد أفضل من لبنى أبيضار ومن زكريا المومني لكي تهاجم المغرب…
ونعم الاختيار فعلا، فطبيعة الشخصين معا تقول كل شيء دونما حاجة لمزيد من الكلام.