شعر زعيم الجبهة الانفصالية محمد عبدالعزيز بالذنب تجاه حربه ضد المغرب واعترف بأن أفكاره بشأن الصحراء صارت بالية.
كشفت تقارير إعلامية صدمة أطباء ومساعدين لزعيم جبهة البوليساريو محمد عبدالعزيز، لإعرابه على فراش الموت عن ندمه على تحالفه مع النظام الجزائري ضد المغرب، امتد قرابة نصف قرن.
وقد تتسبب صدمة اعتراف عبدالعزيز المفاجئ في حدوث انقسامات غير مسبوقة في صفوف الحركة الانفصالية التي طالما حظيت بدعم جزائري غير محدود، ورفضت مساعي الرباط المتتابعة لحل الأزمة.
وتوفي محمد عبدالعزيز الذي كان كرأس حربة في حرب نفوذ شنها نظام الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة على المغرب، في ولاية مينيسوتو الأميركية الأسبوع الماضي بعد أعوام من إصابته بمرض سرطان الرئة.
وقبل وفاته، اعترف عبدالعزيز أمام مساعدين مقربين بأنه أدرك أن قناعاته في ما يخص قضية الصحراء صارت “بالية”، وأن الصراع طويل الأمد مع المغرب “كان عبثيا”، بحسب صحيفة “لا انفورماتسيون” الأسبانية.
وأكد عبدالعزيز، وفقا لمصادر مقربة منه تحدثت للصحيفة، ندمه على تحالفه مع النظام الجزائري، وأنه “شعر بالذنب” على قيادة هذا الصراع الطويل مع المغرب.
وقال كاتب عربي متخصص في شؤون المغرب العربي إنه “سواء تلا محمد عبدالعزيز فعل الندامة على فراش الموت أم لا، يبقى زعيم جبهة ‘بوليساريو’ شخصا تنكّر لوطنه وللحقيقة بعدما أمضى حياته في خدمة مشروع جزائري يستهدف المغرب”.
وتلقت جبهة البوليساريو منذ سبعينات القرن الماضي دعما عسكريا وماليا من الجزائر في مخيمات تندوف التي عاش فيها قرابة 100 ألف صحراوي، واشتهرت بتراجع مستوى المعيشة في أكواخ بنيت من الطين أو الطابوق، وافتقرت إلى المتطلبات الأساسية للحياة اليومية.
ويجمع مراقبون على أن الانتقال إلى مرحلة ما بعد عبدالعزيز، ستعرف الكثير من الصراعات بين الصفوف الأولى والثانية من القيادة للسيطرة على الجبهة والتمتع بالامتيازات التي كان يحصل عليها زعيم الجبهة والمحيطون به.
واستبعدوا أن يقع أي تغيير على توجهات الجبهة ورغبتها في التصعيد ومعارضتها للوصول إلى حل سياسي واقعي لقضية الصحراء.
وقال محمد بودن، رئيس مركز تحليل المؤشرات في الرباط، إن من أبرز المرشحين لخلافة عبدالعزيز “إبراهيم غالي وهو مسؤول أمانة التنظيم السياسي ويطلق عليه سفير البوليساريو السابق في الجزائر، ومحمد خداد منسق جبهة البوليساريو لدى بعثة المينورسو، وعبدالله الحبيب وهو ما يسمّى بوزير الدفاع الحالي، وخديجة حمدي زوجة محمد عبدالعزيز، والبشير مصطفى السيد شقيق مؤسس البوليساريو مصطفى الوالي السيد، وعبدالقادر الطالب وهو من يسمى بالوزير الأول، ومحمد سيداتي ممثل البوليساريو في أوروبا”.
وسيكون على الزعيم الجديد لبوليساريو مواجهة “تركة ثقيلة” لاعترافات محمد عبدالعزيز التي قد تسرع من وتيرة عودة اللاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف إلى المغرب.
وستعصف تصريحاته بمصداقية النظام الجزائري، الذي قالت مصادر لـ”العرب” في وقت سابق إنه يواجه انقسامات حادة بعدما تم نقل ملف البوليساريو مؤخرا من المخابرات إلى قصر المرادية.
وقال الكاتب العربي، الذي نشر كتابا عن المغرب لـ”العرب” إنه “لم يكن محمّد عبدالعزيز سوى أداة في خدمة هذا المشروع الذي استهدف استخدام الصحراويين في لعبة ذهبوا ضحيتها".
وأضاف أن هؤلاء تحولوا إلى سلعة لا أكثر في هذه اللعبة التي لا أفق لها والتي تعبّر أفضل تعبير عن الأزمة العميقة التي يعاني منها النظام الجزائري الباحث في كلّ وقت عن تصدير أزماته إلى الخارج”.
وتساءل “هل أدرك محمد عبدالعزيز ذلك؟ هذا، على الأقل، ما توحي به وسائل إعلامية أسبانية قالت إن زعيم ‘بوليساريو’ اكتشف، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة في مستشفى ‘مايو كلينيك’ الأميركي، أن لا وجود لقضية اسمها قضية الصحراء. كلّ ما هناك استثمار جزائري في قضية خاسرة سلفا تعود إلى مخلفات الحرب الباردة”.