ماذا يحدث في البيت ‘‘ الأحمر ‘‘ للأمير مولاي هشام ؟ الإشارات الملتقطة أخيرا في أكثر من مناسبة تظهر انشقاقات واسعة في حاشية الأمير، في صفوف الفريق الذي تولى خوض معاركه الإعلامية والسياسية بالوكالة لسنوات . كل المعطيات تشير إلى انفراط عقد الأصدقاء القدامى واحدا تلو الآخر، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول الوضعية المالية للأمير، الممول الأساسي لكل تحركات عناصر الحرس القديم في محيط مولاي هشام .
بداية مظاهر انفراط الرفاق، انطلق مع التحول الكبير في مواقف الصحفي المغربي ( الفرنسي ) علي لمرابط الذي تخصص طويلا في رسم بورتريهات ‘‘ ملائكية ‘‘ للأمير مولاي هشام . هذا الموظف السابق في سفارة المغرب في الأرجنتين، والذي اعتدى في مناسبتين على زميل له بالعمل في بوينوس ايريس، قبل أن يعتدي على رفيقته السابقة في إحدى دور السينما هناك بعد أن ضبطها مع عشيق جديد، أصبح متخصصا في نشر التدوينات التي تختص في التفريق بين الصورة الإعلامية التي يحاول الأمير تدويلها حول شخصه، والقايد الفيودالي الذي يتلذذ بتعذيب خدمه وفراشيه في حديقته السرية .
بعد علي لمرابط، جاء الدور علي عمار ليخرج كل ما في ‘‘ شكارته ‘‘ حول مولاي هشام. الصحفي الذي كاد أن يتورط في قضية اختلاس وتزوير شهيرة في إحدى البنوك المغربية تم إخراجه منها بعفو ملكي، اصبح بدوره متخصصا في رسم الأوجه الخفية للأمير، صديق الأمس، من خلال كتابه ‘‘ مولاي هشام : الطموحات المتضخمة ‘‘ الذي اعترف فيه أنه جالس الأمير في سويسرا حول كأسي عصير ليمون . هذا الصحفي الذي اتهمه الأمير مؤخرا بأنه ‘‘ بارع في خلط الذكاء بالخديعة ‘‘، تفنن في كتاباته الأخيرة في توصيف الأمير بأنه ‘‘ شخصية تحاول أن تقدم نفسها دائما على أنها ضحية في عدة سيناريوهات محبوكة لقضايا مفبركة ليبرر منفاه الاختياري في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يسعى لتقديم نفسه على أنه بوحمارة جديد ‘‘ .
علي عمار الذي قدم روايات مفصلة حول سعي الأمير المستدام إلى تقديم العون لمواطنيه المغاربة الذين ضاقت بهم السبل في أرض المهجر، والذين التقى أغلبهم في ‘‘ بلازا اتيني ‘‘ في قلب العاصمة الفرنسية، خصص جزءا مهما في كتابه الأخير لتناول مشاريع ومقاولات وريث الأمير الراحل مولاي عبد الله ، الغامضة في جزء منها، وغير المحافظة على البيئة في جزئها الآخر .
ثم خرج أخيرا بوبكر الجامعي من خط اصطفافه الطويل إلى جانب الأمير ومشروعه السياسي المخفق ، متهما إياه بإظهار أعراض مرض ‘‘ بريما دونا ‘‘ النفسي ( اختلال تضخم الأنا ) . المدير السابق لأسبوعية لوجورنال، المتخصص السابق في انتقاد ‘‘ ملكية الاقتصاد المغربي ‘‘ دون أن يكلف نفسه عناء تقييد مستخدميه وصحافييه في صندوق الضمان الاجتماعي، تمرد فجأة على ولي نعمته السابق على أمواج إذاعة فرنسا الدولية، واصفا كتاب الأمير الأخير بالمحبط، ومتهما مضمونه بطرح إشكاليات غير سوية .
بوبكر الجامعي، الذي اعتاش صحافيوه في لوجورنال طويلا من علب شكولاته ‘‘ الماروخا ‘‘ المهربة وعلب تونة ‘‘ سيفيانا ‘‘ بينما استأثر هو لنفسه بغذاء ‘‘ بول ‘‘ المحترم جدا، كان قد امتعض من تصريحات سابقة للأمير، اعترف فيها بأنه كان مموله الرسمي بعد أزمته مع العدالة المغربية، وأنه كان سببا في إلحاقة بمجموعة تفكير ‘‘ خاصة جدا ‘‘ في أبوظبي .
ما الجديد إذن في علاقة الأمير مع أعمدته الصحفية الثلاث ؟ ما السبب في تمرد الصحفيين الثلاثة على ولي النعمة السابق ؟ هل للأمر علاقة بإفلاس الأمير الوشيك ؟
على العموم، تبدو الإجابة على السؤال الأخير بالإيجاب واضحة على لسان العديد من رجال الأعمال المغاربة الذين تابعوا باندهاش دعوة مولاي هشام في برنامج فرانس 3 ملك المغرب بتوزيع ثروته على الفقراء، بينما يعاني جلهم الأمرين مع نفس الشخص في محاولة استرداد الأموال التي أقرضوها للأمير، دون أن يستعيدوا سنتيما واحدا من أموالهم .
أولهم رجل الأعمال المتوفى مؤخرا وفي حلقه غصة لأنه لم يستوف سنتيما واحدا من أمواله بذمة الأمير، والتاجر الذي انتظر طويلا تحقيق وعود الأمير في استرداد أمواله، أو السياسي المعروف الذي فضل الصمت خوفا على استثماراته بعد أن تعب من المطالبة باستعادة ما له عند ‘‘الأمير الأحمر‘‘ ، أو صديق العائلة الذي لم يترك بابا إلا طرقه في محاولة على التأثير على مولاي هشام واستعادة أمواله .
أنها حالة ‘‘ الربيع الأندلسي الجديد ‘‘ للأمير الذي يواجه مشاكل متعددة مع الأبناك، التي أغرقها بشيكات دون رصيد، وأغرقها وعودا بسداد ما عليه فيها دون أن يقدم فعلا على هذا الأمر . وعود ظلت حبرا على ورق، حيث لم يكلف نفسه عناء المثول شخصيا أمام مجالسها الإدارية للدفاع عن وضعه المالي المستفحل، مخافة التعرض للإكراه البدني .
سيرا على هذا الإيقاع لن يكون من المستبعد أن يستنجد الأمير، بصديقه الآخر رضا بنشمسي، الذي أصبح ‘‘ شكاما ‘‘ ضد بلاده المغرب لفائدة منظمة ‘‘ هيومان رايتس واتش ‘‘ والذي وقع مؤخرا على بيان لهذه الهيئة يقصف فيه السلطات المغربية متهما إياها بالاعتداء على كرامة المواطنين المغاربة، وأيضا لفائدة الأمير الذي يسعى جاهدا هذه الأيام لجمع حاشية جديدة تسير معه في مشروعه السياسي اليائس .
تحرك رضا بنشمسي لن يكون مفاجئا في هذا الاتجاه، بالرغم من أن الرجل الذي مازال يستفيد من دعم سيده هشام، لن يتوانى على ‘‘ قلب الفيستة ‘‘ على أميره تماما كما فعل عندما باع نفسه للمنظمة الحقوقية الأمريكية، وتماما كما كان قد فعل بنفسه عندما باع نفسه قبل ذلك للباطرون السابق للديستي حميدو لعنيكري، حيث كان من أبرز المدافعين عن أسلوبه ‘‘ العنيف ‘‘ في تأديب الإسلاميين .
في انتظار تقرير جديد من المنظمة الأمريكية، لن يكون مستبعدا أيضا أن تحاول شخصيات أخرى الانفلات من مظلة هشام. مثلا شخصية كأحمد بن الصديق ستكون أول المنفرطين من هذا العقد، خصوصا إذا حال العجز المالي للأمير دون استكمال ابنه لدراسته في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة .
المحرر الصغير في غرناطة الإسبانية، الذي يوقع مواده في موقع ‘‘ ألف بوست ‘‘ لن يتردد بدوره على التخلي عن أميره، بالرغم من استفادته من شقتين وسيارة فارهة كان مولاي هشام قد وهبهم له كمقدم على خدمته . فيما أصبح لزاما على مدير ‘‘ وجهة نظر ‘‘ أن يبحث عن حل سريع، عوض انتظار مساندة مالية و ‘‘ تحمل كامل ‘‘ من الأمير لثمن علاج مرضه المستفحل .
بالمحصلة، وكما يقول المثل الإفريقي ‘‘ الذي يبحث عن ما لا يجب أن يبحث عنه، ينتهي بالعثور على ما لا يريده ‘‘، إنها حالة ‘‘ مولاهم هشام ‘‘ الذي لم يتوقف خلال ربع قرن عن التآمر ضد الملكية في المغرب ومحيطها، معددا خرجاته الإعلامية ومحاولا التشبه بمسار ‘‘ نيلسون مانديلا ‘‘ المخزني، في وقت يمكن جدا أن ينتهي ك ‘‘ بيرنار مادوف ‘‘ المغربي .
حايم زكوري – متابعة عن “لوبس”