حكيم بلمداحي
تصاعد المد الإسلاموي في منطقة ما يعرف بالربيع العربي، يدفع إلى التخوف فعلا من المستقبل في هذه البلدان. طبعا المغرب هنا ليس استثناء على اعتباره قلب «المنطقة الربيعية» بامتياز. فكل ما يجري اليوم بهذه البلدان يفيد بأن الأفكار التي أسست لهذا «الربيع» مطروحة على المحك، لكون المد الإسلاموي على طرف نقيض مع قيم الحرية والديموقراطية والمبادئ الكونية لحقوق الإنسان.
لقد انتفضت شعوب المنطقة ضد الاستبداد، وكلها طموح في أن تتنسم الحرية.وكانت الشعارات التي رفعتها في كل الشارع، مواجهة في مجمل البلدان القمع البوليسي ونيران الأنظمة الحاكمة، كانت تلك الشعارات كلها ضد الاستبداد ومع الانعتاق. لكن يظهر أن الخيار الذي وضعت نفسها فيه هو بين استبداد بوليسي مخابراتي من نوع حكم بن علي ومبارك، وبين استبداد ملتح لاهوتي . وبهذا تعيد انتاج نفس النظام الذي خرجت للشارع مطالبة برحيله.النذير جاء من تونس، مهد الربيع المتوسطي.لكن كل المؤشرات تفيد بأن الأمر لن يختلف في كل البلدان الأخرى، في مصر وليبيا والمغرب أيضا.فالأحزاب الإسلاموية تمكنت،بشكل أو بآخر، من استثمار الحراك المجتمعي، واستغلته لصالحها، ضدا على منطق الأشياء.فالقوى الديموقراطية التقدمية التي قادت هذا الحراك، فشلت لحد الآن، في أن تزحف على صناديق الاقتراع في تونس، وتتوارى للوراء في مصر،والآلة الإسلاموية، للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، تكتسح الساحة بشكل مريب يدفع إلى التخوف من مستقبل الأيام.
هل يجب أن نؤمن بقوة نتائج الاقتراع، ونستسلم لمنطق ديموقراطية الصناديق؟ هذا الأمر سيكون من مسلمات الديموقراطية الحقيقية، لولا أن الخوف كل الخوف من أن ينقلب الإسلامويون على الديموقراطية التي أوصلتهم أو ستوصلهم إلى الحكم، كما هي عادتهم دائما.هذه العادة التي قد تدفعهم إلى القفز على النهج الديموقراطي الذي هو في الأساس إيمان مبدئي بقيم الديموقراطية في شموليتها، وليس في حشد الناس في الشارع وحصد النتائج في الصناديق. فالديموقراطية هي منظومة من القيم لا يمكن تجزيئها. والانتقاء فيها،باسم الدين أوالخصوصية أو مسميات أخرى،عادة دأب عليها هؤلاء . ولولا ذلك،ولو كانوا يؤمنون بالقيم الديموقراطية حقا، لصفقنا لـ«انتصارهم» تصفيقا ديموقراطيا.