هناك قولة تنسب لفرانكلين روزفلت أحد رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية في حق ديكتاتور نيكاراغوا أناستاسيو سوموزا مضمونها « إنه -يقصد سوموزا- ابن كلبة لكنه ابن كلبة تتبعنا».
هذه القولة تلخص سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية المبنية على المصالح ولو يكون الأمر على حساب شعوب في مواجهة أبشع الأنظمة تسلطا واستبدادا. قد يكون النظام ابن كلبة يتبع أمريكا فتدعمه وتغض عنه الطرف كما الحال بالنسبة لسوموزا الذي اقترف جرائم لا توصف في بلده.
مناسبة هذا الكلام هو رد فعل الحكومة المغربية على تقرير الخارجية الأمريكية في موضوع حقوق الإنسان في المملكة. إن الولايات المتحدة الأمريكية دائما تعطي لمصلحتها الأولوية ولو على حساب الحقوق والقوانين والقيم الكونية. بالتالي فإن خلطها للسياسي بما هو حقوقي يفقد تقاريرها المصداقية. كما أن التقارير التي تصدرها الخارجية الأمريكية بهذا الصدد تعتمد على عملية تركيبية لما يروج وليس على تحقيق حقوقي مهني.
لكن دعونا من الولايات المتحدة وتقاريرها ومصالحها ولنقم بوقفة نعتبرها الأساس وهي التي ستكون أحسن رد على كل التقارير سواء الموضوعية منها أو المخدومة والموجهة.
لننطلق بداية من كون المغرب قطع أشواطا مهمة في مجال احترام حقوق الإنسان، وتجربة العدالة الإنتقالية من التميز بمكان مما يجعلها نموذجا مهما في المنطقة برمتها. كما أن المغرب يسير في اتجاه تحسين أوضاعه على مستوى القوانين والحقوق والتنمية الإقتصادية والإجتماعي…
إلا أنه لا يمكن إنكار مجموعة من التحديات يواجهها البلد في هذا المستوى خصوصا في ما يتعلق ببطء وثيرة إنهاء بناية العدالة الإنتقالية والدخول إلى صرح دولة الحق والقانون والديموقراطية ودولة المؤسسات.
إن أنجع رد على تجني التقرير الأمريكي وانحيازه وغياب مصداقيته هو العمل على اكتمال ورش العدالة الإنتقالية وسن إطارات تحصينه وجعله نموذجا يستحق نعث الإستثناء.
لا أنتقد هنا رد فعل الحكومة المغربية اتجاه تقرير الخارجية الأمريكية والخطوات الديبلوماسية المتبعة. كما لابد من الإشارة إلى أن عدة حالات شخصها التقرير المذكور كانت محط تقارير من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان وتبين عدم صحتها. لكن كل هذا لاينفي ضرورة العمل بشكل أكبر من أجل رفع تحديات مازال المغرب يواجهها في مجال حقوق الإنسان.
لابد من بدل مجهودات كبيرة لمواجهة كل التحديات القانونية والثقافية من أجل بلوغ مرتبة دولة الحق والقانون.
*عدالتنا يجب أن تتوفر على كل الشروط التي تجعلها سلطة حقيقية تضمن حقوق كل المتقاضين على قدم المساواة.
*قوانينا يجب أن تتلاءم مع التزامات المغرب الدولية وتقوم على أساس يضمن الحقوق والحريات بالنجاعة المطلوبة.
*العلاقات المجتمعية يجب أن تقوم على قاعدة المساواة وحرية المبادرة وتكافؤ الفرص.
*الولوج إلى الحقوق يجب أن ينسلخ عن التعقيد ويقوم على الوضوح والبساطة والتمكين.
*الخدمة العمومية يجب أن تكون حقا متاحا لكل فئات المجتمع وأن تتميز بالجودة المطلوبة.
هي جملة من الأمور لابد من بدل مجهودات كبيرة من أن أجل تحقيقها على أرض الواقع وتيسير شروط جعلها في مستوى يضمن للمواطنين الكرامة والعيش الكريم.
لابد من الإقرار أيضا أن الخطاب الرسمي المنسجم مع قواعد دولة الحقوق والقانون والمؤسسات يجب أن تتبعه أجرأة على أرض الواقع بخلق بنيات هذا التنفيذ بشكل سليم.
هذا هو الرد الذي يجب أن تقابل به التقارير سواء تلك المخدومة والخاضعة إلى أجندة محددة،أو التقارير القائمة على قواعد التحقيق الحقوقي المهني.
حكيم بلمداحي