يَسْخر الفرنسيون من الأمريكيين الذين لم يقرؤوا كتاب "الديمقراطية في أمريكا"، الذي ألفه القاضي وعالم الاجتماع الفرنسي ألكسيس دي تُوكفيل، عَقب رحلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة نظام السجون خلال القرن التاسع عشر الميلادي، لأنه كتاب ينبش في نشأة المجتمع الأمريكي، ويعود إلى نقطة بدايته.
من حق المَغاربة أيضا، السخرية من الأمريكيين الذين لم يَقْرؤوا ما كتبه أحفاد ابن بطوطة الذين سنحت لهم الفرصة لزيارة بلاد العم سام، وسجلوا يومياتهم التي تندرج ضمن أدب الرحلة، ومن ذلك الكتاب الصادر حديثا للباحثة المَغربية في الحضارة القديمة، رتيبة ركلمة، بعُنوان "حوار الحضارات بالولايات المتحدة الأمريكية.. يوميات مغربية لاكْتشاف أمريكا من جديد".
*****
على امتداد ثمانية فُصُول، تَتَقاسم معنا المؤلفة لحظات تماسها الحضاري مع حضارة رعاة البقر، تصحبنا معها في رحلة ممتعة منذ تلقيها -وهي منهمكة في عملها بدار الثقافة محمد حجي بسلا الجديدة صبيحة أحد أيام أكتوبر 2007- مكالمة هاتفية من سيدة تَشْتغل بالسفارة الولايات المتحدة الأمريكية في الرباط، ومرورا بزيارة القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء، وحصولها على التأشيرة، إلى رحلة السفر إلى بلاد العم سَام، ونزولها في واشنطن العاصمة، ثم عودتها إلى أرض الوطن من مطار نيويورك.
تحكي المؤلفة كيف أن زيارتها للولايات المتحدة الأمريكية، تندرج في إطار اختيارها زائرة دولية ضمن برنامج الفنون الاستعراضية في المجتمع الأمريكي، حيث كانت مخيرة بينه وبين برنامج النساء القياديات، غير أنها اختارت هذا البرنامج ترجيحا لمهنتها على جنسها، حيث تشتغل مُديرة لمُؤسسة ثقافية تابعة لوزارة الثقافة، وهي بذَلك تُقدم صورة جيدة عن المرأة التي لا تحتاج إلى مُقاربة النوع لكي تَفْرض نَفْسها في مجال اشتغالها، بقدر ما أن المرأة التي تملك مؤهلات في حَاجة إلى فَضاءات لــــ"تفجير" طاقاتها، وصقل مواهبها.
لعل وجود مؤلفة الكتاب، رفقة امرأة أخرى من مصر، ضمن المجموعة المشاركة في "برنامج الفنون الاستعراضية في المجتمع الأمْريكي"، إلى جانب زملاء من اليمن وسوريا والبحرين وقطر، دليل على وجود صنف من النساء لديهن كفاءات في مجال اشتغالهن، ولسن في حاجة إلى برامج "خاصة"، لتأهيلهن للقيادة السياسية، فهن مخلصات لعملهن الذي يتفوقن فيه على زملاءهن.
*****
لنترك هذا النقاش ولنتابع رحلة هَذه المَجموعة التي رافقتها مترجمة تونسية ومُترجم عرَاقي، يقيمان في أمريكا، ويساعدان المجموعة على اكتشاف هذه القارة العجيبة، ومعها يكتشف كل فرد من المجموعة الآخر طيلة فترة البرنامج الممتدة من 14 أبْريل إلى 3 ماي 2008.
هَل العرب والمُسْلمين في حاجة إلى مثل هذه الرحلة إلى أمريكا لـــ"يتعارفوا" ويكتشفوا بعضهم من جديد ؟
بكل تأكيد، يجد القارئ عناصر الأجوبة عن هذا السؤال الذي ينتصب واقفا مثل النصب التذكارية الموزعة في متاحف أمريكا ومؤسساتها التعليمية والسياسية، وساحاتها العمومية، التي عبر "جميع أفراد المجموعة عن انبهارهم وعن يقينهم بعظمة الولايات المتحدة الأمريكية"، وهنا تتذكر المؤلفة، ومعها باقي أفراد المجموعة، "وضعية متاحفنا التي تضم تحفا فنية وتاريخية مهمة لكنها غير مُستثمرة لا من الناحية العلمية أو الفنية".
وتتواصل في صفحات الكتاب مثل هذه المونولوجات، والنقاشات بين أفراد المجموعة عقب زيارتهم لمؤسسة أمريكية، فعند زيارة مدرسة يتم فيها استخدام الرقص كأداة لإحداث التغيير الايجابي لدى التلاميذ، من خلال مجموعة أطلقوا عليها اسم "القردة الأقوياء"، تحكي المؤلفة ما جرى بقولها "في طريق العودة، ناقشت مجموعتنا مع المترجمين النظام التعليمي بالدول العربية فاتفقنا جميعنا على إرهاق نظامنا التعليمي للطلاب بالامتحانات والمقررات الطويلة وعدم اهتمامه بالأنشطة المدرسية التي تبرز المواهب لدى المتمدرسين".
وهكذا، لايفارق الشعور بالأسى هؤلاء الزوار الدوليين، وتأكل الحسرة قلوبهم بعدما يقارنوا ما شاهدوه وما تتوفر عليه بُلْدانهم من كُنوز ثمينة، فقط تحتاج إلى عقول وإرادات تستثمرها، وكأني بهم يطرحون السؤال الشهير لشكيب أرسلان : لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم ؟
*****
ولعل أطْراف الحَديث التي تجاذبها أفراد المَجموعة فيما بينهم، تعمق هذا الجرح، سيما عندما تتحدث المُشاركة المصرية عن واقع بلدها المرير حيث الديكتاتورية والظلم، وما فتئت تسخر من الرئيس المخلوع حسني مبارك، وترى أن المشكل الرئيسي الذي تعيشه مصر يعود لتفشي الفساد لدرجة أصبح الإنسان لا يمكن أن يقضي أي مصلحة دون واسطة أو دفع رشاوي، كما تغيب الديمقراطية، تنقل المؤلفة على لسان زميلتها المصرية "بشكل مطلق، ولا يبدو أن هناك تغيير في المستقبل الصورة جد قاتمة والرئيس مبارك لا يسعى إلى أي تغيير لأنه يريد توريث ابنه الحكم"، بدورها مؤلفة الكتاب، تنتقد الوضع في المغرب إذ ترى أن "مشكلة المغرب في التعليم، فمازال حوالي 47 بالمائة من المغاربة أميون لا يعرفون الكتابة والقراءة، ما يجعلهم يجهلون حقوقهم وواجباتهم، فيكونوا ضحية الفساد والرشوة والزبونية والمحسوبية".
أما الزائر اليمني، فقد عزى المشاكل التي يعيشها بلده في العادات والتقاليد البائدة المسيطرة على عقلية اليمنيين مما يجعلهم بعيدين عن أي تطور أو تقدم، ويلعب "القات" دورا مهما في تخلفهم لأنهم يقضون ساعات مهمة في مضغه ويخلدون للراحة أكثر مما يعملون، أما الزائر القطري، فقد كان متحفظا، مثل البحريني، الذي يرى أن سبب العداوة التي تبديها بعض الدول لقطر بسبب قناة الجزيرة.
خلال هذه الحوارات، بدت الزائرة المصرية، أكثر جرأة في انتقاد ما يجري ببلادها، رغم أن عيبها هو التأخر عن موعد انطلاق المجموعة، ولهذا كان المترجم العراقي يعاتبها من حين لآخر، ولعل مؤلفة الكتاب أخفت بعض العيوب الأخرى لكي لا تفضح زميلتها..ولهذا فضلت عدم ذكر أسماء أفراد المجموعة، والاقتصار على جنسياتهم فقط.
*****
هذه الحوارات، حملت إرهاصات الربيع العربي، حيث كانت الأحاديث بين شباب من العالم العربي والإسلامي، تمثل سخطا من الواقع الذي يعيشونه، في مقارنة مع الآخر، وما مدى تدخله في شؤونهم، لنقرأ هذه الفقرة "رجعنا إلى الفندق مشيا على الأقدام لأن منزل السيد غراهام غير بعيد عنه، وفي الطريق بدأنا نتحدث عن الشعب الأمريكي ذي الحياة الكريمة والمتمتع بالاحترام والحرية الفردية التي تحترم الجماعة لتذوب بداخلها، كان جميع أفراد المجموعة متأثرين بما أخذناه في الصباح بمحاضرة السيد أكرم الياس وما عايناه بمركز أطلس الذي يشتغل من أجل تفعيل سياسة القرب الثقافي، وأضاف الزميل السوري بأنه لا علاقة للشعب الأمريكي بسياسته الخارجية الأمريكية وحربها في العراق وأفغانستان، فعلقت بالقول بأن أمريكا لايمكنها أن تعاني من أي حرب لأنها بعيدة جغرافيا عن باقي الدول، ولايمكن أن تكون هناك حرب أهلية لأن الأمريكيين تجاوزوا هذه المرحلة، فتوصلوا إلى حقيقة أصبحت راسخة لديهم بأن الاتحاد واحترام الآخر والعمل وضمان الحقوق والحريات والواجبات هي دعائم استقرار الدولة والسير بها نحو الرقي، ثم تدخلت الزميلة المصرية بالقول "إن الأمريكيين قتلوا العراقيين"، فرد عليها المترجم العراقي بأن الذنب ليس ذنب الشعب الأمريكي أو المارينز الأمريكي أو السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي جورج بوش الابن ولا الشعب الأمريكي، بل إنها ديكتاتورية الحكم بالعراق التي أوصلت هذا البلد إلى هذا المستوى المنحط بعد حضارة عريقة أعطت الشيء الكثير للحضارة الإنسانية، لم يحبذ الزميل القطري هذا الكلام، ودخل مع المترجم العراقي في نقاش حول الحرب بالعراق والرئيس العراقي صدام حسين، غير أن المترجم العراقي أشار بأننا أناس عاديين وبأن الشعوب هي من تدفع الثمن أي الشعبين العراقي والأمريكي، وأعطى المثال التالي "عندما تتصارع الفيلة فالعشب الذي يوجد بالأسفل هو الذي يسحق"، مؤلفة الكتاب أعجبتها هذه المقولة، فطلبت من المترجم العراقي أن يكررها لها.
*****
في الكتاب حديث مستفيض عن الدور الذي يقوم به المجتمع المدني في دعم الحملات الانتخابية، وتذكرنا المؤلفة كعادتها في مجموعة من فقرات كتابها، حيث تسوق للقارئ معلومات مهمة عن الولايات المتحدة الأمريكية، مثل حديثها عن "دعم أكبر جمعية نسائية بالولايات المتحدة الأمريكية لباراك أوباما مقابل دعمه للقضايا النسائية طريقة تفاوض خاصة وشراء بديع وفريد لأصوات الناخبين، كما أن الشعب الأمريكي يتكتل داخل منظمات غير حكومية وجمعيات يقدر عددها بأزيد من مليون وثمانين ألف جمعية بمجموعة الولايات المتحدة الأمريكية هدفها ضمان العش الكريم للأمريكيين والدفاع عن حرية الأفراد المنتمين لها"، وهذا يوحي بأن صاحبة الكتاب مطلعة بشكل جيد على بعض المعلومات عن هذه القارة، ولهذا أخبرتنا في العنوان الفرعي للكتاب بأنها هذه اليوميات تكتشف من خلالها بلاد العم سام من جديد، ولعل عملية إعادة الاكتشاف هواية للمؤلفة، مع وجود مفاجئات مع هذا الاكتشاف، فلنقرأ كيف اكتشفت من جديد غرفة الفندق "عند دخولي للغرفة بدأت اكتشافها بشكل أكبر، فأعجبتني تجهيزاتها المميزة التي تدل على ذوق فني عال في الأثاث بالفنادق الأمريكية، لكن أهم ما استرعى انتباهي هو وجود الإنجيل بدرج المكتب".
وهي الغرفة التي كانت تخبرنا بأنها تؤدي فيها صلاتها عند نهاية كل يوم قبل الخلود إلى نوم عميق استعدادا ليوم مهني طويل وشاق، لاكتشاف أشياء جديدة، وتفادي التأخر مثل صديقتها المصرية عن المواعيد، فكل شيء مضبوط ودقيق بالولايات المتحدة الأمريكية خصوصا الوقت، فهي ملتزمة بالوقت "نبهنا المترجم العراقي إلى ضرورة احترام الوقت بالمواعيد المهنية لأن هناك أشخاصا في استقبالنا، وسنأخذ من وقتهم الثمين ولا يمكنهم انتظارنا عند تأخرنا".
من الصور الجميلة المبثوثة في الكتاب، نقرأ ما يلي "في بداية تجولنا بالحافلة أحسست وكأنني بحديقة كبيرة بها مباني وليس مدينة بها حدائق من كثرة الحدائق العمومية بواشنطن العاصمة، كما ذكرتني بمعمار وسط مدينة باريس".
*****
ثم تحكي المؤلفة، كيف بدأت الجولة السياحية من مسجد تم بناؤه سنة 1956 عقب وفاة السفير التركي بواشنطن، فعندما "لم تجد الجالية المسلمة مكانا لإقامة صلاة الجنازة اتفقت مجموعة من الدول العربية والمسلمة كالسعودية وايران على بناء هذا المسجد الذي يتميز بزخارف متنوعة، تظهر أنه بني من قبل مهندسين ذوي خبرات معمارية متنوعة، واليوم تتوفر واشنطن على ما يناهز 150 مسجدا أو فضاء للصلاة خاص بالمسلمين،، علق السوري قائلا "والله كثر خير هذا السفير الذي لولاه لما بني هذا المسجد وباقي المساجد بواشطن"، ولعل هذه العبارة كانت كافية لتذويب المعاملة الرسمية من هؤلاء الزوار الدوليين
بعد زيارة المسجد، انتقلت المجموعة إلى مقر السفارة البريطانية التي تتخذ مساحة شاسعة، وبوجود تمثال رئيس وزرائها تشرشل الذي يمد رجلا إلى الأمام، في اتجاه بريطانيا، والثانية في اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية، كرمز للصداقة التي تربط بين البلدين"، ثم الوقوف أمام النصب التذكاري للكاتب اللبناني الكبير جبران خليل جبران "الذي يحترمه الأمريكيون ويعتبرونه كأحد كتابهم المشهورين، وطبعا كان أول تعليق صادر من الزائرة المصرية التي نقلت عنها المؤلفة قولها "بأن هذه الدولة تقدر العلماء عكس دولنا العربية"
لنتابع الرحلة الممتعة، ونصل مع المجموعة إلى مبنى الكونغرس الأمريكي، حيث يوجد نصب تمثال امرأة تنظر نحو الشرق، فضول المصرية مرة أخرى دفعها لطرح السؤال لماذا تنظر هذه السيدة إلى الشرق بالضبط ؟ ليرد عليها المرشد قائلا "الأمريكيون يؤمنون بأن أصل الحضارة من الشرق مولد الشمس"، فلم تدع الفرصة تمر لتعلق ضاحكة "إن هذه المرأة عينها على خيرات الشرق".
*****
طبعا، مثل هذه الأماكن الجميلة يتمنى كل واحد منا أن يصطحب إليها بعض أقاربه، وهي الأمنية التي راودت صاحبة الكتاب عند وصولها إلى مبنى البيت الأبيض، إذ لم تخف بأن يكون برفقتها والدها الذي يرى هذا المبنى يوميا في نشرات الأخبار، أمام نفس المبنى عبر أفراد المجموعة عن إعجابهم بتنظيم مواطن أمريكي يجلس على كرسي متحرك وأمامه لافتات مكتوب عليها عبارات تسب سياسة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن وتلعن مشاركته في الحرب ضد العراق، وطبعا مثل هذا المشهد لا يمكن أن يمر دون أن تصدر عن أحد هؤلاء العرب الزائرين عبارات للتعليق على هذه الفسحة من الحرية، متحسرين على وجود حراسة مشددة على منازل الحكام العرب
عند الوقوف عند النصب التذكاري لأبراهام لنكولن، كان لابد أن تدقق صاحبة الكتاب في مثل هذه الأشياء، فهي خريجة معهد الآثار، لنسمعها تقول "من أهم ما استرعى انتباهي بهذا النصب التذكاري طريقة نحت تمثال بشكل اعتباطي فشعر رأسه الخلفي ما هو سوى وجه الجنرال روبير ليي الذي كان في صراع دائم معه، ويقول مثل أمريكي في معناه أن الشخص الذي يكون سبب تعاستك يكون دائماً خلف رأسك لأنك كثيرا ما تفكر فيه، كما أن يد لنكولن اليمنى لها شكل الحرف اللاتيني A، واليسرى على شكل حرف L، وهما حرفي اسم لنكولن بلغة الصم، وتدل حركتي رجليه على علاقته بالشمال والجنوب الأمريكيين، إذ نرى رجله اليمنى ممدودة ومرتاحة في حين اليسرى مشدودة، تظهر علاقته المتوترة مع الجنوب الذي رفض سياسته في محاربة الرق".
*****
أثناء مرورها بأحد ممرات مركز كينيدي، لفت انتباهها تمثالا من البرونز لرأس الرئيس الأمريكي جون كينيدي، الذي نحته روبيت بيركس بشكل مشوه وغير مصقول، والسبب وفق إفادة السيدة المرافقة أن هذا الأمر كان مقصودا لأن الذين عاصروه لم يفهموا مغزى قراراته المصيرية التي اتخذها في تاريخ الشعب الأمريكي بل تم اغتياله.
تقول المؤلفة "استرعى انتباهي كذلك بمركز كينيدي السيدة التي رافقتنا فهي متطوعة ومدعمة للمركز، تحس من خلال شروحاتها أنها مؤمنة بعملها ومتفانية فيه، مما يعبر بجلاء أن نجاح أي مشروع مرتبط أساسا بالعمل الجاد والمضني للمسؤولين عنه".
سيدة أخرى اسمها جوزفين في مدينة روشيستر، لا تتوانى في سؤال أفراد المجموعة، عن كل صغيرة وكبيرة من قبيل : هل تحسون بالبرد ؟ هل يلزمكم اي شيء ؟ ماذا تنوون القيام به بعد الزيارة ؟
في الوقت الحر، بينما يقضيه بعض أفراد المجموعة في التسوق ومتابعة العروض الموسيقية، تسأل رتيبة ركلمة، عن المتاحف، ففي واشنطن تسأل المترجم العراقي عن الطريق المؤدي إلى متاحف سميثسونيان، التي تضم متحف التاريخ الطبيعي ومتحف التاريخ الأمريكي، ومتحف الفن الحديث، ومتحف الطوابع البريدية، لينبهر المُترجم العراقي بذلك "أنا كذلك من المعجبين بزيارة المَتاحف ويمكنني مساعدتك".
تزور المجموعة، أيضا مقر واشنطن للفنون الاستعراضية، ومركز كيندي للفنون الاستعراضية، الذي يستضيف سنويا ما يقرب من 2000 عرض فني، كما يقدم يوميا عرضا موسيقيا، حيث يقول الأمريكيون "هناك شيء ما في مركز كينيدي".
*****
إلى جانب المتاحف والمؤسسات الثقافية، تحرص المؤلفة أيضا، على الاستيقاظ باكرا لزيارة تمثال الحرية، ومتاجر نيويورك العالمية، وناطحات السحاب، غير أن رتيبة ركلمة، تتحول طيلة هذه الزيارة إلى "نباتية"، فهي كما تقول عَلى نفسها "كلما سافرت إلى بلد لا يتوفر على لحوم بيضاء أوحمراء مذبوحة بطريقة إسلامية".
في جَميع النقاشات حول الوضع الديمقراطي في البلدان العربية، تتيقن المؤلفة بأن "المغرب ودون فخر هو الدولة الأكثر ديمقراطية وشفافية من بين الدول العربية"، مُستدركة "لكن لا يعني ذلك أننا نعيش ديمقراطية فرنسا أو بريطانيا أو الولايات المُتحدة الأمريكية".
كتاب "يوميات مغربية تكتشف أمْريكا من جديد"، لرتيبة ركلمة، يَكْشف عن الوَجه الآخر للولايات المتحدة الأمريكية، وينضاف إلى المكتبة المغربية، إلى جانب ما سجله مغاربة من مذكرات خلال زيارتهم لهذا الجزء من الكرة الأرضية، ومنهم الراحل علي بركاش، في كتابه "قصتي مع العم سام"، الذي أعده الصحفي عمر الدركولي، والكتاب الذي كتبه بالفرنسية يوسف أمين العلمي بعنوان "مغربي في نيويورك"، ورسالة واشنطن التي كانت تكتبها أسبوعيا الصديقة الصحفية فدوى مساط في يومية "المساء"، وما حكاه البرلماني المقرئ الإدريسي أبو في زيد في محاضرة بعُنوان "عائد من أمريكا".
*****
في صفحات "الكتاب" ما يخدم الكثير قَضَايانا الوطنية والعربية والإسلامية، ويكفيه أنه يحاول التمييز بين السياسة الخارجية التي تُمَارسها الإدارة الأمريكية وأجهزتها، وبين الشعب الأمريكي ومُجتمعه المدني النشيط جدا، والذي بإمكان بعض بني جلدتنا الذين يُسَافرون إلى هناك، أن يقدموا صورة مشرقة عن المَغاربة الذين يتوقون للمعرفة والتعريف بقضاياهم، مثل الزائرة الدولية الدكتورة رتيبة ركلمة، التي حَرصت على تدوين يومياتها في كتاب متوسط الحجم يجمع بين المتعة والفائدة، لنتعرف على "أمريكا الأخرى..".