انتقد الباحث حسن أوريد أداء الدبلوماسية المغربية في تعاطيها مع مستجدات القضية الوطنية، داعيا إلى التحلي بالحكمة والجرأة والذكاء في التعامل مع الأمم المتحدة، عوض أسلوب الانفعال والتشنج وردود الفعل .
ودعا الباحث، خلال ندوة حول مستجدات القضية، نظمها مركز أجيال 21 للثقافة والمواطنة بالمحمدية، أول أمس الخميس، إلى تغيير الخطاب، في التعاطي مع التحولات العميقة في السياسة الدولية وبالضبط السياسة الأمريكية، باعتبارها القوة الأساسية في الأمم المتحدة .
ويرى أوريد، بخلاف العديد من الخطابات التي سارت في اتجاه محاسبة موقف أمريكا في مجلس الأمن، واتهامها بتغيير موقفها من القضية، أن مراكز القرار داخل الولايات المتحدة متعددة، وتختلف حسب تقديرات الأشخاص والإدارات والمصالح أيضا، موضحا أن أمريكا دولة ديمقراطية، وتدرك جيدا الأهمية الإستراتيجية للمغرب ودوره الأساسي في الاستقرار، ولا يمكن أن تعبث بمصالحها في المنطقة .
وحمل الباحث والمختص في العلاقات الدولية، المسؤولية في التوتر الأخير إلى نوعية الخطاب الرسمي، وأداء الدبلوماسية، مشيرا إلى ضرورة اختيار المقاربات والمكلفين بمخاطبة الإدارة الأمريكية ومختلف مراكز القرار بها، منتقدا أداء اللوبيات التي تتكلف بالدفاع عن مصالح المغرب في أمريكا، ومحدودية عملها .
كما وجه الباحث انتقادا لموقف الدبلوماسية الرسمية، وخطابها الذي أبان عن فشله في مواجهة أطروحات خصوم الوحدة الترابية في المؤسسات الدولية وفي العواصم الغربية، مذكرا بالأزمة مع السويد، والتي كشفت فشل الخطاب الرسمي، في الوقت الذي حمل وفد الأحزاب الاشتراكية بقيادة نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد خطابا مغايرا حول القضية، اعتبره المسؤولون والأحزاب ومراكز الدراسات في السويد خطابا يتمتع بالمصداقية، وكان له اثر في تراجع السويد عن قرار الاعتراف بجمهورية الوهم .
وتساءل أوريد بشأن موقع المغرب في المقاربة الأمريكية تجاه بلدان الخليج، مذكرا بانتقادات باراك أوباما السعودية وسعيه إلى إيجاد حلول للأزمة مع إيران، واعتباره أن كل الاستثمارات الأمريكية في الشرق الأوسط لم تكن مجدية.
وأوضح أوريد أن المغرب ليس دولة بترولية، ولا يتبنى إيديولوجيا متشددة تدعو إلى العنف مثل الفكر الوهابي، ويعيش تجربة ديمقراطية ومناخ الحريات وحقوق الإنسان، لا تعيشها بلدان الخليج .
هذه اللغة النقدية، التي اختارها أوريد للحديث عن مستجدات قضية الصحراء، هي اللغة التي يجب أن يتحدث بها « المثقفون والفاعلون السياسيون، بعيدا عما أسماه استنساخا للصدى الرسمي، فقضية الصحراء يجب أن تكون عامل وصل وليس فصل « في المنطقة المغاربية، داعيا إلى بذل المزيد من الجهود من أجل التفاعل مع الجيران في الجزائر وموريتانيا، ومع سكان الصحراء سواء في الأقاليم الجنوبية أو في المخيمات، باعتبار أن هناك أبناء وإخوة وأسر مغربية في مخيمات تندوف، ويجب مواصلة الجهود من أجل التوصل إلى حل .
ودعا أوريد إلى إيجاد قنوات أخرى لنقاش قضية الصحراء داخل البلدان المغاربية، وخاصة الجزائر، فلا حل بدون جزائر، معتبرا أن قضية الصحراء هي تمظهر لصراع قديم بين البلدين الجارين، مراهنا على مبادرات القوى السياسية والمدنية والمثقفين في فتح هذه القنوات بكل حرية، بعيدا عن إكراهات الرسمية .
كما ركز أوريد على موقع موريتانيا في الحل، مؤكدا على أهمية إعطاء مدلول للعلاقات الإستراتيجية مع هذا البلد الشقيق، من خلال تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والثقافي، عوض الاقتصار على الأمن فقط، لأن هناك وشائج تاريخية واجتماعية عميقة ستساهم إيجابا في الحل .
وأكد أوريد أن من حق المغرب مؤاخذة الأمم المتحدة، لأنها حادت عن الحياد، ومن حقه التأكيد بالحجة والدليل أن موظفيها أصبحوا جزءا من المشكل وليس الحل، لكن كل ذلك يجب أن يتم بذكاء وحكمة .
ولم يفت الباحث والمختص في العلاقات الدولية، توجيه سهام النقد إلى المجلس الاستشاري الملكي للشؤون الصحراوية، متسائلا عن الدور الذي يقوم به هذا المجلس، مؤكدا أن الدولة فشلت في إدماج الملتحقين من مخيمات تندوف، داعيا إلى الاستفادة من إخوة عادوا إلى أرض الوطن، بقناعة، ويتمتعون برصيد ومصداقية .
وأكد أوريد أن هناك أخطارا محدقة بالمنطقة المغاربية برمتها، مجددا التأكيد على مواصلة البحث عن الحل السلمي للنزاع، لتفادي مخاطر الانهيار التي تساهم العديد من الخطابات غير المسؤولة في إذكائها.