خلال الدورة الإستثنائية لمجلس جهة بني ملال خنيفرة التي انعقدت بمركز التكوينات والندوات بازيلال بتاريخ 10 ماي الجاري، تفاجأ واندهش الرأي العام المحلي بإقليم أزيلال من فريق حزب العدالة والتنمية لما صدر منه من تصريحات وردود فعل تعود بنا الى الوراء. ففي الوقت الذي أتى برنامج هذه الدورة بحمولة ثقيلة من المشاريع التي ستستفيد منها جهة بني ملال خنيفرة، والذي تم إعداده وفق مخطط تنموي يراعي الأولويات والخصوصيات المجالية، وتكريسا لمبدأ التضامن والتكامل بين الأقاليم المكونة للجهة، جاء موقف فريق العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة صادما ويكشف بالملموس زيف الشعارات التي تكسرت أمام شموخ الأطلس، عند انتقاد أحد أعضاء هذا الفريق ما أسماه تواضع قاعة مركز الملتقيات والندوات بأزيلال التي احتضنت هذا الاجتماع رغم شساعتها وجماليتها، بعيدا كل البعد عن الصورة المثالية ومبدأ الكفاف والعفاف التي يسوقها رموز الحزب عن أنفسهم، أمام الشاشات وفي الحملات الانتخابية، ومحاولتهم إقناع المواطنين بتواضعهم بالجلوس مع الفقراء على الحصائر وأكل " البيصارة " معهم حتى لا ينفضوا من حولهم.
والمفارقة الغريبة والعجيبة، أن تدخلات فريق حزب العدالة والتنمية قد اتسمت طيلة أطوار هذا اللقاء بالإنفعال والإندفاع بعيدا عن الرزانة والحوار البناء والهادف، خاصة أثناء مناقشة البند التاسع من جدول أعمال هذا الاجتماع المتعلق بالمصادقة على اتفاقيات الشراكة، منتقدين المشاريع التنموية المبرمجة من طرف المجلس لفائدة إقليم أزيلال مما يعكس غياب تصور شمولي لدى هذا الفريق حول اختصاصات الجهة الموسعة ودورها كرافعة للتنمية وتجاوز العجز و الإختلالات المجالية بين الأقاليم المكونة للجهة، خاصة في مجال البنيات والتجهيزات الأساسية كالطرق والماء والكهرباء، والولوج الى المرافق الاجتماعية كالصحة والتعليم ، حيث سجل المتتبعون والفاعلون السياسيون والجمعويون المحليون تدني مستوى الخطاب السياسي لهذا الفريق، الذي كان متناقضا ومغلفا بالنفعية المفرطة وإصراره على تكريس سياسة المغرب النافع وغير النافع، من خلال تدخلاته قصد إجهاض المصادقة على استفادة إقليم أزيلال الجبلي بامتياز من حصته في المشاريع التنموية، ضاربا بعرض الحائط كل الشعارات والمواقف التي عبر عنها في أكثر من مناسبة، بكون الحزب جاء لتصحيح الإختلالات وتقليص الفوارق الاجتماعية من خلال تبني سياسة العدالة الاجتماعية وتحقيق التنمية الشاملة والمندمجة بالمناطق الفقيرة التي تعاني من الهشاشة.
كما سجل المحللون والمتتبعون المحليون باستغراب شديد السجال الذي قاده فريق حزب العدالة و التنمية مع حلفائه من حزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، الذين كانوا يدافعون بشراسة على مبدأ التضامن والتكامل بين مكونات الجهة، ومراعاة الأولويات الاقتصادية والإجتماعية وخصوصيات ساكنة المناطق الجبلية التي تعاني من الفقر والهشاشة والتفاوت البنيوي بين المناطق في الإستفادة من المشاريع التنموية. في حين كان فريق حزب العدالة والتنمية يسبح ضد التيار، الشيء الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول الإنسجام بين الفرقاء السياسيين داخل الأغلبية الحكومية التي يقودها حزب العدالة والتنمية، وسعي أعضاء فريقه بالجهة الى عرقلة المخططات التنموية التي تراهن عليها الجهة للإقلاع الاقتصادي والإجتماعي وتحقيق طموحات وتطلعات ساكنة هذه الجهة.
وقد أثار انتباه الحاضرين، تدخل السيد محمد أهنين رئيس فريق حزب التجمع الوطني للأحرار بحضيرة المجلس الذي قوبل بالتصفيق، حيث استفزه تصرف فريق حزب العدالة والتنمية الذي حاول عرقلة المشاريع الموجهة لإقليم ازيلال، منبها إياهم بأن إقليم ازيلال الجبلي الذي يتكون من 44 جماعة محروم من كل شيء، فهو لا يتوفر على الطريق السيار والمطارات والجامعات ويعاني من العجز في التجهيزات والبنيات التحتية الاساسية، ولازال سكانه يقطعون المسافات الطويلة على الدواب لجلب الماء الشروب، ومن العيب والعار الحديث عن إقليم أزيلال، فهو يستحق التضامن والحنان والعطف، وهو الإقليم الوحيد في الجهة الذي لازال قبلة للقوافل الطبية والإنسانية التي تقوم على طول السنة وخاصة خلال موجة البرد بتوزيع المساعدات الغذائية على الفقراء بالمناطق النائية والمعزولة، مستغربا تناقض وازدواجية فريق حزب العدالة والتنمية، الذي في الاصل يستغل هذه القوافل من خلال إنخراط بعض الجمعيات الموالية له في تنظيم هذه القوافل، ومتسائلا هل من شيم الإسلام والإيمان ومكارم الاخلاق ان يظل إقليم ازيلال رهين المساعدات الإنسانية؟، عوض إستفادة ساكنته من حصتهم المشروعة من المشاريع التنموية ذات الأولوية القصوى، ومن المطالب الملحة للساكنة..
وخلاصة القول، فإن الخيار الإستراتيجي الذي راهن عليه المغرب من خلال مشروع الجهوية الموسعة لا يمكن إنجاحه بازدواجية الخطاب ونهج سياسة التمكين في المدن وتهميش المناطق الجبلية والقروية، وإنما بتظافر جهود الجميع ونكران الذات وتسخير كافة الإمكانيات والموارد المادية والبشرية للنهوض بأوضاع المواطنين، والقطيعة مع المفاهيم التقليدية في التدبير والتسيير، وتكريس النزعات الإقليمية الضيقة، والرقي بالممارسة السياسية الى مستوى تطلعات المواطنين من خلال التكوين والتأطير، وتعزيز قدرات أعضاء المجالس الجهوية، وتمكينهم من اليات التدبير والحكامة الجيدة، ومرافقتهم في وضع مخطط تنموي متوسط أو بعيد المدى يراعي الأولويات الإقتصادية والإجتماعية، واستشراف المستقبل من خلال اختيار وانتقاء المشاريع الإستراتيجية الملائمة للخصوصيات المجالية والتنوع الجغرافي.
ذ/ فاطمة بنعلي