شن مرتادو مواقع الصحف الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي في المغرب هجوما لاذعا على رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد على خلفية موقفه الذي رفض فيه الاعتراف بمغربية الصحراء.
وأجرى الصيد مساء الثلاثاء خلال زيارة الى الرباط مباحثات مع رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران تناولت بحسب بيان للحكومة المغربية "تطورات الأوضاع في منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط وسبل تعزيز التنسيق بين البلدين على المستوى الأمني".
وقال بعض المعلقين إن الصيد بدا وفي أقل حالات الوصف "جبانا وعاجزا" عن توضيح موقف تونس الرسمي من القضية التي لا زال تعيق طموح دول المغرب العربي للوحدة.
وفي لقاء مع الصحفيين، استخدم الحبيب الصيد مصلح "الغربية" لوصف الصحراء، بينما كان يجيب على سؤال لأحد الصحفيين حول موقف تونس من هذه القضية التي تلقي بظلالها على العلاقات المغاربية وتبقيها في حالة توتر دائمة.
وقال الصيد "بالنسبة للصحراء الغربية ومثلما اجبت في العديد من المناسبات فإن هذا الموضوع مايزال مبسوطا امام الأمم المتحدة.. وهناك عمل تقوم به الأمم المتحدة.. والاتفاق الذي سيتم بين البلدين (دون ان يوضح ما اذا كان يشير بالبلدين إلى المغرب والجزائر أو المغرب ودولة الصحراء المصطنعة) في إطار الأمم المتحدة فإن تونس ستدعمه بما يؤكد موقف تونس الدائم من ملف الصحراء..".
وقال مغربي معلقا على فيدو يرصد تصريح رئيس الحكومة التونسية إن "بداية كلامه (الصيد) توحي بما سيقوله في الاخير، بمعنى اخر تونس لا تعترف بمغربية صحرائنا".
وتساءل مغربي آخر من الأقرب للتقوى؟ الأشقاء أم الأصدقاء؟ قبل ان يواصل "ورحم الله من قال: رب أخ لك لم تلده أمك".
وقارن هذا المعلق المغربي بين مواقف المسؤولين الفرنسيين من قضية الصحراء الذي أوردته وسائل الإعلام وبين موقف رئيس الحكومة التونسية. وذكر بان رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس كان قد أكد من قلب الجزائر أن موقف بلاده من قضية الصحراء، الداعم لمخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب، لم يتغير.
كما سبق وأن أكد مسؤولون فرنسيون حاليون وسابقون ـ ومن بينهم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي ـ في مناسبات عديدة أن مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب هو الأساس الوحيد الذي يحظى بالمصداقية على طاولة المفاوضات لإيجاد حل لقضية الصحراء.
وأن دعمهم لهذا التوجه قائم ولا يتغير مهما تغيرت حكومات فرنسا ورؤساؤها.
وشدد رئيس الوزراء التونسي على "التعاون الوثيق" القائم بين بلاده وكل من المغرب والجزائر في مجال محاربة الإرهاب.
وقال "بين تونس والجزائر تعاون متين لمقاومة الإرهاب على الحدود الجزائرية التونسية (...) وهو ما يساعدنا على القضاء على عدة عمليات إرهابية".
وأضاف ان "التعاون بين المغرب وتونس في مقاومة الإرهاب أساسي (...) وخلال لقائي مع أخي رئيس الحكومة المغربية تدارسنا طرق تدعيم التعاون في ميدان مقاومة الإرهاب".
وأوضح ان هناك "تبادلا للمعلومات والتركيز على بعض العناصر التي تشكل خطرا على المغرب وتونس"، مضيفا أن "الأمر يتطلب دعما أكثر".
ويقول مراقبون إن تونس المنهكة اقتصاديا والتي تعاني من انتشار الإرهاب بشكل غير مسبوق تجد نفسها مورطة في صياغة مواقفها من القضايا الإقليمية الحساسة لأنها تسحب لخسائرها وأرباحها من موقف تتبناها، على المدى المنظور.
ويذكر المراقبون بمواقف تونس المرتبكة والمتضاربة في الموقف من إعلان الدول العربية حزب الله حزبا ارهابيا، وكيف ان الرئاسة اضطرت للتراجع عن موقفها الداعم للقرار العربي تحت سيل من الاحتجاجات وموجات التنديد والرفض الشعبية، بينما هي تعلم ان عدم التماهي مع الإجماع العربي يمكن ان يكلفها الكثير خاصة من الناحية الاقتصادية.
وقال أحد المعلقين إلى أن "المغرب والخليج وصلا لقناعة واحدة اما ان تكون معي وادعمك او تكون ضدي والله يعاونك.. تونس ليس معنا اذا يجب تركها في مشاكلها".
وقال معلق مغربي ثالث إن "تونس دولة تبحث عن السيادة.. فكيف لدولة بلا سيادة أن تعترف بسيادة المغرب على صحرائه.. دول المغرب العربي للأسف هجينة ومتوجسة من بعضها.. فتونس مريضة والجزائر حقودة ومشلولة وموريتانيا محلولة وليبيا مقهورة والمغرب للأسف دولة محسودة..".
وقال معلق آخر موقف متوقع من تونس ينقصه الشجاعة. ولكن ماذا ننتظر من دولة ضعيفة كتونس؟
واضاف معلق خامس "يظهر من جواب الوزير التونسي أن موقف تونس من ناحية وحدتنا الترابية الحياد وكأنه خائف من الجزائر بخلاف موقف أشقاء بدول الخليج فقد صرحوا جميعا (وبالفم الملايان كما يقول المثل المصري) مساندتهم المطلقة للمغرب.. فيا سيادة الوزير ماهكذا موقف الإخوة الجيران مع العلم أن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها".
ورأى معلق مغربي سادس أنه من الواضح أن موقف الحبيب الصيد مساند للجزائر.. لم يقل ذلك بشكل مباشر لكنني استنتجته من ارتباكه وهو يتكلم عن الموضوع إلى حد أن لم يستطع تركيب جملة واحدة سليمة.. في السابق اعترف الزعماء الفلسطينيون بهذا الكيان الوهمي وايضا النظام السوري.. الآن نعرفهم جميعا.. ليقولوا ما يشاؤون.. ليموتوا بغيرتهم نحن في ارضنا الصحراء المغربية".
وحاول أحد المعلقين أن يجد تبريرا للموقف التونسي الذي أعلنه الحبيب الصيد عندما ارجع هذا الموقف التونسي المرتبك إلى وجود تونس بين ليبيا التي أصبحت بلدا منهارا والجزائر التي وصفها بأنها ضالعة في العمليات الإرهابية داخل تونس الى حد النخاع، وهذا ما يمنع القيادة التونسية عن أن تعبر عن موقف قد يغضب الجزائر ويجعلها ترفع من وتيرة تدبيرها للعمليات الإرهابية على اراضيها.
وقال مغربي آخر إذا كان (الصيد) يريد الحياد، على الأقل كان عليه ان يذكر الصحراء حرفيا من دون وصفها بـ"الغربية".
وبينما دعا متدخل إلى الواقعية في تقييم وضع تونس وعدم الطلب منه التعبير عن موقف أكثر من طاقته والسعي لإيجاد بعض العذر لـ"حياد" تونس، مؤكدا انه حياد لمصلحة البلدين تونس والمغرب، وأن السبب الوحيد له هو الخوف من ردود الجزائر. ردّ عليه معلق إضافي بالقول إن "زيارة هذا التونسي (رئيس الحكومة الحبيب الصيد) أقل ما يقال عنها أنها فاشلة، حين يأتي للمغرب وفي عقر دارنا يتفوه بألفاظ مثل (الصحراء الغربية) بدل الصحراء المغربية ماذا تنتظرون؟ وماذا تحللون؟! تونس لا تعترف بالصحراء المغربية، هذا التونسي، حيث لم يتفوه بالقول إنه مع مغربية الصحراء ولكن لم يتيرث عن ذكر (الصحراء الغربية)! هذه العلاقة مع تونس غير مقبولة ومرفوضة من طرف الشعب المغربي.. رئيس الحكومة التونسية لا يمسك عصا الصحراء من الوسط كما تزعمون وكما تقرأون، بل منحاز للموقف الجزائري والبوليساريو وهذا غير مقبول.. والشعب المغربي ليس في حاجة لمثل هذه الزيارات ولا في مثل هذه العلاقات مع مثل هؤلاء.. هو يكرر عبارة الصحراء الغربية أكثر من مرة وفي المغرب! وتقولون أنه يمسك "عصا الصحراء" من الوسط "!
وأضاف "لن يكون هناك اتحاد مغاربي مادام مثل هؤلاء في السلطة في شمال إفريقيا.. أنا لا أعرف كيف يخجلون المسؤولين المغاربة بالدفاع عن سيادة البلد و من لا يعنيهم الأمر مثل تونس تدافع على الانفصال وما مغزى تكرار عبارة "الصحراء الغربية" في هذه الندوة إلا الانحياز للموقف الجزائري من سيادة المغرب على صحرائه؟"
وتساءل أحد المعلقين بدوره "لماذا جاء هذا الرجل الى المغرب؟ الجواب: اصطاد من الجزائر صحنا من الدولارات ونحن قدمنا له الحليب والتمر.. ربما كان ينتظر حقيبة من الدولارات.. عجز حتى عن نطق كلمة الصحراء المغربية؟ ارحل! ارحل! ارحل! بدون رجوع إلى إرهابك وجزائرك صانعه الارهاب خفت من المختار بن المختار لعور بن لعور؟ هذه هي الرجولة عندكم! بلادنا الشريفة وملوكنا وأجدادنا شرفاء لهم حساسية للمنافقين والخونة ونكران الخير لا لا لا ولا للاتحاد المغرب العربي فهذه الدولتين (تونس والجزائر) متآمرتين علينا تريدون مصالحكم فقط! (تونس) هي بوق الجزائر! اذهبوا انتم وارهابكم وابتعدوا عنا بعد السماء عن الأرض..غرقتم واردتم ان تغرقوننا معكم..".
وقال معلق إن تونس قد نسيت الدعم المغربي القوي ضد تحرشات القذافي في سنوات مضت. وأضاف آخر آسف موقف السينغال أفضل.. داكار تكرر أن الصحراء مغربية، فمما تخاف سيدي رئيس الوزراء؟
واتهم بعض ردود الأفعال المغربية الغاضبة تونس بأنها أصبحت تحت هيمنة الجزائر "الشقيقة".
وقال أحد المعلقين إن "اللوم على أنفسنا نحن من دعوناهم ضيوف لكي نطلب منهم الاعتراف بصحرائنا، وهم لا يملكون من أمرهم شيئا، إن ما أصاب تونس الشقيقة خطب جلل مازالت تحاول الشفاء وهم يحتاجون لمساعدتنا، ونرجوا من حكومتنا ألا تحمل تونس ما لا تطيق، صحراؤنا لن ينتزعها منا أحد ونحن على أرضنا..".
وردّ أحد المعلقين متهكما هل أن المغرب العظيم في حاجة لاعتراف تونس بمغربية الصحراء؟
بلقاسم الشايب