يتوجه العاهل المغربي محمد السادس هذا الأسبوع إلى الصين في زيارة رسمية كان قد تم الاعلان عنها منذ سنتين تقريباً، وهي ثاني زيارة إلى دولة ذات تأثير قوي في ظرف أقل من شهرين بعد زيارة روسيا.
وعملياً، تبقى الصين وجهة اقتصادية أكثر منها سياسية خاصة في ما يتعلق بملف الصحراء، وبالتالي تقلق شركاء المغرب مثل فرنسا واسبانيا.
وكان ملك المغرب قد أكد في خطاباته الأخيرة ومنها خطاب القمة العربية-الخليجية الشهر الماضي الرهان على شركاء جدد في علاقاته الدولية بعد التوتر القائم بينه وبين بعض الدول الغربية على خلفية نزاع الصحراء.
وكان في خطابه بمناسبة عيد العرش صيف 2014 قد خصص حيزاً هاماً للعلاقات الخارجية للمغرب، وتزامن وقتها مع الأزمة مع فرنسا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، حيث لم يشر إلى فرنسا، ولكنه في المقابل شدّد على الصين وروسيا.
وبرمج الملك زيارة إلى الصين ابتداء من 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، وجرى تأجيلها نتيجة إصابته بزكام وارتفاع الحرارة، بحسب بيان رسمي صادر عن القصر وقتها.
وتعتبر الصين وجهة رئيسية لكل الدول بفضل الوزن الذي تكتسبه في المشهد الاقتصادي العالمي، حيث تنافس الولايات المتحدة تجارياً، ثم وزنها السياسي الذي يزداد مع مرور الوقت، رغم أن بكين تفضل الاقتصاد عماداً لعلاقاتها الدولية أكثر مما هو سياسي.
وتتحدث منابر إعلامية مغربية عن الرهان على بكين في نزاع الصحراء خاصة بعدما تخلى الغرب وأساساً الولايات المتحدة عن المغرب.
وسياسياً، لا يمكن الرهان على الصين في ملف الصحراء، فقد اعتادت تجنب التخندق لصالح المغرب أو ضده أو القيام بمبادرات غير كلاسيكية مثلما يحدث مع الولايات المتحدة. وخلال جلسة مجلس الأمن نهاية نيسان/أبريل الماضي حول الصحراء، تبنى السفير الصيني، ليو جييي الذي كان يرأس الجلسة موقفاً عادياً للغاية وهو تأييد تمديد بعثة المينورسو والحل المتفق عليه وعودة أفراد المينورسو دون توجيه انتقادات للمغرب.
ومن المؤشرات الدالة على تجنب الصين التورط في نزاع الصحراء، حسب صحيفة "القدس العربي"، التي أوردت هذا الخبر، عدم انضمامها إلى «أصدقاء الصحراء الغربية» وهي المجموعة المكونة من أربعة أعضاء دائمي العضوية في مجلس الأمن وهي: فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا علاوة على اسبانيا بصفتها قوة استعمارية سابقة.
ويحمل المغرب الرسمي شعار البحث عن شركاء جدد بسبب التوتر مع دول غربية وعلى رأسها بريطانيا والجزائر. وعملياً، لا تعير واشنطن ولندن اهتماماً بالتوجه الجديد الذي ينهجه المغرب، وذلك في وقت تخلت فيه الدولتان ولا سيما الولايات المتحدة عن العالم العربي، حيث لم يعد يشكل أولوية في أجندتها سياسياً واقتصادياً.
ولكن اقتصادياً، التوجه الجديد للمغرب يقلق كلاً من فرنسا واسبانيا، حيث تعتبران شمال إفريقيا فضاء لعلاقاتهما التجارية.
فقد تحولت الصين إلى أبرز شريك اقتصادي للجزائر والمصدر الأول، حيث أزاحت كلاً من إيطاليا وفرنسا واسبانيا.
وقد يتكرر السيناريو نفسه في حالة المغرب خاصة وأن واردات المغرب من الصين في ارتفاع مستمر، وبالتالي قد تفقد فرنسا الريادة في شمال إفريقيا.
وكانت الصين في الماضي ترغب في تطوير العلاقات مع المغرب درجة أنها طلبت منه الترخيص ببناء مدينة صينية تستقبل وتصنع منتوجات توجه إلى القارة الأوروبية، لكن المغرب رفض الطلب.