من نحن كعرب في عُرْفِ أمريكا ؟ من نحن في العقل الأمريكي العميق ؟ نحن لا شئ ... لا يفكر فينا الأمريكيون كعرب إلا كفضاء في إطار البعد الاستراتيجي لمصالح أحفادهم وأحفاد أحفادهم ، نحن أَرْضٌ خَلاءٌ ، نحن مُجَرَّدُ فضاءٍ للمستقبل البعيد لأحفاد العم سام ، والذَّنْبُ كل الذنبِ على إخواننا من العرب الذين يتآمرون معهم لتدمير مستقبل أبنائنا وأحفادنا ، والخِزْيُ والعار لحكام الجزائر الذين يُهَرْوِلون للتآمر مع أمريكا وإيران لتدمير الشعوب العربية في سوريا والعراق وليبيا واليمن والمملكة المغربية لاحقا ... أين حجة من ينكر أن الجزائر ليست في صف الذين يدمرون هذه الدول ؟
أولا : سرطان في المنطقة المغاربية كما في المشرق العربي :
يمكن أن تكون المنطقة المغاربية هي الهلال الخصيب وأن تكون الصحراء المغربية هي فلسطين المغتصبة ، ويمكن أن يكون المغرب هو أندونيسيا والصحراء المغربية هي تيمور الشرقية ، ويمكن أن يكون المغرب هو السودان والصحراء المغربية هي جنوب السودان ويمكن ويمكن ، يمكن أن يكون كل جزء من الوطن العربي ضحية مِشرط الامبريالية والصهيونية العالمية ومجوس إيران طالما أن هناك همجية فكرية وسياسية غربية تجد من يتحالف معها ويُسَهِّلُ لها تنفيذ مخططاتها التدميرية في الوطن العربي من العرب الأنذال الخبثاء الغدارين مثل حكام الجزائر المتحالفين مع مجوس إيران ...
فبعد صدور قرار مجلس الأمن 5228 لأبريل 2016 حول قضية الصحراء ازداد سعار حكام الجزائر حيث كثرت التجمعات في كل المدن الجزائرية يؤطرها البوليساريو لينشروا فيها الأكاذيب كما هي عادتهم كل أبريل من كل سنة ، شعارات واهمة تؤكد أن استقلال الصحراء الغـربية أصـبح حتـميا كما حلموا بذلك طيلة 41 سنة ولا يحصدون بعد ذلك سوى سراب الأماني الكاذبة التي يَحْقِـنُونَها للشعب الجزائري وساكنة مخيمات تندوف في انتظار شهر أكاذيب آخر ، أبريل 2017 وهكذا ... لكن لماذا هذه الوثوقية وهذا السعار الذي لا يزيد إلا تأججا ؟ الجواب : لأنه بكثير من الخسة والدناءة والخبث والمكر والغدر والنفاق وكل ما في قاموس الهمجية البشرية من مفردات ، وبنفس أسلوب انجلترا ومنهجيتها السياسية التي اعتمدتها في خلق دويلة إسرائيل على أرض فلسطين ، بنفس الشئ سيكون هنا في المنطقة المغاربية وبتآمر مع حكام الجزائر وبنفس الطريقة ستتمكن انجلترا وأمريكا والصهيونية العالمية أن تضع اللبنات الأولى لكيان جديد في المنطقة المغاربية سيكون اسمه – لا قدر الله – "جمهرية الصحراء العربية " لتحقيق نفس أهداف الكيان الصهيوني في الشرق العربي ، أي زرع سرطان خبيث في المنطقة المغاربية لتخريبها ، لذلك ومن أجل كل ذلك ازداد سعار حكام الجزائر لأنهم اطمأنوا أن الدركي الأمريكي العالمي قد عزم على فصل الصحراء المغربية عن المملكة المغربية !!!! ... وهم غافلون عما يُحَاكُ للشعب الجزائري نفسه ، وإن غدا لناظره قريب .
ثانيا : يا معشر الشباب إليكم كيف ظهرت إسرائيل :
من أكبر الأخطاء التي ارتكـبها أجـدادنا وآباؤنا اليوم ونحن في الألـفية الثالثة استعمال تعبير " الأراضي الفلسطينية المحتلة " في إشارة للضفة الغربية وغزة فقط التي تحتلهما إسرائيل أما باقي الأراضي الفلسطينية فقد سلمناها للصهاينة واعترفنا لهم بحقهم فيها "..وقد كنا في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي نستعمل تعبير" فلسطين المغتصبة " بمعنى أن الصهاينة قد اغتصبوا دولة فلسطين بكاملها واستولوا عليها بمساعدة الانجليز وأمريكا والامبريالية العالمية وسلموها للصهاينة ، كـيف ذلك ؟ سـنحاول تبسيط ذلك كما يلي : بعـد اتـفاقية سايس بيـكو ( 1916 ) التي وقعها وزيرا خارجية انجلترا وفرنسا لتقسيم الهلال الخصيب بين الانجليز والفرنسيين ، بعد هذه الاتفاقية ظهرت لبنان سوريا وكانت من نصيب الاستعمار الفرنسي والأردن والعراق من نصيب الانجليز أما فلسطين فكانت في البداية تحت إدارة دولية على أن يبقى للانجليز امتياز استغلال مينائي حيفا وعكا الفلسطينتين ، هذا من جهة ومن جهة أخرى حصل اليهود الصهاينة على وعد من الانجليزعلى أن يكون لليهود الصهاينة وطنا في فلسطين وسمي هذا الوعد ( وعد بلفور ) ومع مرور الأيام تبين أن الصهاينة بتواطؤ مع الانجليز وبقية الدول العظمى قد شرعوا في تهجير اليهود الصهاينة من جميع بقاع الدنيا إلى فلسطين ولم ينهض الفلسطينيون إلا على تزايد أعداد اليهود في فلسطين في مؤامرة لقلب كثافة السكان الديموغرافية لصالح اليهود الصهاينة ، لم يبق الفلسطينيون مكتوفي الأيدي بل ثاروا على الوضع منذ 1935 و لايزالون ، لكن الصهاينة والانجليز شرعوا في إنجاز مسرحية مفضوحة اسمها ( حرب الاستقلال ) بدعوى أن الصهاينة يطالبون باستقلال وطنهم " إسرائيل " عن الاستعمار الانجليزي عوض فلسطين العربية ، وهكذا تم استبدال شعب فلسطين باليهود الصهاينة ، ثم بدأواعمليات الإبادة الجماعية للعرب الفلسطينيين فكانت مذابح الصهاينة لإبادة الشعب الفلسطيني نذكر منها : مذبحة بلدة الشيخ 1947 ودير ياسين في 1948 وهي السنة التي تم فيها الاعتراف بدولة إسرائيل في الأمم المتحدة بدعوى أن الانجليز قد منحوا الاستقلال لدويلة إسرائيل ، وتوالت المذابح ، مذبحة قرية أبوشوشة 1948 ومذبحة قبية 1953 ومذبحة قلقيلية 1956 ومذبحة كفر قاسم 1956 وغيرها كثير ... والبقية معروفة ..إذن دخل الانجليز فلسطين وكثفوا أيادي الشعب الفلسطيني وأرجله وأحكموا وثاقه ثم سلطوا عليهم اليهود الصهاينة لإبادته ببرودة دم ، ولم يبق للفلسطينيين سوى الهجرة واللجوء إلى الدول المجاورة في أكبر عملية للإبادة والتهجير واغتصاب وطن بكامله والعالم يتفرج ، إذن الصهاينة اغتصبوا أرض فلسطين ليقيموا عليها دويلة جديدة اسمها إسرائيل .. فهل ستشهد المنطقة المغاربية ظهور ديولة صهيونية أخرى على أرض الصحراء المغربية بنفس المنهجية والأسلوب بمساهمة حكام الجزائر وموريتانيا ؟
ثالثا : معالم الغدر الأمريكي للمغرب :
يمكن إبراز الخطوط العامة في الغدر الإمريكي للمغرب فيما يلي :
- اشتغال أمريكا بسياسة " كلام الليل يمحوه النهار " مع المغرب ...مثلا يصرح الأمريكيون بأن علاقتهم مع المغرب علاقة تاريخية وبأنهم لن ينسوا أن المملكة المغربية هي أول دولة اعترفت بأمريكا بعد استقلالها من الانجليز وبأنهم مع مقترح الحكم الذاتي كحل لقضية الصحراء وبأنهم يفتخرون بالحوار الاستراتيجي مع المغرب الذي بدأ منذ 2012 لكن وفي حركة غادرة وبسرعة البرق نجد سوزان رايس مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة في أبريل 2013 تصفع المملكة المغربية بتقرير يتجاوز خسة ودناءة تقرير بان كي مون نفسه فيما يتعلق بحقوق الإنسان في تقريره لنفس السنة حول الصحراء المغربية حيث طالبت رايس بكل وقاحة وخسة ونذالة بتوسيع صلاحيات المينورسو وتكليفها بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء المغربية في خطوة خطيرة لتغيير طبيعة المرجعيات المؤطرة للبحث عن حل سياسي لقضية الصحراء وتغيير منطوق التوصية الأممية 690 الصادرة عام 1991 التي تحدد صلاحيات المينورسو الثلاث وهي : مراقبة وقف إطلاق النار – السهر على تنظيم الاستفتاء – نزع الألغام في المنطقة .
- تتكون الإدارة الأمريكية من أربع مكونات تبدو وكأنها لاعلاقة و لا تنسيق فيما بينها هناك البيت الأبيض والبانتاغون والمخابرات ( سي آي إي ) ووزارة الخارجية ، وفي وزارة الخارجية نفسها يبدو وكأن كل جهاز في وزارة الخارجية الأمريكية يتشغل موظفوه حسب أمزجتهم ، مثلا في أبريل 2013 لم يكن جون كيري وزير الخارجية الأمريكية يعلم أو كما يَدَّعي بأنه لا يعلم أن سوزان رايس قد قدمت توصية بتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء المغربية ، وبعد اتصال ملك المغرب بجون كيري تغير كل شئ في صالح المغرب . المثال الثاني : في أبريل 2016 تقدمت سامانتا باور مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة بمشروع قرار أممي وكأنه نسخة من تقرير بان كي مون بل أكثر منه تحيزا لأطروحة البوليساريو الانفصالية ، وبعد أخذ ورد مع مندوبي فرنسا وإسبانيا والصين ومصر والسينغال تم تغيير لهجة القرار العدوانية تجاه المغرب إلى قرار بلهجة مائعة يرى فيه كل طرف مصالحه قد تحققت مع ميل طفيف نحو الإبقاء على الوضع كما كان قبل 29 أبريل 2016 ... لكن سيبقى لهذا القرار ما بعده .. السؤال المحير هو : إذا كان الأمر سيعود لسابق عهده فلماذا الاستفزاز الأمريكي للمملكة المغربية ؟ الجواب هو : ليس هناك خطوات أمريكية ارتجالية أو بدون هدف ، لاشك أن كل الخطوات الأمريكية مضبوطة في إطار تكتيك معين لتحقيق استراتيجية محددة وهي زرع إسرائيل جديدة في المنطقة المغاربية شيئا فشيئا ..
- لا يمكن أن تسكت أمريكا عن انتهاك حقوق الإنسان البشعة في الجزائر إلا إذا كانت متواطئة مع حكامها في تنفيذ مخطط جهنمي سيحقق أهداف أمريكا الاستراتيجية لتدمير المملكة المغربية ، كفانا من الخزعبلات التي تقول بأن أمريكا تحابي الجزائر لأنها تملك احتياط نفطي كبير ، فبعد الحملة العالمية ضد الطاقة الأحفورية ومخاطرها على البيئة واستبدالها بالطاقات المتجددة على المدى البعيد ، لا شك أن الأمريكيين يقولون مع أنفسهم : " ليشرب الجزائريون نفطهم ، لنا منه الكثير ، وفي العالم أماكن أخرى تنتج أجود منه " ...السؤال هو : هل أخطأ المغرب حينما صدّر دستور 2011 بالتزامه بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا ؟ أصبح احترام المغرب لحقوق الإنسان كحصان طروادة تتسلل منه منظمات دولية منخورة ارتزاقية مرتشية تهيء القوى الطاغية للدخول بالقوة للمغرب بدعوى حماية حقوق الأقليات ، فمهما فعل المغرب بآلياته الوطنية لحماية حقوق الأفراد والإثنيات في المغرب سيبقى الخطر قائما لأن هذه المنظمات المنخورة تعتبر ولو صرخة واحدة في المغرب كارثة بشرية ...أما في الجزائر فليقتل حكامُهَا كل الشعب الجزائري قهرا وجوعا وتعذيبا فَعَيْنُ الرِّضَى عن كُلِّ عَيْبٍ كَـلِيلَةٌ.
رابعا : معالم المؤامرة الأمريكية الجزائرية على الأرض :
لزرع إسرائيل أخرى في المنطقة المغاربية يمكن تتبع هذه الأحداث الواقعية على الأرض :
- تغيير تعبير " الأراضي المحتلة " إلى تعبير " الأجزاء المحتلة من الأراضي الصحراوية " مما يعني أن البوليساريو يؤكد بأن جزءا من الأراضي الصحراوية قد تم ( تحريره ) وهو تحت سيطرتهم في إشارة للمنطقة التي تخلى عنها المغرب طواعية كمنطقة عازلة ومنزوعة السلاح محرمة على البوليساريو حسب اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة بين المغرب والبوليساريو عام 1991 .
- سكوت ( المينورسو ) أي الأمم المتحدة عن هذا التصرف وتخليها عن مهمتها في حفظ السلام وتزكية تحركات البوليساريو العسكرية في المنطقة المنزوعة السلاح وتأكيد البوليساريو والجزائرعلى أن تلك الأراضي تعتبر أول خطوة في ( تحرير ) باقي مناطق الصحراء الغربية من الاحتلال المغربي . وقد افتضح التآمر بين الأمم المتحدة والجزائر حينما قال الجاهل بان كي مون إن المغرب يحتل الصحراء الغربية في إشارة لباقي الصحراء المغربية .
- ظهور ملامح تغيير الوضع الجغرافي في المنطقة العازلة حيث ظهرت مساحة شاسعة جدا ( أكثر من 60 ألف كيلومتر مربع تخلى عنها المغرب ) يستحيل على بضعة أفراد من المينورسو مراقبتها ، منطقة يتحرك فيها البوليساريو والجيش الجزائري بحرية ويجرون فيها مناورات عسكرية بالذخيرة الحية .
- فرض أمر واقع من ( بئر لحلو) شمال الصحراء المغربية إلى ( أكوينيت) في أقصى جنوب المنطقة العازلة من الصحراء المغربية بمحاداة الحدود الموريتانية الشكلية دون أن تحرك الأمم المتحدة وموريتانيا ساكنا ...
عود على بدء
لا يهمنا ما يحتاجه الشعب الجزائري من تصحيح سياسي أو تنمية اجتماعية أوحفاظ على الوحدة الوطنية ، لا يهم أن يكون الرئيس في الجزائر مقعدا أو مشلولا أو مجنونا أو حتى بدون رئيس طالما أننا لا نزال متمسكين بالمبدأ الواحد الأوحد وهو تقرير مصير الشعب الصحراوي ، لايهم أن يأكل الشعب الجزائري أو يَعْرَى ويتشرد في الشوارع بدون سكن طالما أن إخواننا من البوليساريو يعيشون مثلنا في العراء في مخيماتنا بتندوف ، المهم عندنا أننا مع الشعب الصحراوي حتى ينال استقلاله وتنفصل الصحراء المغربية عن المملكة المغربية ، نحن معنا الحق الأمريكي ، نحن خدام الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة المغاربية كما كنا مخلصين لها في تنفيذ استراتيجيتها في العراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان ، فأينما كانت إيران ستجدوننا طالما أن المخطط الأمريكي الإيراني التخريبي للأمة العربية يسير بنجاح نحن معهم في تدمير مصائر الشعوب العربية ... تيمور شرقية في المنطقة المغاربية أو جنوب السودان في منطقتنا أو إسرائيل جديدة بجانبنا في الجزائر المهم هو تركيع المغرب وتفتيته ودون ذلك ما بقي من براميل النفط وأمتار مكعبة من الغاز إلى آخر رمق منها ، وإلى آخر جزائري مخلص لمبدأ تقرير مصير الشعب الصحراوي ...
غصة في القلب والحلق :
سمعنا والله أعلم أن رجوع الأمريكي الجزائري المدعو شكيب خليل إلى الجزائر بطريقة مثيرة للجدل يدخل في إطار تنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني الإيراني في المنطقة المغاربية في شقه التخريبي التفكيكي لدول المنطقة ، ويبدو أن زيارات هذا الشكيب لأضرحة الأولياء والزوايا في عموم الجزائر هي لكسب عطف سكان وقبائل مناطق الزوايا والأولياء والدخول إلى عقول وقلوب هذه الفئة من الشعب ليركب على ظهرها ويقفز إلى كرسي الرئاسة في الجزائر بعد أن يتسلل إلى القلوب الغافلة والعقول المسلوبة للشعب الجزائري ... الجزائر أضحوكة العالم ، فمن رئيس مشلول إلى رئيس ملغوم في المنطقة المغاربية لتفجيرها ، فَقَدَرُ الجزائر أن يحكمها اللصوص ، ألم يسرق بوتفليقة 20 مليار دولار قبل أن يغادر الجزائر بعد موت بومدين وجاءوا به ليكمل ما بدأه لتتبخر في عهده آلاف الملايير من الدولارات حتى الآن ؟ كذلك هو شكيب خليل الذي فر عام 2013 بعد اكتشاف اختلاسات خطيرة في سوناتراك ... لقد اكتسب الشعب الجزائري مناعة قوية ضد الصلاح والمصلحين ...
اللهم لا تجعل هذا الكابوس حقيقة على الجزائريين وجيراننا لأننا قد بلغنا الدرك الأسفل من الحقارة في حق ذاتنا قبل غيرنا ، ذاتنا المنهوكة طيلة قرنين من الزمن ... وأخيرا نقول برافو أمريكا ، إسرائيل أخرى في المنطقة المغاربية ..برافو !!!
سمير كرم خاص الجزائر تايمز