كشفت المظاهرات التي شهدتها منطقة القبائل بمناسبة مرور ذكرى أحداث الربيع الأمازيغي في منطقة القبائل عن اتساع رقعة حركة الاستقلال الذاتي لمنطقة القبائل، التي ترفع مطالب انفصالية، وسط تراجع الأحزاب التقليدية التي تمثل منطقة القبائل، وهو وضع بدأ يقلق كل المتابعين لما يجري في هذه المنطقة، خاصة وأن ذلك يتزامن مع احتقان عام في البلاد.
الحركة التي أسسها الناشط فرحات مهني تكسب مساحات جديدة يوميا، في منطقة يتفق الكثير من المراقبين على أنها مهملة من جانب السلطة، وحتى من طرف الأحزاب التقليدية والتنظيمات التي كانت تسيطر على الشارع القبائلي، لكنها تراجعت لصالح حركة فرحات مهني، التي تعبر عن مواقف متطرفة.
المظاهرات التي شهدتها المنطقة بمناسبة ذكرى الربيع الأمازيغي دعت إليها عدة أطراف، من بينها حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (علماني)، وكذلك حركة الحكم الذاتي في منطقة القبائل، والتي كانت تقريبا أكثر تمثيلا من حزب التجمع ومن الأحزاب الأخرى في تلك المظاهرات، ورفع المشاركون فيها مطالب متعلقة بترسيم الأمازيغية إلى جانب العربية، فيما رفع أنصار الحركة التي أسسها فرحات مهني مطالب انفصالية.
وقال الدكتور محند أرزقي فراد الباحث في التاريخ والنائب السابق في أن ما يحدث في منطقة القبائل خطير، ويتطلب تحركا قويا، موضحا أن هذه المنطقة مهملة منذ سنوات، كما أن تراجع الممارسة الديمقراطية والحريات يفتح الباب أمام التطرف، وهذا هو التفسير المنطقي لانتعاش حركة الاستقلال الذاتي في منطقة القبائل، التي كانت مرفوضة من الأغلبية الساحقة بمنطقة القبائل، لكن الشعور بالتهميش والإقصاء والظلم يعطي فرصة لهذا الخطاب المتطرف ليجذب إليه المزيد من الأنصار.
وأعرب فراد عن أمله في أن يتم ترسيم اللغة الأمازيغية في الدستور القادم، لنزع هذه الورقة من يدي المتاجرين بقضية الأمازيغية، موضحا أنه إذا كان الهدف من ترسيم الأمازيغية هو تطويرها وترقيتها والنهوض بها، وفتح أكاديمية لها، وربما حتى تخصيص وزارة منتدبة لها، أما إذا كان الهدف من الترسيم هو إحياء النعرات وتعليمها بالقوة في كامل ولايات البلاد، فلا معنى للترسيم.
وذكر فراد أن فرض التعامل في الإدارات والمؤسسات الرسمية بالأمازيغية لن يتحقق، بدليل أن اللغة العربية وهي اللغة الرسمية للبلاد منذ 1962 ما تزال لم تجد المكانة التي تستحق، على اعتبار أن التعاملات في المؤسسات الرسمية والإدارات ما زالت تتم في أغلبيتها باللغة الفرنسية.
ودعا النائب السابق إلى ضرورة فتح نقاش بين كل الأطراف بعيدا عن أي تزمت أو تطرف، يشارك فيه المثقفون بخصوص كيفية تطوير الهوية الأمازيغية، لأن الصراع والنقاش المتعلق بالهوية اندلع سنة 1948، لكن لم يحسم فيه منذ ذلك الوقت، مشددا على أن سياسة الهروب إلى الأمام في هذا الموضوع لم تجد نفعا، وأن الأمور تسير نحو مزيد من التعفن.
حسطايفي الجزائر تايمز