لأننا معنيون بتطورات ملف قضية الصحراء الغربية للمغرب، كونها قضية وجود بالنسبة لنا كمغاربة، ضمن موقعنا الجيوستراتيجي (الجد حساس) الذي وضعتنا فيه الجغرافية، بين قارتين وبين حضارتين، وبين حسابات متداخلة متوسطية ومغاربية وأطلسية وساحلية. كان اليوم اجتماع هيئة التحرير بيوميتنا "الإتحاد" في أكثر من 90 بالمئة منه، يدور حول تطورات هذا الملف، وتحقق الإجماع بعد نقاشات مطولة وجدية ورصينة (وقلقة أيضا)، أنه علينا أن نوقن أن للحياة بقية بعد يوم الجمعة، وبعد قرار مجلس الأمن، وأن المغرب هو الرابح الأكبر في الأول وفي الأخير، كوننا سنكون مرة أخرى أمام الحقيقة التي تبز الجميع، وهي أننا مغاربة كنا ومغاربة سنبقى، والجغرافية لن تخسف بنا أبدا. وأن المغرب في صحرائه، والصحراء في وطنها، منذ اعترفت لندن بذلك في نهاية القرن 19، بمنطق القانون الدولي الجديد الذي بلورته الرأسمالية الغربية. سنكتشف حجمنا الذي نعتز به، لأنه لنا وحدنا، وسنكتشف في لحظة امتحان مصيرية مماثلة، ما نمتلكه من أدوات فعل كدولة وبلد ومجتمع (وأهمها العنصر البشري في مجالنا الديبلوماسي والأمني والسياسي)، وسيشحد ذلك كله قوة الإصرار الجماعية على أن المعركة الحقيقية، هي في الإستمرار في تعزيز مشروعنا المجتمعي في كافة أبعاده السياسية الديمقراطية التعددية والدستورية، وفي كافة أبعاده الثقافية (العروبية، الأمازيغية، الحسانية، الأندلسية والعبرية)، وفي كافة أبعاده التنموية. وأيضا تعلم الدرس الجديد للقرن 21، أن امتحانات مماثلة تشحد أكثر بروز نخبة مغربية وطنية جديدة، مثلما بلور القرن 20 نخبة مغربية وطنية رائدة. وستتعلم هذه النخبة الجديدة أن العالم ليس واشنطن وحدها ولا برلين أروبا وحدها، بل إن العالم اليوم يصنعه أقطاب جدد، من حجم الصين والهند والبرازيل. وأننا في الأول وفي الأخير سنلعب لعبة القانون والشرعية الدولية مع الأمم المتحدة، بكل توابلها، لأننا دولة. والدولة تصنعها الشعوب بالتراكم في الزمن وليس الأنظمة السياسية فقط. الأنظمة السياسية شكل تدبيري، أما الدولة فهي تتويج مجتمعي. والدولة في المغرب شبعانة امتحانات منذ 14 قرنا، وما تواجهه اليوم ليس سوى سطرا في كتاب طويل.
أيها القوم، واصلوا رجاء ظلمكم لنا، إنكم إنما تشحدون فينا درجة الإنتباه أكثر وتدفعوننا للفعل الوطني أكثر، وتدفعوننا لنجرب أنفسنا في امتحانات الوجود أكثر.
أليس المغرب هو الرابح في الأول وفي الأخير؟.
الحسن العسيبي