يعالج مجلس الأمن الدولي نزاع الصحراء المغربية على مستوى إعطاء رأيه ومقترحاته في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمصادقة على قرار جديد حول هذا النزاع. ومن ضمن المفارقات السياسية رهان جبهة البوليساريو على الولايات المتحدة وبريطانيا لتحقيق مكاسب، بينما لم يعد يثق المغرب في حلفائه الغربيين ويراهن على روسيا التي اصطف ضدها في الحرب الباردة.
ومنذ هذا الأسبوع وحتى نهاية الشهر الجاري، يمر النزاع من مرحلتين، الأولى وهي معالجة مضمون تقرير بان كي مون الذي جرى تقديمه الاثنين من الأسبوع الجاري بعدما تأخر أكثر من عشرة أيام عن تقديمه إلى الدول الأعضاء. والمرحلة الثانية هي نقاش نوعية القرار الذي سيصدر، هل سيكون قراراً يشكل منعطفاً في النزاع أو سيكون قراراً عادياً في انتظار قدوم الأمين العام الجديد ابتداء من سنة 2017.
وتحدث هذه التطورات في ظل تطور مقلق للنزاع بعدما قام المغرب بترحيل أكثر من 70 من موظفي المينورسو وأبقى فقط على الشق العسكري، وذلك في رد سياسي منه على استعمال بان كي مون كلمة الاحتلال في وصفه للوجود المغربي في الصحراء خلال زيارته إلى مخيمات تندوف خلال الشهر الماضي.
ومن جهة أخرى، التهديد المستمر من طرف جبهة البوليساريو بحمل السلاح لفرض واقع آخر إذا جرى تغييب استفتاء تقرير المصير أو التأخر في تطبيقه.
وفي ظل هذه التطورات، يشهد الملف منذ ثلاث سنوات وخاصة السنة الأخيرة مفارقة عجيبة في العلاقات الدولية. وتتجلى في رهان البوليساريو والجزائر على المعسكر الغربي وخاصة بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا في فرض دعم استفتاء تقرير المصير في الصحراء. وهو ما يفسر الحوار المتين بين هذه الأطراف حول نزاع الصحراء، ونجاح البوليساريو في جعل هذه الدول معقلها الرئيسي في الوقت الراهن.
وكانت الجزائر والبولساريو في الصف المناهض للغرب وخاصة الولايات المتحدة إبان الحرب الباردة بل حتى في بعض القرارات حالياً مثل معارضة الوجود العسكري الأمريكي في القارة الإفريقية.
في المقابل، المغرب الذي كان تاريخياً حليفاً للغرب وخاصة الولايات المتحدة إبان الحرب الباردة يراهن في الوقت الراهن على روسيا التي كان يتبنى سياسة معارضة لها في الماضي. ولا يتردد المغرب في اتهام الغرب وخاصة لندن وواشنطن بمحاولة تفتيت سيادته عبر دعم ظهور دولة صحراوية في الصحراء الغربية. وكان رئيس البرلمان المغربي رشيد الطالبي قد اتهم واشنطن بالاعداد رفقة الأمم المتحدة لقرار سيفرض على المغرب يتجلى في تطبيق هذا السيناريو.
وهكذا، فالمغرب ينظر الآن إلى دور روسيا لتحقيق قرار متوازن من طرف مجلس الأمن الدولي لا يمس مصالحه في الصحراء، وتركز الجزائر والبوليساريو على واشنطن ولندن لفرض استفتاء تقرير المصير. وبهذا يكون نزاع الصحراء من المفارقات العجيبة في العلاقات الدولية بين الأمس والحاضر.
حسين مجدوبي