تتعقد مجدداً الظروف المحيطة بالحرب السورية ولاسيما مع جزئية تحدثت عنها صحف أميركية وبريطانية، ورجح حدوثها وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، وهي منظومات دفاعية جوية متطورة وأسلحة أميركية نوعية باتت في حوزة المعارضة السورية المسلحة أو في طريقها للوصول عبر ميناء العقبة الأردني، ما يشكل في حيثياته جزءاً جديداً من المسلسل الأميركي لجهة الاحجام عن تصنيع حل سياسي للأزمة السورية والاستمرار في التعويل على إمكانية استيلاد إيلام من العيار الثقيل للروسي نتيجة تدخله العسكري المباشر في الميدان السوري، وتعديل ميزان القوى على الأرض لصالح الدولة السورية، ما حذا ببعض المراقبين للتحدث عن احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة جاءت صراحة على لسان الملك الأردني قبل شهرين خلال لقائه أعضاء في الكونغرس الأميركي.
ثلاث كرات ضخمة في ثلاثة ملاعب تعد في اعتقادنا المحددات الرئيسة لامكانية أن تصبح الحرب العالمية الثالثة واقعاً مادياً من عدمه :
– الكرة الأولى في الملعب الروسي، إذ أكدت مصادر سياسية لصحيفة يديعوت أحرنوت أن لقاءات مكثفة جرت خلال الفترة الماضية بين مسؤولين اسرائيليين ونظراء لهم أميركيين وروس لضمان منع أي تواجد لإيران وحزب الله على الحدود مع فلسطين المحتلة، والابقاء على جبهة الجولان جبهة مستقرة، وأن لاتشكل منطلقاً لتهديد إسرائيل، وهذا ما سيكون جوهر اللقاء الذي سيجمع نتنياهو ببوتين في موسكو، إذ يؤكد الأخير على الدوام التزامه بعدم فتح جبهة الجولان وضمان التنسيق الروسي الاسرائيلي عالي المستوى لمنع أي احتكاك أو تصادم في سورية، وعند هذه الجزئية نفهم ما تسربه المؤسسة السياسية الإسرائيلية للإعلام الاسرائيلي بأن هناك سعي حثيث روسي أميركي لمراعاة المصالح الإسرائيلية.
– الكرة الثانية في ملعب الأسد وحلفائه لجهة أن أي تسوية للصراع الدموي المتفاقم في سورية تضمن بقاء الأسد في سدة الرئاسة، وتؤمن ضغوطاً أميركية على المعارضة السورية الخارجية وداعميهم الاقليميين للقبول بحكومة توافقية مع نظام الرئيس الأسد، ستكون على حساب تغيير سلوك الدولة السورية وحلفائها وتحديداً إيران وحزب الله على قاعدة عدم المساس بالأمن الإسرائيلي وطي سجلات المقاومة والممانعة إلى غير رجعة.
– الكرة الثالثة هي في الملعب الأميركي لجهة المحاربة الجدية للارهاب وتفعيل حقيقي للعمليات العسكرية التي يقودها تحالف واشنطن ضد داعش وبالتنسيق مع موسكو وهذا لن يكون الا من خلال البوابة التركية للضغط على أردوغان أو التضحية به ربما، بوصفه عاملاً رئيساً لديمومة داعش والنصرة في المنطقة، ومن هنا نقرأ ونفهم ما أعلنته مصادر إسرائيلية رفيعة لجهة أن التنسيق الأميركي الروسي في سورية أكبر مما يبدو في الظاهر وأن بيع وشراء الحلفاء جار على قدم وساق، وان نموذج البيع والشراء يتمثل في أوردوغان الذي لم يعد بمقدوره الاعتماد على واشنطن في المسألة الكردية إذ قرر الروس والأميركان منذ الآن أن الأكراد أقلية ومن حقهم الحكم الذاتي، وكذلك نفهم في سياق مكافحة الارهاب ما أعلنه مصدر سياسي رفيع لصحيفة هآرتس بأن هناك فرصة لهزيمة داعش في سورية وإن الهزيمة مسألة وقت لا أكثر.
لا أحد يعرف أبعاد وتطورات الخطوة الأميركية الجديدة لجهة تسليح المعارضة بأسلحة نوعية لكن في اعتقادنا أن ذلك لا يشكل دفعاً أميركياً نحو حرب عالمية ثالثة، سيما وأن ذلك الدفع لن يشكل تهديداً للمصالح الإسرائيلية فحسب بل نسفاً.لها كلياً والتي ستكون بالضرورة في قلب النار، وهو ( أي الأميركي) الذي أعلن على لسان أوباما قبل ثلاثة أشهر أن عودة سياسة التدخل المباشر في المنطقة تتجاوز قدرات واشنطن الواقعية.
ربما أكثر ما يزعج الادارة الأميركية هو ما نشرته صحيفة هآرتس نقلاً عن. مصادر سياسية اسرائيلية لجهة أن الروس رسخوا أنفسهم كمن يقودون الخطوات في سورية من الناحيتين السياسية والعسكرية، ومن هنا ربما يكون الجديد الأميركي بمنزلة رسالة ردع وفرملة للخصم الروسي الحاضر دولياً بقوة منقطعة النظير.
د.محمد بكر