المغاربة انتهازيون،وصوليون،غارقون داخل انحرافاتهم،الجنسية،الأدبية،السياسية،الأخلاقية..؛ يقولون ما لا يفعلون. ليس كلهم طبعا ولا جلهم، فحكم التعميم نتركه لأصحاب "الشعب يريد".
شباب 20 فبراير، هم خليط، لنفترض أنهم يتكونون، أقول لنفترض، من شباب أو شيب العدل و الإحسان ـ لا فرق ـ شبيبة العدالة و التنمية ، أتباع مطيع ،السلفيون الذين يخفون و الذين لا يخفون ولاءهم لبن لادن:إنه خليط من مكونات مختلفة توحدهما أرضية مرجعاتية......في مقابل هده المجموعة نجد أتباع الحريف، وشبيبة الاشتراكي الموحد و الطليعة والمؤتمر ونقابة الأموي............. أما الباقي فهم من شبيبة الأحزاب الممثلة في الحكومة أو المعارضة.
في النهاية ف20 فبراير تمثل بطريقة انتهازية فاضحة جل الأطياف السياسية المتوقع تواجدها داخل هده الرقعة المسماة "المغرب" إذن كيف يمكن لنا أن نتصور، أن كل هذا الخليط من يمينه المتطرف إلى يساره المتجذر ، يمكن أن يفرز لنا مطالب واحدة موحدة . نظريا هذا غير ممكن، لكن عمليا، داك ممكن، كيف ذلك ؟ إنها نظرية الفوضى الخلاقة ؛ أي الفوضى التي تؤدي إلى الإبداع ؟ وهي على فكرة من إبداع و صنع أمريكي ..؟؟ هذه { الأمريكا } التي يكرهها الجميع وليا غرابة الصدف يرتمي في حضنها الجميع ؟؟؟ فهي حائط مبكى (نادية ياسين ـ الرميد ـ الحريف ـ )
فالمطالب الأولى ابتدأت عادية ،اجتماعية ،موضوعية،حضارية ، ولكن الانتهازية ، قفزت ، ونطت مع أول نجاح عرفته الانطلاقة، (ويا ليتها ما فعلت) وارتمت داخل مقصورة القيادة..... فنحن يمكن أن نفهم ونتضامن مع مطالب المعطلين مثلا ،ونتضامن مع مطالب سكان الصفيح بل ومع مطالب كل مهمشي هذا الوطن...ولكن ما علاقة هذه المطالب بالعدل و النهج و مطيع وغيرهم، بل أكثر من ذلك ما علاقة المطالب السابقة بمطالب القضاة والأطباء ورجال التعليم أو غيرهم ممن ساعدتهم الظروف وكان لهم الحظ في العثور على وظيفة أو شغل أو عمل. لماذا يحاولون التشويش، على مطالب الآخرين المشروعة والعاجلة ؟ لماذا يضعون العراقيل تلو العراقيل تحت ذرائع سياسوية ؟باسم الكرامة و حقوق الإنسان وغيرها من المصطلحات الرنانة و التي ظاهرها حق و باطنها باطل.
هل يكفي أن نقلد شباب مصر ؟ وهل بالتحياح و الشعارات و التطبيل و التزمير و(عظم خوك ألبخاري) نكو ن مثلهم، في غياب الشروط الموضوعية و الذاتية، الفرق كبير بين الشبابين وأقولها صراحة لا قياس مع وجود الفارق.
فبغض النظر عن الظروف الاجتماعية المتباينة بين البلدين، وبغض النظر عن الظروف التاريخية، و بغض النظر أيضا عن نوعية الحكم (ملكية/جمهورية) وعلاوة على أن النظام القائم في مصر جاء عن طريق الثورة (يا حسرة) فهناك خلاف كبير بين الوضعية العامة للشعبين...على مستوى القيادة الإسلامية ؛ فشباب مصر لديه رمز اسمه حسن ألبنا، لم يسع إلى الزعامة أو الحكم منذ ما يقارب 100 سنة،وإنما وضع خارطة طريق لمسلمي مصر، ومن بعده علم آخر اسمه عبد الحميد كشك ،وغيره ممن خاضوا حروبا ضارية ضد الثورة والضباط الأحرار الذين تمخضت ثورتهم فأنجبت مبارك.
أما نحن فالأستاذ عبد السلام ياسين ،يسعى إلى زعامة مفقودة أضاعها في حراكه و صراعه البوتشيشي.لنكن واضحين فعبد السلام أنشأ جماعته بناء على الانتقام من جماعة أخرى . ولكن دهشته ستكبر مع تعدد أعداد المريدين،وهنا سيتضخم الحلم ليصبح الهدف ليس الإنتقام وإنما الحكم. وما بني على باطل فهو باطل. المهم هو الوصول إلى عرش الخلافة ولا يهم كيف ؟ ولماذا ؟ فإذا كان إخوانيوا مصر قد قدموا الشهداء،فإن مريدي سي عبد السلام يسترزقونهم من شوارع آسفي وغيرها من المدن.بل كما قال لي أحدهم :لقد كنا نتمنى هزيمة قاسية للفريق المغربي،لنركب على وقعها السيكولوجي الجماعي.
أما اليسار المتطرف فهو يغرف،من إيديولوجية منتهية الصلاحية، فقدت بريقها وروحها بانطفاء عبد اللطيف زروال وسعيدة لمنبهي،وسقوط جدار برلين وتفكك الإتحاد السوفيتي
فما يجمع بين يميننا المتطرف و يسارنا المتجذر هو الحلم،،،،الأول يحلم بالخلافة على منهج النبوة،تبتدئ مع عبد السلام و تنتهي معه (وبعدي الطوفان) و الثاني يحلم بسلطة البروليطاريا و تحقيق مجتمع شيوعي (كومونة باريس) وكلاهما يرفع شعار الديمقراطية من أجل تكريس الاستبداد ،فهما يلتقيان في الحكم عفوا بل الحلم أقصد.
أما الباقي أو ما تبقى من الأطياف فهي إلى القطيع أقرب ،أو احتراما لها فهي كالببغاوات ،تردد الشعارات الكبيرة من أجل مطالب صغيرة،لاواقعية ولا مسؤولة،بل لاركيزة فكرية لها باستثناء نخبة قليلة غارقة في الشعبوية المدمرة و الانتهازية القاتلة والمصلحية العمياء.
حركية مصر أنجبها الفطاحل..."طه حسين ونجيب محفوظ و قاسم أمين وفرج فوده ونوال السعداوي وبنت الشاطئ والقائمة طويلة.. أما عندنا فلكم أن تبحثوا عن الأسامات و الأميمات التي تتزعمكم ......فسحقا لمن يتجون و يخرج ليطلق العنان لحنجرة ،أنهكها الحشيش و الإدمان، ولقطيع يمشي خلفه مرددا صدى الشابي و رنين ثورة مصر.