كشف التحقيق الصحفي الذي نشره الأحد "الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين" على موقعه الإلكتروني، وأطلق عليه اسم "وثائق بنما"، عن عدد من قادة الدول و رؤساء حكومات وشخصيات سياسية بارزة ونجوم الكرة الذين هربوا أموالا من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية أو شاركوا في شركات عابرة للبحار.
وظهر في الوثائق المسربة محمد منير الماجيدي، الكاتب الخاص للملك، ضمن لائحة من الأسماء الشهيرة على المستوى العالمي ضمن 11 مليون وثيقة تم تسريبها من شركة "موساك فونسيكا" للخدمات القانونية التي تتخذ من باناما مقرا لها وتُعتبر إحدى أكثر الشركات التي تحيط أعمالها بالسرية.
وكان المغرب هو البلد الوحيد الذي استبق نشر التحقيق الأضخم في تاريخ الصحافة العالمية، بعدما نشر موقع"Le360"، قبل أسابيع، أن صحفي أمريكي يدعى "ويل فيتزجيبون"، بعث رسالة إلى منير الماجيدي، الكاتب الخاص للملك محمد السادس، يطلب من خلالها مساعدته حول إنجاز تحقيق صحفي بخصوص ممتلكات تخص العاهل المغربي، عبارة عن زورق شراعي وشقة في مدينة باريس.
وذكر ذات المصدر أن الصحفي الأمريكي، أرسل مؤخرا سلسلة من الأسئلة لمنير الماجيدي، الكاتب الخاص للملك محمد السادس، عبر المحامي هشام الناصري. في هذه المراسلة، يشرح فيها أنه عضو شبكة من الصحفيين المستقلين، تنتمي إلى ما يسمى "التجمع الدولي للصحافيين الاستقصائيين" (ICIJ).
وأوضح ذات المصدر، أنه في المراسلة ذاتها، يشرح فيتزجيبون أنه يقوم بتحقيق حول شركات الخدمات المرحلة (Offshore)، ويسترسل أنه لا إشكال قانوني في امتلاك هذا النوع من الشركات، لكنه يبرر موضوعه بخطوة بعض الحكومات للتحقيق حول هذه الشركات وأصحابها.
ويؤكد ويل فيتزجيبون أنه رصد شركتين من هذا النوع، الأولى تدعى SMCD المحدودة، والثانية Immobiliere Orlon شركة مجهولة الاسم، مسجلتين على التوالي في الجزر العذراء ولوكسمبورغ، ويسيرهما منير الماجيدي، بصفته متصرفا.
واعتبر Le360 أن ما اكتشفه الصحفي الأمريكي، ليس في الواقع سوى معطيات متوفرة للعموم، ولا إشكال قانوني في ذلك، كما أكد ويل فيتزجيبون نفسه، في مراسلته، لكن "المضحك" يقول المصدر، هو ما سيُكشف لاحقا، حسب تعبيره.
ذات المصدر، زاد أنه بعد أن قدم الصحفي ويل فيتزجيبون في مراسلته، اسم الشركتين المذكورتين، وصل للنقطة التي اعتبرها عصب تحقيقه، فشركة SMCD اقتنت زورقا شراعيا في ملكية الملك محمد السادس. و أكد الموقع أن المغاربة يعرفون جيدا الزورق موضوع النقاش، فلطالما رأوه راسيا في موانئ شمال المملكة، يحمل اسم "البوغاز".. بيد أن الصحفي الأمريكي طلب من منير الماجيدي التعليق حول اقتناء هذا الزورق! مضيفا "أنتم من يسير شركة Immobiliere Orion، التي اقترضت سنة 2003 مبلغ 42 مليون دولار من أجل شراء وتجهيز شقة فاخرة بباريس. هل الشقة اشتريت لصالح الملك محمد السادس؟".
وأشار ذات المصدر، أن الصحفي الأمريكي برر تحقيقات شبكة الصحفيين، التي ينتمي إليها، بكون شركات ترحيل الخدمات، تشكل موضوع تحقيق من طرف الحكومات....
جدير بالذكر أن الوثائق المسربة (11.5 مليون وثيقة) تخص 140 زعيما سياسيا من حول العالم، بينهم 12 رئيس حكومة حاليا او سابقا، هربوا اموالا من بلدانهم الى ملاذات ضريبية. وتحتوي الوثائق على بيانات تتعلق بعمليات مالية لأكثر من 214 الف شركة "اوفشور" في اكثر من 200 دولة ومنطقة حول العالم.
وتم تسريب هذه الوثائق جميعها من مكتب المحاماة البنمي "موساك فونسيكا" الذي يعمل في مجال الخدمات القانونية منذ 40 عاما والذي بحسب هيئة الاذاعة البريطانية لم يواجه طيلة هذه العقود الاربعة اي مشكلة مع القضاء.
وأضاف الاتحاد ان هذه الوثائق حصلت عليها اولا صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الالمانية قبل ان يتولى هو توزيعها على 370 صحافيا من اكثر من 70 بلدا من اجل التحقيق فيها في عمل استمر حوالى عام كامل. ولم يوضح الاتحاد كيف تم تهريب هذه الوثائق.
ومن بين الشخصيات التي ورد ذكرها في التحقيق الدائرة المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولاعبا كرة القدم ميشال بلاتيني وليونيل ميسي، اضافة الى شركات مرتبطة بأفراد من عائلة الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي يرفع لواء مكافحة الفساد في بلاده، والرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو.
ومن بين الشخصيات العربية التي ورد اسمها في التحقيق إياد علاوي العضو البارز في حزب "البعث" العراقي، علي أبو الراغب رئيس الوزراء الأردني السابق، حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني رئيس الوزراء القطري الأسبق، حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر السابق، سلمان بن عبد العزيز آل سعود الملك الحالي للسعودية، حمد علي الميرغني الرئيس السوداني السابق، خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الإمارات و أمير ابو ظبي و أحد أغنياء العالم، محمد مصطفى مدير صندوق الاستثمار الفلسطيني، عبد السلام بوشارب عضو بالبرلمان الجزائري، محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود وزير الداخلية السعودي وولي العهد، الأخوان رامي وحافظ مخلوف، علاء مبارك الابن الأكبر للرئيس المصري السابق حسني مبارك.
وأعلنت الحكومة البنمية الاحد انها "ستتعاون بشكل وثيق" مع القضاء اذا ما تم فتح تحقيق قضائي استنادا الى الوثائق المسربة. بالمقابل ندد مكتب المحاماة بعملية التسريب التي طالته، معتبرا اياها "جريمة" و"هجوما" يستهدف بنما.