“لم نتلق دعوة للمشاركة، ولم نعرف من هي الجهة التي دعت أصلا لهذه المسيرة”.
كان ضروريا لأصدقائنا في العدل والإحسان أن يبحثوا في خيالهم بعيدا، لكي يعثروا على أكثر التبريرات إضحاكا لعدم انضمامهم لمسيرة االشعب المغربي (نداء الوطن) ضد التصريحات الاستفزازية للأمين العام الأممي فيما يخص ملف وحدتنا الترابية.
كان ضروريا أيضا أن نعيش هاته المسيرة لكي يفهم عدد كبير من أصدقائنا الآخرين الذين لطالما خرجوا مع “العدل والإحساس” تحت مظلة نفس “الهوندا” في مسيرات الوهم العربي أيام التحريك من الخارج لشوارعنا، أن الأمر لا يتعلق مثلما ظلوا يقولون لنا دائما بإخوة في الوطن، لديهم نفس الهم ونفس الأحاسيس معنا ونفس الإيمان بقضايانا، ولكن بجماعة لها همها الخاص بها، وأجندتها الخاصة بها، وانشغالاتها الخاصة بها، والوطن في كل هذا لايأتي إلا في صف أخير، وحين الضرورة فقط.
الضرورة التي تبيح المحظور كانت أيام العشرين، وكان مسموحا لأعضاء الجماعة بالتظاهر قرب السافرات وغير المحجبات من الفتيات الضالات “اللائي يضعن السيجارة في الفم” عساهن يهتدين في نهاية المطاف ويرتدين الحجاب أو النقاب، ويدخلن بيت الطاعة النضالي، ويشهرن الإسلام بعد الغي.
والضرورة كانت تبيح المحظور أيام الحلم بإقامة القومة على أوهام الدخول والخروج في الجدران ومنها وإحياء الليالي من سلا إلي كل أنحاء العالم بالمغناطيس الوهمي.
أما مسيرة من أجل الصحراء فلامعنى لها في قاموس الجماعة، ولا تعني شيئا. ثم إن الجماعة – مسكينة – لا تعرف من الجهة الداعية، وهي من الضروري والمؤكد لها أن تعرف من يدعو لمن.
والآن فقط علمنا أنها أيام العشرين كانت تعرف من دعا للخروج إلى الشوارع، ومن كتب الشعارات ومن حرك الشباب وخاط لهم العلم الكبير الذي تضمن إلى جانب أعلام مصر وتونس وليبيا والبحرين علم المغرب، وقال “سنعيش ماعاشوه وأكثر”.
أيضا علمنا – بحمد الله ورعايته – أن الجماعة خلال تلك المسيرات تلقت دعوة المشاركة فيها. ويشهد الله، ونشهد نحن جميعا كمغاربة، أننا كنا نرى ورقة “لانفيتاسيون” تصل كل سبت ليلا إلى مقر قيادات الجماعة وأنصارهم تترجاهم أن يكونو في الموعد في اليوم الموالي وأن يأتوا معهم بما تيسر من أمور لتسيير وتيسير المسيرات الخارجة كل أحد.
نشهد أيضا أننا كنا نعرف أن الوتر ليس موحدا، وأن القضية التي تخرج ثلاثة مليون مغربية ومغربي إلى الشارع وتهز المغاربة والمغربيات في منازلهم أيما هز، وتحيي المشاعر الوطنية التي لم تمت، هي قضية لاتعني للجماعة إلا القليل من الربح السياسي، لذلك لاحاجة لها بالوقوف قرب أبناء الشعب العاديين، الذين لايعرفون ربما كيف يتحدثون، ولا يعرفون كيف يقفون أمام الكاميرات، لكنهم بالتأكيد يعرفون كيف يحبون وطنهم الذي أعطاهم الحياة، وأعطاهم العيش، وأعطاهم إمكانية الخروج ثم الدخول دون أن يتعرض لهم إرهابي أو قاتل بسوء.
الحسابات اليوم تتفرق ، والسبل تتقطع، ولا حاجة للكلام عن جماعة “بوكو كلام” اليسارية لأنها جماعة لا تملك حتى حشودا تستطيع تسييرها. الحاجة اليوم فقط لسماع صوت الناس العاديين، من يحبون المغرب لوجه المغرب، ومن تعني لهم وحدة المغرب كل شيء، ومن يعلنونها وهم لا يمزحون : من مس شبرا واحدا من بلادنا بسوء نحن مستعدون لأكله بأسناننا.
هؤلاء هم المغاربة الذين أعرف والذين أنتمي إليهم، والذين سرت معهم يوم الأحد دون أن توجه لي دعوة رسمية ودون أن أعرف من الجهة الداعية.
يكفيني أنهم اجتمعوا تحت راية علم بلادي لكي أسير معهم حتى نهاية المطاف.
بقلم: المختار لغزيوي