الفرضية التي تبدو ممكنة الإبتلاع بالنسبة للعديد من المتتبعين، هو أن يكون القذافي ضحية، للفوضى التي اختارها هو بنفسه، حين وجد نفسه في مواجهة شعب استصغره بشكل مقيت، ووصفه بأبشع النعوت، وحين اختار مواجهته بالسلاح، تدفق بين أيدي مجموعات متعددة، كل واحدة اختارت اسما، بعضها مستلهم من التاريخ الإسلامي، وبعضها من تاريخ ليبيا، وبعضها من الفضاء القبلي.
الفرضية تعززها العبارات المتعددة التي كتبت في القناة التي قيل أن القذافي وجد بها جريحا رفقة عدد من معاونيه، ولأن كل كتيبة كانت تريد نسبة النصر إليها، فإن الذي اختار تصفيته على مسافة قريبة منه، حاول حسم الفوضى والتسابق والحماس، ووضع خاتمة على رأس الجلاد الذي كان الليبيون يرتعشون حتى من صوته.
الفرضية الثانية تميل إلى قراءة معطيات ترتبط بالمعركة ككل، فسواء كان القذافي قنبلة تهدد بحرق المقربين منه سابقا قبل أن ينقلبوا عليه ويتحولون إلى مسؤولين بالمجلس الإنتقالي أو الذين تحولوا إلى معارضين له دون أن يكونوا في المجلس.
فقد يكون هناك توجه لردم كل الأسرار التي يمكن أن تخرج بعد القبض عليه حيا، حيث ينتقل الصراع إلى داخل المساهمين في معارضته وإسقاطه، خصوصا وأن أصواتا ارتفعت مباشرة بعد قتله، تدعو إلى تنحية المسؤولين الذين خدموا معه لفترة، وعلى رأسهم محمود جبريل ومصطفى عبد الجليل، وهو صراع موجود وترجم في الظروف الغامضة لمقتل عبد الفتاح يونس قبل ذلك.
الفرضية الإستراتجية في قتل القذافي، قد تكون في حسم كل التداعيات المحتملة لبقائه حيا، سواء في تحريك أنصاره، الذين يوجدون في عدد من المدن الليبية أو خارجها، فهم أظهروا جسارة منذ أيام حين خرجوا في شوارع طرابلس بالسلاح لمواجهة قوات المجلس الإنتقالي، ويوجدون في عدد من المدن الأخرى بكثافة، وسيكون تحركهم على شكل عصابات، وربما في شكل الدولة المحتملة، وهو معطى ذكره محمود جبريل، خلال زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية لطرابلس قبل مقتل القذافي، وبذلك قد يمون قرار التصفية الفورية قتلا لكل هذه الإحتمالات.
مقتل القذافي بهذه الصورة، قد يكون من مصلحة عدد من قادة الدول الذين شاركوا بقوة في إسقاطه، وسبق للقذافي وابنه سيف الإسلام أن هددوا بفضح أسرار حملة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الإنتخايبة، كما تحدثت صحيفة الكاريدان، عن علاقة غامضة كانت تجمع توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق بمعمر القذافي، وغيرها من الأسرار التي ظل القذافي يراكمها، مع عدد من رؤساء الدول. وكل الخوف هو أن يتحول القذافي إلى بركان من المعطيات، سوف تتسابق وسائل الإعلام لتلقفها، وقد يشجعها التنافس السياسي في هذه البلدان، وحينها سيندم كثيرون لو بقي الطاغية حيا.