هلّل الناس لسقوط القذافي بسبب أعماله فهل يكمل الثوار مسيرته أم أننا بصدد بناء دولة مدنية متحضرة؟ إذا أردنا أن نأخذ الأمر على أنه انتقام فما قام به الثوار قليل بعد الجرم الذي ارتكبه القذافي بحق شعبه. فلقد حرموا كل أم أن تنهش لحمه نياً وهو على قيد الحياة انتقاماً لابنها الذي قتل أو عذب او اختفى، أو ابنتها التي اغتصبت، أو زوجها الذي سُلبت رجولته.
إذا كانت الغاية هي الانتقام فقد رحموا القذافي وحموه من تعذيب بطيء يتمنى أي ليبي عانى من نظامه أن ينال شرف تطبيقه، ولكن بهذا يكون الثوار قد اقتدوا بقانون الغاب الذي كان القذافي يحكم به. وخرجوا عن كل مبادئ ثورتهم.. وهذا ما نخشاه. إن الثورة ليست بالبطش بمن سبق، وإنما تحسب الثورة بالبناء لما هو قادم.
على المجلس الانتقالي البدء فوراً بإجراء تحقيق حول مقتل العقيد القذافي ومحاسبة كل من خرج عن القانون والأعراف، وإطلاع العالم بكل شفافية على تفاصيل ما حدث، والخروج برواية واحدة مؤكدة ومقرونة بدلائل حول ما جرى. حتى يكون الإعلان عن تحرير ليبيا بعد مقتل القذافي إعلاناً حيقيقياً، وإلا فإن غياب العدالة والشفافية سيعني أن القذافي لازال بيننا، ولكن كما عوّدنا دائماً بزيّ جديد، فبئس المصير.