بابلو إسكوبار...اسم له عدة دلالات خاصة حين يرن في أذن اطلعت على تاريخ كفاح الشعوب ضد القمع والحكرة والإستبداد... فبعد مشاهدة خطاب الشاب البيضاوي المركز ظل دماغي يشتغل مدة طويلة ليس فقط بسبب رسالته... و إنما أيضا نتيجة لما يمكن استنباطه من جميع مكونات ما جاء في الشريط المصور...
أولا الأسلوب: اسلوب مباشر صريح واضح بعيد عن كل التنميقات الخطابية أو الماكياج اللغوي الذي يستعمله الساسة و حتى من يلقبون أنفسهم بالمؤثرين بهدف دغدغة المشاعر لغاية يدركونها هم باستعماله و نحن أيضا ندركها كمتلقين لكن سحرهم يجعلنا نسقط في فخهم كالطريدة المطواع...
ثانيا اللغة: لغة يفهمها الجميع و يتحدثها الكل خاصة فئة الشباب بعد أن صارت الثقافة اليوم عبدا يسيره تدني الذوق و اختصارها في قشرة زائلة مع شروق شمس يوم جديد... لست ضد اللغة المستعملة بل على العكس من ذلك هي جزء من قوة الخطاب في الشريط كونها كانت تعبيرا عن التلقائية و الرغبة الدفينة تحت تراب العجز الذي راكته سنوات من التحكم و التسفيه و الضحك عى الذقون و سياسات استغباء المواطن الذي صار فقط مجرد رقم انتخابي في معادلة يتذكرها الفاعلون فيها قبيل كل موعد انتخابي...
ثالثا الخلفية: صحيح أن هناك من س"يتمنيك" على بطل الشريط بحجة أنه "مقرقب" أو مغيب بفعل تاثير مخدر ما... لكن في العمق هذا مجرد هروب للأمام... و سنجد أيضا -ربما- هاربين آخرين للأمام ممن سيعتقدون أن صاحبنا مجرد "شمكار" أي لا ينتمي إلى النخبة التي دورها التغيير وبالتالي لا صوت له اللهم كالصرصار الذي سيصيح الليل بطوله ليصمت بعد أن يكل و يتعب...
لن يأبهوا له فسرعان ما سيصبح الإزعاج جزءا من المعتاد... كل هؤلاء واهمون فتلك "النخبة" منها الغائب و منها المغيب و منها التائه كالقط تحت موائد الكبار الكثيرة... ليبقى ما سمعت في الشريط صرخة حقيقية مرجعها ألم معيش لا فقط شعارات تضامن عابرة أقصى أشكالها أحرف و كلمات و جمل تزين جدران عالم افتراضي تتسابق على الجيمات... هي الجرح الغائر الذي يحمل الفكر الثوري الحقيقي بعيدا عن ذلك المقنن مؤسساتيا و المقتصر على المكاتب و الرواتب و ربطات العنق و التصريحات في مختلف المنابر الإعلامية بهدف ململة المغرب قليلا نحو الأمام في سلم تنقيط الديموقراطيات... و في نفس الباب أثارني استشهاد صاحبنا بالدين من خلال حكاية محمد و عمر و الحمار -بغض النظر عن صحتها- ليزيد من مشروعية قوله فالمغربي دينه يسير بسيط سهل بعيد عن ذلك المستورد من الشرق كان أوسطا أو أقصى...
نهاية القول هنا مسروق من نهاية قول اسكوبار حيث طلب اللطف في القضاء لا رده... لأنه يعلم لا محالة أنه لن يسلم من مخالب الصقر المنقض على كل مطالب بحقه في العيش الكريم فنفس الصقر استنزف الأخضر متناسيا أن اليابس سرعان ما تهيج ناره... هنا أتساءل عن مآل إسكوبار و أي لطف هو فيه الآن؟ ألطف القنينة التي ربما يجلس عليها في هذه اللحظات أم لطف الخطاطيف التي غرزت في جلده ليعلق منه أم لطف الحمض الذي أذابه أم لطف القضاء و القدر الذي جعل ميتته طبيعية سببها حادثة سير أو طعنة سكين بعد مشاداة كلامية مع خليله أم سكتة قلبة مردها عصبيته الزائدة و الدليل عليها طريقة كلامه أو أوفر دوز...