|
|
|
|
|
أضيف في 12 فبراير 2016 الساعة 18 : 09
قد يتساءل القارئ عن سبب طرح السؤال بهذه الصيغة، خاصة و أنه انسحب منه منذ أكثر من 30 سنة بسبب التحول السلبي الذي شهده هذا التنظيم الإفريقي اتجاه القضية الوطنية، بعدما فوجئ المغرب بحضور جبهة البوليساريو إلى جانبه في إحدى مؤتمراته ليقرر الانسحاب منه و مقاطعة كل اشغاله، و يعتبر نفسه غير معني لا به و لا بقراراته التي لا يتجاوز صداها القاعة التي يصدر داخلها، لكن المغرب قبل أيام قرر المشاركة في إحدى أشغاله ممثلا في كاتبة الدولة لدى وزير الخارجية السيدة امباركة بوعيدة، هذا الحضور الرسمي فسر على أنه تمهيد للعودة لهذا التنظيم الذي لا يحمل من الاسم غير الشكل فقط، دون أن يصل للهدف الحقيقي الذي من أجله أنشئ قبل أن يتحول إلى أداة يتحكم فيها القذافي سابقا و بعده النظام الجزائري كممول له من خلال شراء رئاسة اللجان داخله، و دعم سياسي توفره جنوب تفريقيا، و ما الموقف الأخير الذي تم التعبير عنه بعد اللقاء الذي حضرته السيدة امباركة بوعيدة لدليل على استمرار التحكم في قرارات الاتحاد الإفريقي و تبادل الأدوار بين الجزائر و جنوب أفريقيا في اقتناص كل فرصة للتعبير عن مواقف معادية للمغرب خاصة فيما يتعلق بالقضية الوطنية، و قد كان قبل هذا الحضور الأخير الرسمي للمغرب، أن صرح غير ما مر وزير الخارجية السابق السيد سعد الدين العثماني بضرورة العودة للاتحاد الإفريقي، مما يعني أن هناك توجه داخل الدبلوماسية الرسمية يسير في اتجاه تبني هذا التوجه الدبلوماسي، و هو ما جعل من طرح سؤال هل هناك حاجة مغربية اليوم للاتحاد الإفريقي للعودة إليه؟
قبل الإجابة على هذا السؤال وجب توضيح ما يلي:
– الاتحاد الأفريقي هو جهاز لا يحضى بأية مشروعية دولية، و لا تأثير له أو لقراراته على المنتظم الدولي، كذا على دوله، فالعديد من المواقف التي سبق أن اتخذها أيام الربيع/الخريف الليبي دفاعا عن القذافي لم تلق أي صدى يذكر على التحالف الدولي لثنيه على ضرب ليبيا عسكريا، بمعنى أن هذا الجهاز غير قادر على حماية حتى الأنظمة التي كانت داعمة له ماديا و سياسيا حتى يدافع عن باقي القضايا و يكون لقراراته دور في حسم الصراع أفريقيا و دوليا، فهذا الجهاز قد تحول منذ سنة 2011 إلى أداة طيعة لدى النظام الجزائري بفضل الأموال الكبيرة التي يغدقها عليه و على أعضاءه للحفاظ على تواجد هش غير مرئي للعالم، يكفي فقط العودة لمؤتمره الأخير حتى ينتبه المتتبع للجان التي ترأستها الجزائر و كيف قامت بالأستحواذ عليها سواء من خلال دبلوماسية الرشاوي التي تعتمدها منذ سنوات من أجل احتلال مواقع وهمية للتشويش على المغرب، مستغلة التغطية السياسية التي توفرها لها جنوب افريقيا الذي تحتاج لمجهود مغربي ثنائي اتجاهها ليذيب الثليج الذي تحول ل حائط سميك بيننا و بينهم الذي في جزء منه يتعلق بالصورة النمطية التي مازال يحتفظ بها حزب المؤتمر الوطني الإفريقي اتجاه المغرب، الموروثة عن سنوات الرصاص التي تجاوزها المغرب من خلال هيئة الإنصاف و المصالحة، و قد ابتدأت بعض الجهات الحزبية بالقيام بهذه المحاولات قد تتعزز من خلال التعيين الجديد بسفارة المغرب لدى هذا البلد الذي له رمزية و بعد حقوقي قد يساهم في إيصال الرسالة الحقيقية عن المغرب و عن طبيعة النزاع المفتعل حول الصحراء خاصة على مستوى حقوق الإنسان، و إذا ما استطاع المغرب القيام بهذه المهمة سواء من خلال الخط السياسي الذي فتحه أحد الأحزاب السياسية لدى الحزب الحاكم هناك و يتقوى من خلال التغيير الدبلوماسي الأخير سيكون المغرب قد أمضى شهادة وفاة رسمية للاتحاد الإفريقي، خاصة و أن قراراته التي يصدرها لا تكون لها اي صدى، هذا ما يجعل أن الحاجة للتواجد بجهاز ميت لا تأثير له هو مجرد مضيعة للجهد الدبلوماسي الرسمي الذي إذا ما تم بدله مع الدول المعنية بالأمر بشكل شخصي، مباشر قد يكون التأثير على هذا الجهاز أكثر إيجابية من الدخول في بوليميك سيجد المغرب مجبرا على الانجرار إليه في حال قبل العودة لكرسيه.
– الاتحاد الأفريقي ظل منذ سنوات يصدر قرارات تعادي المغرب في وحدته، بل تحول لبوق جزائري، يصرف مواقفه داخل أجهزته، يكفي فقط العودة للسنة الماضية كيف حاول الاتحاد الأفريقي جر مجلس الأمن إلى استصدار قرار ضد المغرب خاصة على مستوى مطلب توسيع مهام المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، من خلال تعيين أحد أعضاءه كمراقب إفريقي على وضعية حقوق الإنسان بالصحراء، و هو الأمر الذي تصدى له المغرب في حينه، و رفض أي تعامل معه أو التعاطي مع قرارات جهاز تم تسييسه، و التحكم فيه ماليا، و تنظيميا، و قد حاول هذا الجهاز حضور مناقشة ملف الصحراء بمجلس الأمن السنة الماضية إلا أن الأمم المتحدة رفضت بشدة هذا الطلب لاعتبارات قانونية، أخرى متعلقة بالملف نتيجة التحول و المقاربة الجديدة التي تم التعبير عنها السنة الماضية في قرار مجلس الأمن 2218، بالتالي فالاتحاد الإفريقي جهاز لا مصداقية له على صعيد المنتظم الدولي، و لا تأثير لقراراته ليس فقط على الدول المعنية به، بل على المنتظم الدولي برمته، لمعرفتهم المسبقة بطبيعته الحالية و حالة الوفاة السريرية التي دخل فيها منذ أكثر من خمس سنوات بعد وفاة معمر القذافي و انهيار نظامه و دخول ليبيا في حالة فوضى و اقتتال داخلي، لذلك التفكير في العودة لهكذا جهاز هو هدر للدبلوماسية المغربية لأنه سواء كان المغرب حاضرا أم لا فإن مصير قرارات الاتحاد الإفريقي هي نفسها، أي إلى سلة المهملات الدولية، نظرا لفقدانه للمصداقية و الجدية في التعاطي مع النزاعات التي تشهدها مختلف البلدان الإفريقية التي لم يكن له أي دور في حلها، أو الإسهام في دفع المخاطر المحدقة بهذه البلدان، فكيف إذن يتم التفكير في العودة اليه؟
– المغرب و منذ سنوات عمد إلى اعتماد سياسة افريقية جديدة، من خلال تعزيز الشراكة الاقتصادية و الثقافية، خاصة منها الروحية لدى شعوب أفريقيا و هو ما انعكس بشكل إيجابي على انظمتها، هذا التوجه تعزز ببناء تحالف إفريقي يقوده المغرب الذي يعتبر هو المنفذ نحو اروبا، هذه الشراكات و الاستثمارات المتنوعة خلقت عمليا قطبا أفريقيا بديلا عن الاتحاد الأفريقي، بل مع مرور الوقت أصبح المغرب يستقطب أصواتا كانت لحد الأمس تعكس المغرب في وحدته الترابية، و تخلت عن هذا الجهاز بفعل الجدية التي تعامل بها المغرب مع البلدان الإفريقية، حيث أصبح التوجه أفريقيا و خلق قوة داخل المنطقة للتوجه للعالم للدفاع عن مصالح هذه الشعوب و حقها في العيش بسلام و الانتفاع من خيراتها، خيارا استراتيجيا ليس فقط للمغرب باعتباره قائدا له، بل أيضا لهذه البلدان نفسها التي وجدت فيه المدخل الطبيعي، الصادق للوصول لأوروبا و لباقي العالم بسبب حالة الاستقرار السياسي و الاقتصادي الذي يعرف المغرب، كذا بفضل المصداقية التي يتمتع بها لدى مختلف بلدان العالم، عليه فالتفكير إن كان هناك تفكير بالعودة للاتحاد الإفريقي هو توجه ديبلوماسي خاطئ سيضيع كل المجهود الدبلوماسي، الاقتصادي و التراكم الذي حققه المغرب خاصة في الثلاث سنوات الاخيرة بالضبط مع زيارة الملك لبعض البلدان الإفريقية، و ما صاحبها من توقيع لشراكات و اتفاقيات مالية، اقتصادية، تجارية مهمة،و سينطلق المغرب من الصفر في محاولة العودة للاتحاد الإفريقي و هي عودة ستكون ان حدثت لجهاز لا تأثير و لا صدى له، مضيعة لكل هذا الجهد و لكل ما قد يكسبه المغرب من خلال تقوية المسار الذي يتوجه فيه أفريقيا.
لكل هذه الأسباب، يظل التفكير في الاتحاد الأفريقي كخيار إفريقي هو تفكير مجانب للصواب، و مضيعة للوقت و للدبلوماسية المغربية التي اذا ما أحسنت استثمار النقط التي سجلها المغرب افريقيا، مع دعم الاختراق السياسي و الحزبي الذي تم الحديث عنه سابقا داخل المؤتمر الوطني الإفريقي من خلال خلق رأي سياسي داخله يتبنى بناء علاقة استراتيجية مع المغرب، و دفعه لتبني قرارات الأمم المتحدة كمرحلة أولى في أفق جعل هذا البلد داعم للمغرب مستقبلا، عن طريق إبراز التغييرات السياسية الهامة التي عرفها المغرب بدءا من السنوات 1999/1996 إلى الآن، بما فيها التطورات الحقوقية التي تظل هي مربط الفرس في علاقة المغرب بهذا البلد.
أكبر مكسب قد يحققه المغرب، بهذه الرؤية، سيكون أكثر استراتيجية من إضاعة الوقت في العودة لكرسي سيدخل المغرب لحلبة صراع ديكة، و سيضيع عليه الفرص التي خلقها في أفريقيا اليوم، و من بناء علاقات ثنائية جادة مع مختلف الدول الأفريقية على رأسها جنوب افريقيا.
نوفل البعمري
|
|
2283 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|