تحركت الولايات المتحدة ميدانيا بالقارة الإفريقية لمواجهة خطر تمدد الجماعات المتطرفة بمنطقة الساحل وشمال إفريقيا، لتشرع في برنامج مشترك لإعداد قوات مدربة على مواجهة هذا التنامي المقلق للحركات المتطرفة، وخصوصا القاعدة وتنظيم داعش، الذي بدأ يؤسس لمراكز متقدمة داخل القارة الإفريقية، وهكذا بدأت القوات الأفريقية برنامجا بقيادة الولايات المتحدة للتدريب على مكافحة الإرهاب في السنغال وسط ما وصفه قائد أمريكي بعلامات متزايدة على التعاون بين الجماعات الإسلامية المتشددة التي تنشط في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل.
التدريبات السنوية بدأت الاثنين بعد أسابيع من هجوم وقع في مدينة واجادوجو عاصمة بوركينا فاسو وخلف 30 قتيلا.
وأثار الهجوم الذي وقع على فندق يرتاده أجانب مخاوف من توسيع المتشددين وجودهم انطلاقا من معقلهم في شمال مالي صوب دول مستقرة حليفة للغرب مثل السنغال، حيث أعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عن أحد الهجمات الجريئة في منطقة الساحل الفقيرة الجرداء الواقعة بين منطقتي الصحراء ومناطق السافانا السودانية وتؤوي عددا من الجماعات المتشددة الرحالة.
الجنرال الأمريكي دونالد بولدوك قائد قيادة العمليات الخاصة بأفريقيا للصحفيين قال الاثنين «إن التعاون المتزايد بين الجماعات المتشددة مكنها من تعزيز قوتها والضرب بشكل أقوى في المنطقة»، وأضاف «التعاون يعرض نفسه جليا إذ أصبح تنظيم داعش أكثر فاعلية في شمال أفريقيا وأصبحت بوكو حرام أكثر فتكا في حوض بحيرة تشاد ويشن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي هجمات غير متماثلة… تستهدف البينة الأساسية في الحضر.»
التعاون بين هذه التنظيمات الإرهابية زاد مع استغلال تنظيم الدولة الإسلامية فراغا في السلطة في ليبيا لتوسيع مناطق وجوده، في نظر الجنرال الأمريكي، الذي أضاف «نعرف أنهما (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والدولة الإسلامية) يعملان معا بشكل أوثق في ليبيا.»
المبادرة الأمريكية تأتي في وقت خلصت فيه عدد من التقارير الدولية على تنامي هذا الخطر، وأكدته الهجمات المتواترة التي قادتها كل من القاعدة وتنظيم داعش بمنطقة الساحل وغرب إفريقيا حيقية الخطر الذي تشكله هذه الجماعات، وسواء تعلق الأمر بالضربات التي نفذتها هذه الجماعات بكل من نيجيريا والكاميرون ومالي أو بوركينافاصو وتونس، أو بما يجري من تحرك داخل ليبيا لإنشاد مركز لداعش لتطوير التنسيق بين هذه الجماعات، بل وتأكد اختراق هذه الجماعات للحركات الإنفصالية ومنها مخيمات لحمادة، حيث تأكد تنسيق عناصر من بولزاريو مع جمعيات متطرفة سواد في تهريب الأسلحة أو عمليات الخطف التي تطال السياح الغربيين.
تحرك الولايات المتحدة يأتي لكسر الطوق الذي حاول محوور الجزائر ضربه ضد التنسيق الإقليمي لمواجهة الإرهاب، حيث سبق وأفشل العديد من اللقاءات التي عقدت لهذا الغرض، وهو ما انتبهت إليه القمة الإفريقية الأخيرة بأديس أبابا، والتي صبت اهتمامها لمواجهة التطرف، حيث انتقد عدد من القادة الأفارقة محاولة البعض عرقلة تنسيق الجهود بين دول المنطقة لمواجهة التطرف، وعتبر عدد من الزعماء أن التنسيق يتجاوز فكر المحاور.
وأثبتت التجربة أن المعرقلين لم يقدموا أية دلائل، في الوقت الذي استطاع المغرب مثلا أن يقدم دعما ملموسا لعدد من الدول الإفريقيية ومنها النموذج المتميز لدولة مالي في مجال التأطير العسكري، حيث دربت القوات المسلحة المغربية في سنة 2014 مئات من الجنود الماليين من أجل مكافحة التطرف والإرهاب في مالي، كما حصل 400 جندي مالي على نفس التدريب خلال فترة سابقة، وركزت التدريبات على تقنيات مكافحة الإرهاب، وكيف يمكن تحديد أماكن تموقع العدو والجماعات الإرهابية، وطرق مواجهته في الصحراء، والتدرب على حرب العصابات، على أن يكون المتدربون هم طليعة الجنود الماليين الذين ستكون مهمتهم مواجهة التنظيمات الإرهابية التي تنشط في صحراء مالي.
عبد الكبير اخشيشن