كما أكدت ذلك مرارا وتكرارا ، العديد من تقارير المنظمات الدولية و المراكز المهتمة بالشؤون الأمنية عبر جميع أنحاء العالم ، اضحى تواطؤ ” البوليساريو” مع الجماعات الإرهابية يشكل خطرا داهما على السلم والامن بالمنطقة.
ويشكل تفكيك المكتب المركزي للتحقيقات القضائية مؤخرا ، لخلية إرهابية مرتبطة بتنظيم “الدولة الإسلامية” ، كان أعضاؤها يخططون للالتحاق ب ” داعش” في ليبيا بمساعدة عصابات “البوليساريو” المتخصصة في التهريب والجريمة المنظمة ، دليلا يظهر مدى التأثير الخطير الذي يمكن أن تحدثه هذه الحركة الانفصالية على المستوى الأمني في منطقة المغرب العربي وأوروبا.
فبعد أن كانت جبهة ” البوليساريو” بمثابة الذراع اللوجيستي لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي ، ها هي اليوم تقوم بدور دنيئ جديد في منطقة الساحل والصحراء ، حيث أصبحت من مزودي الجهاديين التابعين ل ” داعش” في ليبيا وسوريا بالأسلحة.
لقد كان أعضاء هذه الخلية الإرهابية يحاولون الحصول على أسلحة ، وهو نشاط موبوء يمتهنه مرتزقة “البوليساريو” في هذه المنطقة ، وذلك لتنفيذ عمليات إرهابية في عدد من مدن المملكة.
هذا هو المشروع الجديد الهدام الذي تنوي جبهة “البوليساريو” تبنيه من أجل إلحاق الضرر بالمغرب برعاية حاميها الجزائر، وذلك للتعويض على الفشل الذريع في إقناع المجتمع الدولي بمشروع إقامة دولة وهمية ، و أمام النجاح الذي تشهده سياسة التنمية التي تنفذها المملكة في الأقاليم الجنوبية، والهادفة الى تطبيق نموذج تنموي فعال يراعي خصوصيات المنطقة ، ويستجيب لتطلعات الساكنة.
وبالفعل ، فقد أثار العديد من الخبراء الدوليين الانتباه ، إلى هذه الظاهرة التي تزداد خطورة نتيجة الجمود الذي تخلقه الجزائر بعرقلة التوصل إلى حل لهذا النزاع المفتعل حول الصحراء ، وبالتالي حصول اندماج اقتصادي مغاربي .
ففي عام 2008، كان مركز الاستخبارات والأمن الاستراتيجي الأوروبي ، ومقره في بروكسل ، قد حذر من تقارب “البوليساريو” مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ، مؤكدا أن “الاستقلال” الذي تعد به قيادة الانفصاليين أصبح في نظر حتى أتباعه ومؤيديه بمثابة وهم.
وكان التقرير قد أشار الى أنه في مواجهة الفراغ الأيديولوجي، فإن الأوضاع الاجتماعية الكارثية في مخيمات تندوف تدفع بجزء من شباب ” البوليساريو” الى مغادرة المخيمات للبحث عن نشاط أكثر عنفا .
ويتعلق الامر في النهاية، وفقا للمركز، بتركيب اصطناعي شيطاني يجمع بين الذين لديهم برنامج ديني وسياسي متطرف للغاية ، وهؤلاء الذين يشعرون بخيبة أمل من جبهة “البوليساريو” والذين يناضلون من أجل دولة انفصالية لن تر النور أبدا .
وبدوره ، حذر المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب (آي سي تي إس) ومقره في الولايات المتحدة ، ضد الارتباطات بين الجماعات الإرهابية العاملة في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل وميليشيات “البوليساريو” التي يتم تجنيد أفرادها في مخيمات تندوف ، مشيرا الى تزايد وتيرة تواجد تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة التابعة له في المنطقة.
وأشار التقرير إلى أن تنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات المتطرفة في المنطقة تسعى إلى استغلال الوضع في المخيمات التي تسيطر عليها جبهة “البوليساريو” للقيام بأنشطة مكثفة للتجنيد ، مشددا على الضرورة الملحة لمواجهة هذا التهديد المتزايد للتطرف في مخيمات تندوف.
وبالنسبة للأستاذ شارل سان برو، المدير العام لمرصد الدراسات الجيوسياسية في باريس ، فإن التفكيك الاخير للخلية الإرهابية التي تنتمي ل” داعش” وتعتمد على أعضاء من جبهة “البوليساريو” هو دليل جديد على ” الخطر الذي تشكله هذه الحركة الانفصالية في المنطقة”.
وذكر في تصريح لوكالة المغرب العربي للانباء ، بأن جبهة “البوليساريو” شكلت دائما عاملا لزعزعة الاستقرار وانعدام الأمن.
وقال سان برو ” إن هذه الحركة سبق أن استخدمها القذافي في صخبه ، كما استعملتها الجزائر والكتلة الشيوعية في السابق لإضعاف المغرب في إطار الحرب الباردة ، وها هي اليوم دمية في يد النظام الجزائري الذي يسعى إلى تنفيذ أهداف خطيرة تهدد السلام والأمن في المغرب العربي ومنطقة الساحل والصحراء.
وأوضح أنه بوجود روابط مع تجار المخدرات وعصابات المافيا التي ابتليت بها المنطقة بالتعاون مع الإرهابيين ، فمن الطبيعي المشاركة في عمليات الحركات الإرهابية لأن جزء من أعضاء “البوليساريو” يشاطرون أفكار الحركات السياسية الدينية التي تستغل الفقر وسوء الأحوال المعيشية للسكان المحتجزين في مخيمات تندوف في الجزائر.
وأضاف أنه في السابق ، كان الشباب المتهور في مخيمات تندوف يهتف بتنظيم القاعدة وربيباتها (فتح الأندلس، والمرابطون وبوكو حرام.. ) ، أما اليوم ، فهم يتوجهون نحو الدولة الاسلامية التي يعقدون عليها أملهم.
إن اتجاههم حاليا هو ليبيا التي أصبحت بمثابة معرض كبير للأسلحة التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة وخارجها ، أما خطتهم فهي دمج الشبكات الإرهابية المحلية والدولية مع نوايا عدوانية تجاه المملكة.
ومنذ هجمات 16 ماي عام 2003 التي استهدفت مواقع في مدينة الدار البيضاء ، تمكنت السلطات المغربية من تفكيك شبكات إرهابية عديدة ضمت من بين أعضاءها نشطاء من “البوليساريو”.
إن التحذيرات الدولية تؤكد على الحاجة الملحة لمعالجة الوضع الأمني في المنطقة، والتي تزداد تفاقما بسبب عرقلة الجزائر لتسوية قضية الصحراء.
والان ، يبدو أن أعضاء من جبهة “البوليساريو” ربطوا علاقات مع جماعة ” داعش” ، وبالتالي أصبحت “البوليساريو” عاملا رئيسيا من عوامل انعدام الأمن وعدم الاستقرار.
وتساءل شارل سان برو ” عندما نعرف أن الجماعة الانفصالية ليست سوى أداة من أدوات النظام الجزائري ، ولا تستطيع أن تفعل أي شيء دون موافقته، فإن المرء يتساءل الى أي حد هناك تورط جزائري في المسألة ” مضيفا ” هل الأمر يتعلق بعدم الكفاءة أو أن ذلك يعد مظهرا جديدا من لعبة خطرة، وهو الأمر الذي يهدد في نهاية المطاف المغرب العربي ومنطقة الساحل”.
وخلص الى انه حان الوقت للمجتمع الدولي لكي يفتح عينيه أمام الخطر الكبير الذي تمثله الأنشطة الإجرامية لجبهة “البوليساريو” التي يتعين ادراجها ضمن قائمة المنظمات الإرهابية.