دعا رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق أحمد بن بيتور إلى تغيير النظام في بلاده بأكمله، وفي أقرب وقت ممكن، منوها إلى ضرورة عدم الاكتفاء باستبدال بعض الاشخاص غير المؤثرين فيه بآخرين، وذلك قبل أن يكون هذا التغيير مفروضا من الشعب الغاضب على النظام.
وأكد السياسي البارز ان الجزائر أصبحت اليوم "بلدا مفتوحا على كلّ المخاطر"، في إشارة إلى احتمال قيام صدامات دامية بين عموم الشعب والسلطات القائمة التي تثبت من يوم إلى آخر أن مساعيها للانفتاح السياسي ليست إلا محاولات يائسة وشكلية لإطالة عمر النظام ولا تغير من واقع الاستبداد والفساد والفقر شيئا في واقع الجزائريين.
وقال بن بيتور في تصريح لصحيفة "الخبر" الجزائرية إن بلاده تعاني من عدة مشاكل معقدة، أهمها المشكلة السياسية التي يراها سببا لكل المشاكل الأخرى وخاصة الاقتصادية منها.
واضاف رئيس الحكومة الاسبق أن "النظام توفرت لديه من الأموال ما يمكّن من بناء اقتصاد منتج، ولكن لم يفعل شيئا، واليوم هو عاجز عن مواجهة المخاطر".
وأكد أن "تغيير النظام يأتي عن طريق أربع حالات.. الأولى أن يسلم النظام بنفسه أنه غير قادر على الاستمرار بسبب حالة العجز والوهن التي وصل إليها.. والثاني إطلاق مفاوضات بين المعارضة والنظام، وأقصد بذلك التغيير المتفاوض عليه.. والثالث حدوث انقلاب عسكري.. والرابع هو انفجار الشارع".
واستطرد المسؤول الجزائري الكبير الأسبق معلقا عن كلامه حول الفرضيات الممكنة لتغيير النظام قائل "في الدولة المائعة التي نحن فيها اليوم، لا أتصور أن النظام يأخذ قرارا بتغيير نفسه.. أما الصيغة الثانية، الملاحظ أن المعارضة لم تبن قوة لفرض التفاوض مع النظام. فيما يخص الانقلاب العسكري، لا أحد يريده زيادة على أنه يغيَر الأشخاص وليس النظام.. تبقى الفرضية الرابعة التي أتوقع حدوثها وفي ظرف غير بعيد".
وقال بن بيتور إن تشجيع الاستثمار الذي تتحدث عنه الحكومة في قانون المالية 2016، "يتطلب توفر ادخار من العملة الصعبة ومن الدينار والتحكم في التكنولوجيا، وتسييرا ناجعا ومناخ أعمال نظيفا تغيب فيه البيروقراطية والرشوة والامتيازات، ويتطلب توفير العقار".
واستدرك ان "الواقع يقول اليوم إن الجزائر مصنفة 88 عالميا في مكافحة الفساد والمركز 163 فيما يخص مناخ الأعمال، ودخلت في السنوات العجاف بفقدانها الادخار.. لذلك فالحديث عن تشجيع الاستثمار أصنفه (ضمن) سياسة الهروب إلى الإمام".
وعدد رئيس الحكومة الأسبق العديد من المشاكل الاقتصادية التي تؤكد أن النظام الجزائري بات يواجه خطرا شديدا لا سيما وأنه يبدو عاجزا عن حلّها لأسباب تتعلق بالسياسات من ناحية وبتدهور المقدرة المالية للبلاد من ناحية أخرى في ظل انهيار اسعار الطاقة في الاسواق العالمية.
وقال بن بيتور إن الاقتصاد الجزائري يعاني من الهشاشة ومن التبعية المفرطة لصادرات المحروقات، التي لا مفر منها لتمويل الاستيراد والميزانية. كما ان الجزائر تستورد 75 بالمئة من المواد الاستهلاكية من الخارج الأمر الذي أدى الى ارتفاع فاتورة الواردات من 12 مليار دولار عام 2001، إلى 65 مليار دولار سنة 2013، ما يعني زيادة بـ500 في المئة.
ومعلقا على التغيير في بعض مواد الدستور المزمع التصويت عليه الأربعاء وصف بن بيتور طريقة تصويت أعضاء البرلمان على التعديل بأنها تحمل في طياتها "إهانة" للنواب أنفسهم.
وقال إن مشروع التعديل "يعكس بوضوح تسلط النظام سواء من حيث محتواه أو طريقة المصادقة عليه، التي سبق أن اتبعت في 2008 وكانت غير دستورية، إذ كان ينبغي استفتاء الشعب لأن الدستور خيار مجتمع، ويجب أن ينبثق من الأمة وليس من القمة".
وسخر من قول المجلس الدستوري إن التعديلات لا تمس بمبادئ المجتمع ولا بتوازن السلطات، وبالتالي لا حاجة للاستفتاء، متسائلا "هل يعقل إحداث مراجعة وإضافة مواد يصل عددها إلى 100، ولا يحدث ذلك تغييرا عميقا في الدستور؟"
وراى رئيس الحكومة الجزائرية الاسبق أن "المجلس الدستوري يوجد في نفس الحالة التي وجد عليها في 2008، فالتعديل لم يكن دستوريا ومع ذلك تمت تزكيته.. مثله مثل البرلمان بغرفتيه الذي لم يحترم قواعد الدستور وأعضاؤه قبلوا الإهانة بالتصويت برفع الأيدي دون نقاش، ولا حتى طرح نقطة نظام".
بلقاسم الشايب الجزائر تايمز