لطالما شغل هذا الموضوع مخيلتي لكنه لم يتجاوزها ليصل إلى قلمي فيحاول رصد هذه الظاهرة من مختلف جوانبها ، التحول في حد ذاته كمصطلح مجرد قد يخيف البعض من أصحاب الأفهام الجامدة التي لا يروقها التغيير في أي إتجاه كان، لأنها تعودت و ألفت البقاء حبيسة الجمود مخالفة بذلك طبيعة الكون المتغيير و المتحول .
بعيدا عن المفاهيم الفلسفية أود الحديث عن مفهوم القيم وأتسائل هل بدأ المجتمع المغربي يفقد علاقته بقيم الماضي القريب التي عشنا في كنفها كل ماهو جميل على بساطة رؤيتنا للعالم من خلال محيطنا الذي لم يكن يتجاوز الحي أو المدينة وإن كبرت.
اليوم أصبحنا نعيش في إطار العولمة و نظامها الرأسمالي الجَشِع و المبني أساسا على المنافسة وليس على التكامل الإقتصادي الذي يراعي الضعيف و يحاول دعمه و لكن مع الأسف هذا النظام الإقتصادي يَسحق كل من هو ضعيف إن لم يتمكن من إستغلاله .
هذا التحول في العالم المحيط بنا جرنا كأفراد كوننا ننتمي إلى مجتمعات هشة و ضعيفة دينيا، إقتصاديا و فكريا الخ... إلى تبني نفس المفاهيم ولكن بصورة أكثر تطرفا ، فأمسينا نستهلك كل ما ينتجه الآخر من الفكرة بمفهوما إلى الإبرة بثقبها، فتغيرت بذلك أغلب القيم على سبيل المثال العائلة الكبيرة التي إختفت اليوم من الوجود فأصبحنا نعيش في تكتلات لا تزيد عن 3 إلى 5 أفراد ما يزيد من التنافسية ويضعف التضامن و التكافل، وصارت جرائم الأصول و الفروع حديث الإعلام اليومي.
مثال آخر : الإستهلاك كقيمة كان مقتصرا على الضروريات أما اليوم فنشتري أشياء لنستعملها مرة واحدة أو لن نستعملها ولكن لمجرد رغبة خلقت من خلال الإعلانات.
الأخلاق كقيمة صارت اليوم نسبية على الرغم من أنها كانت قيمة مطلقة لا تتجزء و لا تستهلك كباقي المنتجات .
النجاح كقيمة مضافة للفرد و المجتمع أصبح محصورا في القيمة الإقتصادية لما يملك الإنسان ، وليس فيما يمكن أن يقدمه من أفكار و إنجازات .
في الأخير أود الإشارة إلى أنه للخروج من هذا الصراع ينبغي على النخبة المثقفة و الواعية بما ستؤول إليه الأمور إيجاد النموذج الأمثل الذي يحافظ على الهوية و يراعي مقاصد الشريعة الإسلامية و مختلف الإنتمائات العرقية و الجغرافية الخ...