إذا كان الوزير الجزائري في الشؤون المغاربية والإفريقية مساهل قالها إلى السفير المغربي في الجزائر بدبلوماسية معتادة في مثل هذه الحالات، فإن الصحف الجزائرية الناطقة بإسم الأجهزة هناك لم تجد حرجا في الإفصاح عما يختلج في أعماق أصحاب القرار في الجزائر الشقيقة. حيث تطوعت مثلا جريدة "الوطن" بالقول إنه لا يوجد ما يبرر عبور مآت المغاربة لمطار هواري بومدين في الجزائر العاصمة والقادمين من مطار الدارالبيضاء غير إلتحاقهم للجهاد في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في ليبيا.
فهم - حسب إدعاء جريدة الجنرالات في الجزائر - لا يتوفرون على بطاقات الإقامة في ليبيا الشقيقة، وزادت الجريدة في منسوب الإجتهاد حينما ألمحت إلى أن المخابرات المغربية هي التي تؤطر سفر هؤلاء.
طبعا، الخبث الجزائري واضح وجلي في هذه الحالة. فجنرالات الجزائر لم ينظروا بإطمئنان إلى مفاوضات الصخيرات ما بين الفرقاء الليبيين، وحاولوا التشويش عليها بتنظيم مفاوضات موازية بين ليبيين فوق التراب الجزائري والتي كانت دون جدوى ولم تحض باهتمام الرأي العام. والنتائج المتوصل إليها بين الفرقاء الليبيين في الصخيرات تحت إشراف الأمم المتحدة بوأت المغرب موقعا متقدما ومقدرا لدى الأشقاء في ليبيا، وهذا ما لا يمكن أن تقبله الأجهزة الجزائرية.
لذلك تفطنت إلى أهمية استغلال تنقل مجموعة من المغاربة الحرفيين الذين يتوجهون إلى الجزائر وإلى ليبيا للإشتغال خصوصا في الجبص والزخرفة والنقش، وبعض منهم يفكر في التوجه إلى ليبيا للهجرة السرية نحو الديار الأوربية لاستهداف الدور المغربي في ليبيا وضرب الآثار الإيجابية التي ترتبت على مفاوضات الصخيرات.
والجنرالات في الجزائر يعلمون قبل غيرهم أن هذه المحاولة البئيسة ليست قادرة على خدش الصورة الإيجابية للمغرب فيما يتعلق بالتصدي للإرهاب ومحاربته بشتى الوسائل، وله مصداقية في هذا الشأن لدى الرأي العام الدولي والدول الأوربية بالخصوص.
والأشقاء الليبيين لن يكونوا صيدا سهلا لطعم جزائري فاسد. ولا يخفى على أحد في تونس وفي ليبيا الشقيقتين أن أحد أهم مصادر دعم وتمويل وتنشيط الإرهاب في المنطقة هي الجزائر الشقيقة التي يقبض الجنرالات برقبتها.
عبد الله البقالي.