في سياق محاولة الرأي العام الجزائري الكشف عن حقائق اغتيال الرئيس الجزائري السابق، محمد بوضياف، الذي قضى جزء كبيرا من عمره مترددا على المغرب؛ خرج علال الثعالبي، الذي يوصف بصديق بوضياف منذ زمن "ثورة التحرير" وإلى غاية يوم اغتياله صيف 1992، يقول إن السبب المباشر وراء تدبير الجنرالات لمقتله كان "التوجس من علاقته مع الراحل الحسن الثاني".
الثعالبي الذي كان يحكي عن أيام بوضياف الأخيرة قبل إقدام حارسه الشخصي على قتله بالرصاص في جلسة علنية داخل دار الثقافة بمدينة عنابة يوم 29 يونيو 1992، أورد أن الرئيس الجزائري وقتها كان بصدد التحضير لحفل زواج ابنه في مدينة القنيطرة بالمغرب، وكان ينوي السفر وقتها إلى المغرب "إلا أن رئيس المخابرات السابق محمد مدين المعروف بـ"توفيق مدين"، حاول منعه لأنهم شكوا في ذهابه للتنسيق مع الحسن الثاني، خاصة وأنه أصبح رئيسا للجزائر".
وأضاف عضو مجلس قيادة الثورة قبل استقلال الجزائر، في جلسة حوارية على التلفزيون الجزائري، أنّ ما أثار كثيرا من تلك الشكوك هو "سحب بوضياف لمقال خاص بجريدة تسمى المساء من المطبعة يهم موقف الجزائر الرسمي من قضية الصحراء الغربية"، مشددا على أن بوضياف كان يرفض التدخل في صلاحياته، "حتى إنه قال لزوجته ليلة سفره: جهزي الحقائب، إذا أرادوا منعي فسأذهب إلى المغرب ولا أعود أبدا".
ويروي الثعالبي، الذي يوصف بـ"المجاهد الجزائري" ورفيق بوضياف في المعارضة بعد الاستقلال، أن صلته ببوضياف بدأت منذ زمن الثورة، حيث "كان رجلا من رجال المقاومة، وعرفته أثناء الثورة الجزائرية عام 1955 حيث كان في مدينة الناظور بالمغرب (...) كما التقيته في وجدة حيث تم تسليم السلاح لرجال الثورة وكان ينسق مع جيش التحرير المغربي".
المتحدث، الذي تولى نيابة لجنة التحقيق في اغتيال بوضياف، أورد كيف أن الأخير تعرض للاعتقال بعد الاستقلال، إلى أن أطلق سراحه عام 1965، "فاستقر لمدة في فرنسا، وبعد ضغوط من الجزائر على السلطات الفرنسية حول إقامته انتقل إلى المغرب حيث استمر كمعارض واستقر في مدينة القنيطرة".
وفي وقت كان بوضياف متفرغا لشؤونه المهنية مشرفا على "مصنع متواضع" في القنيطرة، وفق تعبير الثعالبي، أورد الأخير أنه كان يزوره في المغرب "بداعي العلاج في منطقة سيدي حرازم بفاس"، مشددا على أن العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني عرض عليه توفير حراسة شخصية، "لكنه رفض، ولم يستغله الحسن الثاني ضد النظام الجزائري".
الثعالبي خلص إلى أن أبرز أسباب اغتيال الرئيس الجزائري الأسبق محمد بوضياف كانت صلته بالمغرب، إذ "كان معارضا للنظام الجزائري، وكان يرى أن ملف الصحراء الغربية هو صراع بين الرئيس بومدين والملك الحسن الثاني، وكان همه هو بناء المغرب العربي"، وأكد أن بوضياف قضى ما مجموعه 30 عاما في منفاه بالمغرب.
"تم تعيينه رئيسا للجزائر واستُغِل كحل مؤقت لسد الفراغ السياسي الحاصل في الجزائر"، يقول الثعالبي، الذي أضاف أن اتصالات أجريت معه قبل أيام من عودته للجزائر في يناير 1992 ليشغل منصب الرئيس بعد الشاذلي، موردا أن وضع بوضياف كرئيس استمر لـ6 أشهر فقط، ليتم اغتياله في يونيو 1992، "رأوا فيه رجلا يصعب استغلاله وتخوفوا من مستقبله كرئيس منتخب".