|
|
|
|
|
أضيف في 25 يناير 2016 الساعة 18 : 06
تتبعت مؤتمر البام بما تيسر من أخبار وصولا إلى انتخاب أمينه العام الجديد السيد إلياس العماري، قبلها كنت كغيري من المهتمين بالشأن العام اتابع التحضير خاصة وثيقته المذهبية التي اعتبرت بالنسبة للباميين، ولادة فكرية جديدة للحزب، كان الرهان كبي را على هذا الحزب ليتحول لقوة حداثية حقيقية تنظيمية و سياسية تجعله يغطي الفراغ الحاصل داخل المجتمع خاصة و أن التدافع الموجود داخل المجتمع يجعل من بناء و وجود قوة حداثية ذات راهنية كبيرة، من هنا كان أغلب الفئات الاجتماعية تراقب مؤتمر البام و ما سيسفر عنه من نتائج تنظيمية و فكريا. على مستوى الوثيقة المرجعية: الوثيقة و إن كانت تحاول تبرز الحزب و كأنه متموقع بوسط اليسار، و أنه ينهل من الليبرالية الديموقراطية، و من الاشتراكية المبادئ الاجتماعية، فهل استطاعت الوثيقة التي اعتمدت من المؤتمر تجسيد الوضوح الفكري و الأيديولوجي، أم أنها كرست اللبس و عدم الوضوح و الخلط في بعض المبادئ حتى جعلت من الوثيقة تكون موجهة و مخاطبة الجميع، اليساري، الليبرالي، المحافظ و الأعيان داخل الحزب، هذا الخلط و إن كان على مستوى الحزب فيه نوع من الجدة للحفاظ على تلاحم و اندماج هذه القوى الاجتماعية، المتضاربة المصالح ماديا و تاريخيا، فإنها بالمقابل على المستوى العام جعل هذا التداخل يجعل منها و من خلالها الحزب، يظهر بمظهر "الحركة" الجامعة و الموحدة لكل هذه الأطياف و ليس الحزب كأداة اجتماعية و سياسية تتترجم تنظيميا، بالتالي فالذي صاغ الورقة صارخا بعقلية الحركة و ليس الحزب، و هو ما ساهم في ضبابية الوثيقة و عدم قدرتها على أن تكون المعبر عن الخط وسط يسار كما سماه الامين العام للحزب. الوثيقة المرجعية حافظت على التوازن الاجتماعي و الفكري الذي على أساسه انطلق منه الحزب، و الأرضية التي عجلت بميلاده الأول، و كرست حاجة الحزب إلى قوة محافظة داخله تكون هي المدخل لدخول غمار الانتخابات و تحقيق المقاعد، و المكاسب السياسية، لوعيها أن الوضوح الفكري صعب خاصة عندما يتعلق الأمر بتبني الفكر الحداثي/التحديثي لبنية الدولة قبل المجتمع، بالتالي ظل اللاوعي الانتخابي هو المتحكم في صياغة الوثيقة، و في كتابتها و تحديد منطلقات الحزب المرجعية. على مستوى مواجهة الإسلاميين: الوثيقة المرجعية، وتصريح السيد إلياس العماري كأمين عام للحزب، في تأكيدها على مواجهة الإسلاميين، فيه اختزال ضيق لطبيعة الصراع داخل المجتمع و الدولة، فتاوي الصراع كان بالأساس طيلة أربعين سنة هو بين المخزن و الديموقراطيين توج بالتوافق، و انطلاق مسلسل البناء الديموقراطي داخل المغرب تعزز بتولي محمد السادس للحكم، هذا البناء هناك عدة عقبات تواجهه، عقبة داخل الإدارة التي تعتبر أي بناء ديموقراطي خاصة إذا كانت منخرطة فيه المؤسسة الملكية سيشكل تهديدا حقيقيا لاستمرارها، و لمصالحها، و عقبة داخل المجتمع الذي تعتمله عدة مشاكل اجتماعية و اقتصادية وثقافية جعلت منه لقمة صائفة في يد التطرف و الانحراف بكل أنواعه، الديني منه و الاجتماعي كذلك، حيث كليهما يشكلان معا خطرا حقيقيا و مباشرا على تماسك المجتمع و على توازنه، لذلك أن يجعل البام من التطرف الديني الخطر الوحيد الذي يتهدد المغرب، دون النظر لمسبباته الاجتماعية و الثقافية و تحليلها بالاستعانة بأدوات التحليل السوسيولوجيا لبنى المجتمع المغربي و للتحولات الذي اعتملت داخله خاصة لدى الجيل الجديد، فيه تقزيم لطبيعة الصراع الاجتماعي، إلى جانب التطرف الديني هناك قضايا تؤدي إلى المزيد من الاحتقان الاجتماعي و اليأس داخل المجتمع منها: الإحساس بالاقصاء الاجتماعي و السياسي، الفقر، البطالة، تراجع الثقافة، الريع…غيرها من القضايا التي تشكل تهديدا مباشرا للمغرب و تحديا حقيقيا للفاعل الحزبي خاصة الطامح منه للوصول للسلطة و تدبير الشأن العام، فالمغاربة لا أتصور أن يقبلوا برنامجا سياسيا قائما فقط على مواجهة الإسلاميين، مع التمييز بينهم و بين المسلمين، هنا يمكن استلهام العديد من التجارب . اليونان، اسبانيا، أوأمريكا الجنوبية..، استطاعوا جميعا إفراز قوى سياسية جديدة مسنودة أساسا بخطاب اجتماعي واضح، يجيب على انتظارات هذه الشعوب، ببدائل تنظيمية و سياسية جديدة، أغلبها مستلهم من تجربة المنتديات الاجتماعية العالمية. الفكرة هنا، أنه لا يمكن بناء قوة تنظيمية و مجتمعية فقط بناء على خطر، و إن كان هذا الخطر جدي و قائم"التطرف الديني"، لأن مهمة مواجهته هي واجب الدولة و المجتمع بمختلف فئاته و لا يمكن أن تتحول إلى برنامج سياسي و تنظيمي، بل الحزب اداة للتأثير و التأطير داخل المجتمع، و إعطاء البدائل الممكنة عن باقي العروض السياسية، ببرنامج سياسي واضح، متعدد متكامل، يتداخل فيه السياسي، بالثقافي، بالاقتصادي. … بالمناسبة، عل البام أن يجيب عل سؤال: هل يعتبر العدالة و التنمية حزبا اسلامويا، لأنه في السياسة كل شيء ممكن، في هذه النقطة التقى لحسن الداودي تعليقا على مؤتمر البام، و أمينه العام الياس العماري، حتى لا نفاجئ بتحالف بينهما بعد الاستحقاقات التشريعية المقبلة، و يكون البام بذلك قد وجد نفسه في تناقض صارخ مع أساس وجوده، و مع قواعده و الرأي العام، الجواب وجب أن يكون مفكر فيه، واع بنتائجه، و بما ستكون عليه انتخابات 2016. على المستوى التنظيمي: طريقة انتخاب الامين العام للحزب، أظهرت بما لا يدع مجالا للشك، بأن الحزب يتجه نحو تكريس صورة بنية الحزب التنظيمية الممركزة لسلطه في يد قائده، و الإعلان عن ميلاد حزب في صيغته الثانية بروح الحزب الرئاسي، حيث الامين العام هو الحزب، و الحزب هو الامين العام، هذا فيه تناقض مع شعار المؤتمر "مغرب الجهات…" و مع المشروع الديموقراطي المؤسساتي الذي انطلق مع انتخابات شتنبر 2015 التي أعلنت عن انطلاق ورش الجهوية الموسعة، و الحكم الذاتي، كان على الحزب أن يستغل الفرصة التي أتيحت له كأول حزب خاض المؤتمر بعد انطلاق تنزيل ورش الجهوية الديموقراطية، ليجسدها أثناء انتخاب هياكله، خاصة في إبراز روح الجهوية و الحكم الذاتي مع مؤتمري الأقاليم الصحراوية، و باقي الجهات. كخلاصة: مؤمن بأن البام يتحول إلى حزب عادي، يسري عليه ما يسري على باقي الأحزاب، قد يفوز كما قد يهزم، مرشحوه يخضعون كباقي المرشحين لصندوق الإقتراع، و لإرادة الناخبين، و إذا كانت هناك من ملاحظات فهي لا يجب أن توجه له، بل يجب أن توجه للعبة السياسية ككل و للقوانين الانتخابية و التقطيع الانتخابي…لكل ما له صلة بالعملية الانتخابية، بالتالي لست ممن يعتبرون البام على الأقل منذ الاستحقاقات الأخيرة البام تجسيد سياسي للدولة العميقة، لأن هذه الأخيرة ليست في حاجة لفاعل سياسي منمدج في العملية السياسية الديمقراطية. مؤمن بأن البام افتقد للجرأة في مؤتمره الأخير و لم يحدث الثورة السياسية و الفكرية التي كانت منتظرة منه، بل حافظ على وضعه الداخلي، في تكريس لروح "الأصالة" في أبعدها المحافظة التي استطاعت تأجيل جوهر "المعاصرة" في بعدها الحداثي التحديثي.
نوفل البعمري.
|
|
2176 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|