اعتبر قرار المحكمة الأوروبية بإلغاء الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي قاسيا على الاقتصاد المغربي الذي يراهن على التصدير إلى الخارج لتحقيق التوازن في الميزان التجاري.وإن كان هذا الحكم أوليا فهو قابل للاستئناف و الطعن. ما يهم في كل ذلك أن هناك آلة دبلوماسية جزائرية تعمل ليل نهار لخلق العراقيل المتعددة و المختلفة لبلد مجاور و شقيق حتى لا يتفوق اقتصاديا و سياسيا.هذا المنطق العدواني ناتج عن عقيدة سياسية معادية و مغلوطة. لقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه و سلم بحسن معاملة الجار و هاهما جيراننا الجزائريين يعملون على تجويع عائلات مغربية تعيش على مداخيل القطاع الفلاحي. بل أنهم يناصرون الأجنبي ضد بلد مسلم و الكل يتذكر موقف الدولة الجزائرية الغير المشرف عندما وقعت أزمة الجزيرة " تورة" بين المغرب و إسبانيا. فهل هذه هي الأخلاق الإسلامية؟ أو هل ميثاق الجامعة العربية يدعوكم إلى مناصرة الأجانب على العرب أو المسلمين؟ أو هل هذا هو الجزاء الذي يستحقه المغاربة لمساندتهم للأمير عبد القادر الجزائري و الثورة الجزائرية ضد الاستعمار؟ و يحضرني في هذا المقام البيت الشعري الشهير في قصيدة المتنبي " لكل امرئ من دهره ما تعودا". القائل: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته و إن أنت أكرمت اللئيم تمردا. فإذا كانت الإدارة الجزائرية ترى أن بقائها في الحكم رهين بالتضييق على المغرب و عدم فضحها فما الحل إذن؟
بادئ ذي بدء، يلاحظ أن السلطات الجزائرية تعمل على تسويق فكرة سوداوية لمواطنيها حول المغرب مستغلة كل صغيرة و كبيرة لإثبات أطروحتها معززة بترسانة هامة من العملاء سواء داخل الجزائر أو خارجها.فحتى الجامعات لم تسلم من ذلك.فعندما كنت أطالع بعض الأطروحات الجزائرية التي كتبت حول الكتاب المغاربة أفاجئ بمواضيع سياسية مقيتة تعود إلى الزمن الغابر و الغاية منها تصوير النظام المغربي في أسوأ حلة و أتكلم هنا عن شعب الآداب و ليس العلوم السياسية.و عندما دار نقاش بيني و بين الفيسبوكين الجزائريين حول أحقية المغرب في الدفاع عن وحدته الترابية أفاجئ بجيش مسخر هدفه النيل من المغرب ليصل بهم لدرجة البحث عن أرقام هواتف المغاربة و إزعاجهم. و أمام هذه الوضعية العدوانية لا يسعنا سوى الرد بأسلوب حضاري على كل هذه التجاوزات وذلك عن طريق الترويج للصورة الحقيقية التي يتواجد عليها المغرب عوض الانجرار إلى المعاملة بالمثل. و على الجميع أن يساهم في ذلك ودفع كل الشبهات و المساوئ عن المغرب حتى يقتنع المواطن الجزائري عن طيبة خاطر أن العيب يكمن في حكومته و المغرب ليس عدو للشعب الجزائري و سوف لن يعمل على تجويعه كما تفعل الجزائر و أننا دولة عريقة ذات حضارة و مبادئ إنسانية.
وبالمقابل و جب الانكباب على تطوير المغرب على جميع الأصعدة و الأمر لا يتطلب سوى إحداث بعض التغييرات و احتواء كل الفاعلين السياسيين عبر فتح الحوار السياسي لغرض النهوض بالبلد و تجنب كل ما من شأنه أن يحدث تصدعا داخليا.وكذلك فإن تعزيز العدالة الاجتماعية و الدمقرطة من شأنه أن يقنع كل معاد للمغرب أن الرهان على الصراعات لهو أسوأ خيار ضد المغرب. كما ينصح في هذا الباب بتفعيل الدبلوماسية الشعبية المغربية و نوادي الوطنية و مراجعة النظام الانتخابي المغربي و التركيز على البرنامج الانتخابي عبر إنشاء هيئة جديدة تعنى بالبرامج الحزبية للتخلص من الكائنات الانتخابية التي تتخذ من التمثيلية السياسية مهنة و وسيلة لإغناء الغير مشروع. و يحضرني في هذا الباب التأكيد على ضرورة تقنين معاشات البرلمانين و الوزراء و إخضاعهم للمساطر الجاري بها العمل على جميع الموظفين العموميين و أن يكون لهم الاختيار في المساهمة في صندوق التقاعد والاستفادة من التغطية الصحية أو تسلم الراتب كاملا مع عدم استفادتهم من هذه الصناديق عند بلوغهم سن التقاعد أسوة بباقي الموظفين دون ضرر أو ضرار أو تفضيل كما هو معمول بباقي الدولة المتقدمة إذا كنا نطمح أن نكون دولة متقدمة و السؤال موجه للوزراء و البرلمانين للرد عليه. و بالإضافة إلى ذلك فإن عدم إجراء إصلاح عاجل بخصوص هذا الملف من شأنه أن يؤثر على المشاركة الانتخابية المقبلة لأن هناك حالة من الاستياء تسود بين المواطنين.إذ أن الموضوع فرض ذاته بشدة.
إن الرهان الحقيقي الذي ينبغي أن نركز عليه اليوم هو صناعة الأمل في مغرب الغد عبر التفكير في حلول سياسية و اقتصادية واعدة و إبداع طرق جديدة للنهوض بالبلد عوض التركيز على خطابات أصبحت مستهلكة و بينت الأحداث أنها غير كفيلة بتحقيق العيش الكريم لجميع المغاربة، بل تساهم في تأجيج الأوضاع و خلق جو عدم الثقة بين المواطنين و الدولة المغربية و إن خير معروف يمكن أن تسديه النخبة السياسية المغربية هو فتح الطريق للوطنين المغاربة في الاقتراب من التسيير الإداري و خدمة البلد بتفان و إخلاص و إصلاح ما أفسدته الأيادي الغير النظيفة. فعندما سيقفز ثمن قنينة الغاز إلى مائة درهم فاعلم أن الأمور سوف لن تكون على ما يرام وكان على الحكومة التفكير في حلول أخرى لتفادي استغلال قنينات الغاز من لدن أصحاب الضيعات و آخرين. فمثلا كان من الأجدر التفكير في اقتناء القنينة عبر وصل يحصل عليه المشتري من لدن التاجر يكون خاضع لنظام إلكتروني وطني فعال وصارم يعمل بالبصمات و البطاقة الوطنية أو الممغنطة مع التوقيع اليدوي يعطي لكل مواطن الحق في الاستفادة من هذه الخدمة مرة كل شهر و بالتالي يصبح من حق كل مواطن بالغ شراء قنينة غاز كل شهر. و أن يتم إنتاج قنينات خاصة بالشركات و كل من يتجاوز السقف و الأمر يتطلب فقط إنتاج آلات إلكترونية لهذا الغرض شبيهة بتلك التي توجد لدى أصحاب لعب الحظ.و بذلك سنحافظ على السلم الاجتماعي و أن لا نعرض بلدنا للخطر. و قد تظهر محلات تجارية في الأحياء خاصة فقط بتسويق قنينات الغاز وفق الضوابط القانونية حتى لا يتم إجبار أصحاب محلات بيع المواد الغذائية على شراء الآلات الإلكترونية.
مدني عبد المجيد.