تشبه جماعة العدل والإحسان ممون حفلات، وبدل تموين الأعراس واللقاءات وإعداد البسطيلة والمشوي، وتوفير الطاولات والكراسي والصحون والملاعق، فإنها تقوم بتموين الشوارع.
من يريد أن يملأ الشوارع يلجأ إليها.
عندها تجربة كبيرة في هذا المجال، وقاعدة لا تتوفر لأي تنظيم آخر، وقناة “شاهد”لتغطية المسيرة أو المظاهرة، و”رصد” لفضح السلطة.
إنها”رحال”الشوارع، ويكفي أن تتفق معها، حتى تمنحك الجماهير الشعبية، والشعارات، والتنظيم المحكم، والحشود الهائلة، وبالمجان.
ولذلك يتقرب منها اليساريون، ويخطبون ودها، ويحبون خوارق شيخها الراحل، ولأنهم يعانون من أزمة مناضلين وطبقات كادحة تتبعهم، يطلبون منها أن تمون لهم الشارع.
في ما يشبه نضال المناولة.
ينسق الراغب في ملء الشارع مع الجماعة، ويطلب منها أن تمده بعشرين ألف متظاهر، أو ثلاثين، أو أكثر، أو أقل، حسب الرغبة، وحسب الحاجة، وحسب نوع الخروج إلى الشارع، وحسب المكان، والمدينة.
وقد قرأت مداخلة الرفيق عبد الله الحريف في الذكرى الثالثة لرحيل الشيخ عبد السلام ياسين، وفهمت أن حزب النهج يفكر جديا في الاستعانة بشركة جماعة
العدل والإحسان لتموين الشوارع، وأنه يستعد للثورة وهزم الإمبريالية الغربية وذيلها في المغرب، بطلب مليون متظاهر من الجماعة.
وهذا لا يعني أن الجماعة ستسرق الثورة من حزب النهج.
لا، لا، فالرفيق عبد الله الحريف ليس مغفلا إلى هذا الحد، وله في التاريخ وفي الثورة الإيرانية عبرة ومثال.
كل ما يرغب فيه الحريف هو الجماهير، التي سيتوصل بها، كعمالة أجنبية مؤهلة من عدوه الرجعي، مجرد تموين ثورة، أما صاحب الثورة ومالكها فهو صاحب العرس، أي حزب النهج، أي الثورة الماركسية في المغرب، وحين ستنتهي، سيرد الجماهير إلى مالكها الأصلي، ممون الشوارع الحصري في المملكة المغربية.
وليس حزب النهج وحده من يتقرب هذه الأيام من الجماعة، بل كل من يحتاج إلى الشارع، ويعاني من عقم هجومي، ويشعر بأن لا تأثير له، ولا أحد يستمع إليه، فيطلب منها أن تتحالف معه وتمونه وأن تمنحه قرضا جماهيريا.
ومن أجل ذلك، ومن أجل الحصول على السلف الشعبي، ينقبون عن حداثة كامنة في تراث عبد السلام ياسين، وعن ديمقراطية تخترق الجدران، وعن كرامات تقدمية، وينظرون لتحالف بين اليسار اليتيم، الفقير، وبين الجماعة، ممونة الشوارع، ولاهوت التحرير المغربي.
إنها شركة ناجحة، وهناك إجماع على قوتها وجماهيرها، وقدرتها على إنجاح أي مظاهرة أو مسيرة.
وحين كانت تمون حركة 20 فبراير، كان اليساريون سعداء، وخطب الرفيق عبد الله الحريف خطبته الشهيرة الموجهة إلى الشعب، وبمجرد انسحابها، انتهت القصة، وخلا الشارع، ولم يعد أحد يسمع كلمة ارحل، فتعلو الأصوات القليلة، لكن شعاراتها تضيع في الهواء، وفي الشوارع الفارغة.
و النقابات فاشلة إن لم تتمون من الجماعة.
والأحزاب الخاسرة في الانتخابات تلجأ إليه لترقيع بكارتها ولاسترجاع الشارع الذي هرب منها.
والجماعة دائما في الخدمة
ويلومها حزب العدالة والتنمية، وكلما امتلأ الشارع، يوجه إليها أصبع الاتهام، وأنها تقف خلف الأطباء والأساتذة وخلف المتضررين من غلاء الماء والكهرباء.
ويوما ما سأحتاج إليها أنا أيضا.
يوما ما سأحتاج إلى الخروج إلى الشارع وتنظيم مسيرة حاشدة
وسأتصل بالجماعة
وسأنسق معها
لأنها أكبر شركة تموين شوارع في المغرب
وسمعتها حسنة
وتتوفر على علامة الجودة
وجماهيرها ومحتجوها منضبطون
وشعبها كثير
ولا تضاهيها إلا شركة”رحال” لتموين الحفلات
لكنها لا تنافسها
لاختلاف مجال التخصص
وقد أتمون منها بمظاهرة
وبعد ذلك بمسيرة حاشدة
أما إذا فقدت الأمل
فسوف أتفاوض معها على ثورة شعبية تلتهم الأخضر واليابس
أنا منظمها وقائدها ومشعلها
والجماعة هي من ستمدني بالجماهير
وبحطب الثورة
في إطار نظام المناولة
والنضال بالوكالة.
حميد زيد كود