تعقد جبهة البوليساريو ابتداء من اليوم الأربعاء، مؤتمرها العام الرابع عشر، وهو أعلى هيئة تقريرية في هذا الكيان الانفصالي الذي يسعى بكل قوة، ومن خلال دعم واضح وتحريك أوضح من طرف الجزائر، للمساس بالوحدة الترابية للمغرب.
لحظات مثل هاته تكون في العادة مناسبة لطرح السؤال حول ما تحقق وأساسا حول مالم يتحقق، وتكون في التنظيمات التي يعني لها التابعون لها شيئا ما لحظة تقديم الحصيلة. لكن بالنسبة لقيادة البوليساريو لا شيء من كل هذا قد يحدث في المؤتمر ولا بعد المؤتمر.
أصلا القيادة الحقيقية للجبهة ممثلة فيما يسمى الأمانة الوطنية عقدت يوم 9 شتنبر الأخير لقاءا حسمت فيه كل عناوين المؤتمر الذي يبدأ اليوم، واتفقت على التمديد للأمين العام وإن كان مريضا لأن من يفوز بالأمانة العامة يرأس جمهورية الوهم، ولا بديل إلى اليوم في الجبهة عن عبد العزيز المراكشي أو محمد عبد العزيز وإن كان لا يغادر جلسات العلاج الكيمياوي إلا لكي يلتحق بها من جديد
تماما مثلما لابديل في الجزائر عن توضيب صور عبد العزيز بوتفليقة كل مرة لكي يبدو وكأنه في صحة جيدة، أو مقبولة على الأقل، ولكي يظهر وكأنه يمارس حقا صلاحياته كرئيس موضوع قسرا على رؤوس الجزائريين.
ذلك ليس وجه الشبه الوحيد بين الجبهة وبين قيادة الجزائر المتنفذة، فالمرض وإن كان إنسانيا مس الرئيس الجزائري والرئيس الوهمي إنما هو وجه آخر لأزمة أكبر تضرب الكيانين معا: دولة الجزائر وكيان البوليساريو قوامها عدم الاستعداد للقادم من التطورات بالشكل الكافي، وانتظار مفاجآت الأيام، وضمنها مفاجآت انتحارية بالفعل.
تقريرأخير كشف الإثنين فقط، أن تسعة من عناصر البوليساريو التحقوا بالمجموعات الإرهابية التي تنشط شمال مالي، منضافين إلى عدد أكبر من الإرهابيين الذين يغيروا كتف الارتزاق ببندقيتهم من حمل مشروع انفصالي فشل منذ سبعينيات القرن الماضي في إقناع سكان المنطقة بجديته، إلى مشروع داعشي وقاعدي مبني على استمرار الارتزاق لكن بشعارات دينية متطرفة هاته المرة.
وليست مالي وحدها التي أصبحت تشتكي علنا من تحول مخيمات تندوف الجزائرية إلى مخيمات تدريب وتجنيد لإرهابيين يستهدفون المنطقة، بل كل دول الساحل تجمع على الأمر، وتسائل الجزائر عن صدقية رغبتها في محاربة الإرهاب، وإن كانت تعي فعلا خطورة ماتزرعه في المنطقة ككل من خلال تبنيها الفاضح والغبي لأطروحات انفصالية ودعمها لجماعات مسلحة تتدرب على أرضها وتبث الرعب حولها في بقية البلدان المجاورة.
طبعا، هذا الكلام لا يعني للجزائر شيئا، وهي التي تؤسس طبقتها المتنفذة الحاكمة أسباب وجودها كلها على البحث للمغرب عن مشاكل جديدة، وعلى إيقاف المسيرة التنموية التي يعرفها هذا البلد الصاعد الذي لا تقارن إمكانياته المادية نهائيا بالجزائر، لكن شعبه يحيا أفضل بكثير من الشعب الجزائري الذي لا يعرف عن الغاز الطبيعي أو بترول الجزائر إلا أنه يصلح لمزيد من الاغتناء الفاحش للحاكمين، ولتمويل المغامرات الانفصالية البعيدة تماما عن شعب الجزائر الذي يعاني
مؤتمر آخر للجبهة إذن يأتي هاته المرة في ظرفية جد متميزة ستغطي على أشغاله كلها، هي الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة الملك إلى العيون مؤخرا والتي كانت فعلا الضربة القاضية هي والخطاب الحاسم الذي أخبر الجزائر وأخبر بعدها البوليساريو أخبر كل دول العالم أن هذا المغرب في صحرائه، وأن هاته الصجراء في مغربها، وأن مسيرة التنمية والالتحاق بركب الدول الصاعدة لن تنتظر انتهاء المفاوضات العسيرة بين سيدنا عزرائيل من جهة وبين عبد العزيز بوتفليقة وعبد العزيز المراكشي لكي نقفل ملفا لم نفتحه هنا أصلا، لأننا كنا نعرف دوما أنه مجرد قوس نشاز لن يكتب له أبدا لا أن يفتح ولا أن يقفل
سيظل وهما، وستظل الجبهة دون هوية، وستظل الجزائر حقودة إلى أن تتخلص من أسباب مشاكلها، أما المغرب فسيظل أفضل من كل هؤلاء بكثير.
إنتهى الكلام…مرة أخرى وليست أخيرة.
بقلم: المختار لغزيوي.