|
|
|
|
|
أضيف في 16 دجنبر 2015 الساعة 19 : 09
أ.د. علي الهيل*
مباشرة أو بشكل غير مباشر، أضعفت أمريكا و الغرب الإتحاد السوفييتي من خلال لعبة مخابراتية خفية شارك فيها الموساد بقوة أستاذ و مدرب الCIA و معظم المخابرات الأوروبية و الغربية بإدخاله في أفغانستان و الشيشان و توريطه مع ما يسمى الإسلام السياسي و العسكري في جمهورياته الإسلامية تاريخياًّ تمهيداً لتفتيته و إنهاء ظاهرة المعسكرين الشرقي و الغربي و إسقاط جدار برلين الرامز لهما و هذا ما كان. أدى ذلك لوجود معسكر واحد فقط هو المعسكر الغربي الأوروبي تقوده أمريكا. كان للموساد مصلحة. فبرغم تقاطعات المصالح و معادلات السياسة لولا الدعم السوفييتي لمصر لَمَا تمكنت مصر في عهد عبدالناصر من خوض حرب الإستنزاف و إغراق المدمرة إيلات و التعافي العسكري بعد الهزيمة المدوية في ما يعرف بنكسة ١٩٦٧. لم يَنسَ الموساد و لا من يضخه بالمال الماسونية و فرعها الصهيونية و جناحها السياسي و الإقتصادي الإيباك و الردهات أو اللوبيات الدور السوفييتي. طبعاً، الموساد و الماكينة المالية التي تقف وراءه لم تحفظ الود للإتحاد السوفييتي الذي كان أول من اعترف بالكيان الصهيوني في فلسطين في عملية تبادل أدوار واضحة لإعانة الصهيونية بينه و بين بريطانيا و فرنسا و غيرها. يعرف الموساد أن الإتحاد السوفييتي فعل ذلك نتيجة الضغط السياسي و الإقتصادي لليهود الروس و الأوكرانيين الذي أفضى أيضاً لهجرة أكثر من مليوني يهودي روسي و أوكراني لفلسطين المحتلة. لذلك، وجد أن لا فضلَ للإتحاد السوفييتي عليه.
اليوم، يتم الدفع بروسيا التي لم تعد هي الإتحاد السوفييتي، لخوض حرب التضاريس المتعرجة في سوريا ضد معارضين لها من خلال معارضتهم لحليفهم السوري العتيد. تاريخ حقبة الثمانينات في أفغانستان تعيد نفسها بشكلٍ ما. كان نجيب الله مع السوفييت و المناوؤن له مع الغرب مباشرة أو من خلال حلفاء الغرب المسلمين. من بين الغبار الأفغاني خرجت القاعدة ليستعملها الموساد لتنفيذ سيناريوهاته بدءاً من ٩/١١. اليوم يستعمل داعش التي خرجت من غبار ما يعرف بالربيع العربي. المهم؛ أن روسيا إحدى دول البريكس و الإقتصادات الناشئة الأربع الأخرى و هي الصين و الهند و البرازيل و جنوب إفريقيا تزعج أمريكا و حلفائها دول الإتحاد الأوروبي. الأسباب ليست فقط إقتصادية. هي عسكرية أيضاً. الإنتصار الروسي في أوكرانيا التي كان يعوّل عليها الإتحاد الأوروبي أن تنضم له أكثر من تعويلها هي و قضم شبه جزيرة القرم و ضمها لروسيا و استمرار الخطر الروسي في شرق أوكرانيا من خلال المتمردين الموالين لروسيا و نشر روسيا لصواريخها أو درعها الصاروخي في بعض مناطق أوروبا الشرقية الموالية لها كبلاروسيا أو روسيا البيضاء و غيرها.
اليوم يتم إستنزاف روسيا أمريكياًّ غربيا في سوريا من خلال المعارضة المسلحة التي إنكمش الإتحاد السوفييتي فيها. الهدف إضعافها. الغاية إنفراد أمريكا و الغرب بالعالم. أمريكا عندها أزمة تدور مضاعفاتها في الخفاء أكثر من العلن في بحر الصين الجنوبي مع الصين التي تعتبر روسيا حليفها الرئيس. أمريكا و الغرب تعلموا دروساً قاسية من الحربين العالميتين. لذلك؛ لا يريدون الدخول في مواجهة مباشرة مع روسيا في سوريا خشية تحول الصراع إلى حرب عالمية ثالثة و تشكل معسكرين غربي و شرقي من جديد. الفرق بين الإتحاد السوفييتي في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي و روسيا في سوريا هو أن الإتحاد السوفييتي لم يَدْعُ إلى تسليح المعارضة ضده لمقاتلة فصيل آخر لعدم وجوده أصلاً. في سوريا أوجدت داعش. بصرف النظر عن من أوجدها الروس أم الغرب بشكل مباشر أو غير مباشر، الآن تدعو روسيا لتسليح المعارضة لمحاربة داعش. خطوة قلبت الطاولة على رؤوس الجميع تقريباً. المعارضة يدعمها الغرب ضد حليف روسيا في سوريا. روسيا دخلت لمحاربتها لأن حليفها السوري كان على وشك السقوط. داعش في الظاهر هي عدو الطرفين روسيا و الغرب. السؤال لماذا لا تحاربها روسيا مباشرةً؟. ربما لتستميل المعارضة التي ضدها و ضد حليفها السوري و في الآنِ ذاته ضد داعش و تسحب البساط من تحت أرجل الغرب و حلفائه الإقليميين. يبدو أن داعش من مهامها الحؤول دون توريط الكون في حرب كونية ثالثة. من مهامها أيضاً، التصوير للعالم من قِبل الجميع تقريباً أنها القوة التي لا تُقهر لدرجة أن الرئيس أوباما عقد إجتماع حرب طارئ مع مستشاري الأمن القومي لمحاربة داعش. الحرب الجوية الكونية على داعش على مدى السنتين الماضيتين يبدو أنها كانت جساًّ لنبض شيء ما. لأن داعش حسب الظاهر ما تزال تكبر و تضرب أو يستخدمها الموساد و حلفاؤه فاترينة لضرباته كما استعمل القاعدة. يبدو أن السياسة بحرها عميق جداًّ و بارد جداًّ هذه الأيام بالتحديد و السباحة فيه يمكن أن تصيب من يدخله بالتجمد.
*أستاذ جامعي و كاتب قطري
|
|
2106 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|