|
|
|
|
|
أضيف في 15 دجنبر 2015 الساعة 37 : 09
لطيفة اغبارية*
استغربنا من ردّة فعل الإعلام المصري، الذي يقوم كلّ مرّة بالاستشهاد برأي علماء ومشايخ الأزهر لتفنيد تصريحات رئيس الاتحاد الإسلامي بأستراليا الشيخ مصطفى راشد، بأنّ شرب الخمر ليس حرامًا، وأنّ الإسلام والآيات القرآنية الأربع لم تُحرّم شرب الخمر بصراحة النص، على حدّ قوله.
استغرابنا من إعلام مصر، ليس لأنّه لا يملك الحقّ في الدفاع عن الدين الإسلامي وتعاليمه، بل لأنّ مثل هذه التصريحات و”الاكتشافات” المثيرة للجدل التي يتحفنا بها الشيخ قديمة، وتمّ تداولها العام المنصرم في فضائيات مصر، فلماذا تمّ “نبش” هذا الموضوع من جديد، وقامت قناة “ten” بإجراء حوار مرّة أخرى معه الشيخ عبر “سكايب” في برنامج “البيت بيتك” ليعيد ما قاله.
الشيخ قال إنّ المواد الكحولية بنسبة قليلة في الخمر لا تجعله حرامًا بشرط ألا تجعل الشخص الشارب في حالة سُكر، مستعينًا بالآية الكريمة { يا أيّها الذين آمنوا إنّما الخمرُ والميسرُ والأنصابُ والأزلامُ رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}. مفسّرًا كلمة اجتنبوه التي وردت في الآية السابقة تعني الكراهية وليست التحريم، والتحريم يقع على السُّكر وتغييب العقل.
هذه التصريحات أثارت من جديد الشيوخ الذين قاموا بالردّ عليه، من بينهم مفتي الديار المصرية السابق، الدكتور علي جمعة، الذي أوضح من خلال حواره مع الإعلامي عمرو خليل ببرنامج “والله أعلم” عبر فضائية “سي بي سي”، أنّ الاجتناب يعني تحريم النظر إليه، والجلوس في مجلسه حرام، وحتّى زراعة العنب من أجل هذا الهدف حرام.
لقد شاهدنا الشيخ “راشد”، عندما استضافه الإعلامي محمود الغيطي في برنامج “صحّ النوم” على قناة “التحرير” العام الماضي ليتحدّث عن الموضوع ذاته، وكنّا قد كتبنا عن ذلك، وتمّ تعريف الشيخ آنذاك بأنّه منتدب من قِبل الأزهر لأستراليا ليقوم بدور المفتي هناك، وتّمّ “الهجوم” حينها أيضًا عليه وإنكار فتواه، واتهامه بتحريف القرآن الكريم؛ لكن هذه المرّة فوجئنا من أقوال الدكتور جمعة بأنّ الشيخ راشد “دخيل” على الأزهر “وليس كلّ من يلبس العمامة بقى أزهري”، وهذا الشيخ لم يدرس في الأزهر.
نتساءل كيف أنّ هذا الشيخ لم يعد محسوبًا على الأزهر؟ وإن كان هذا بالفعل فلماذا يتم اختياره للحديث حول هذا الموضوع، ما دام أنّه لم يتتلمذ في الأزهر؟ وهل كان الهدف من استضافته هو جذب المشاهدين نحو قضيّة محسومة دينيّا. عدا أنّ المنطق أيضًا لا ينطبق على أقوال الشيخ لو قمنا بطرح العديد من الأسئلة عليه والتي خطرت ببالنا، منها لو قام أحدهم بشرب كمية كبيرة من الخمر ولم يسكر فهل هذا حلال؟.
نظّنّ أنّ مصر تحتاج للاهتمام بكثير من القضايا الحياتية والمعيشيّة في هذا الوقت، فالمواطن غير”مُرفّه” ولا يعيش في رغد، وكأنّ همومه خلت ولم يبق إلا إشغاله بـ “فلسفات” وتفسيرات جديدة لا هدف لها سوى بلبلة العقل والتشكيك في القرآن الكريم.
********
طاعة الحاكم
لفت نظرنا إمام مسجد الحسين في مصر، الدكتور عبد الحكيم صالح سلامة، والتي نقلت العديد من المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي، خطبة الجمعة؛ لفت نظرنا إلى قضيّة هامة وهي ضرورة طاعة “الحاكم” الذي يجب تأييده ودعمه، شريطة أن يكون سلوكه في إطار ما يرضي الله تعالى، لأنّ ذلك ضرورة لتحقيق الأمن والاستقرار في أرض الله عامّة والأوطان خاصّة.
لا نعلم ما هو الهدف من نيّة الشيخ من هذه الخطبة تحديدا في هذا الوقت، ما دامت مصر كما يروّج لها الإعلام بخير، ولا تشهد اضطرابات؛ رغم إيماننا بوجود علاقة بين هذا الموضوع ودنوّ موعد ذكرى ثورة 25 يناير، وهذه “التحذيرات” المُبطّنة بالاستناد على الموروث الديني تهدف لتدعيم هذه القضيّة.
بعد إطّلاعنا على موضوع “الخروج على الحاكم”، والذي يعني الثورة على الحاكم بالسيف، وعدم الإقرار له بالحكم، وجدنا أكثر من مئة حديث التي تدعم هذه الفكرة، وبالمقابل هناك من يجيز ذلك لكن بشروط.
الاختلافات حول هذه المسألة كما حال الكثير من الأمور الجدليّة “تَفسح” المجال للكثيرين حسب توجّهاتهم أن يختاروا الخطاب الذي يتبنّى مصالحهم، ووفقا للزعيم الذين يرغبون به.
الشيخ أكّد الشائعات التي تحاك اليوم ضد الأمم، واستغلال الدين استغلالا نفعيًّا، والدعوة إلى الغلو والتشدد والعصبية والحزبية. محذّرًا من الدعوات التي يطلقها البعض اليوم للقيام بالمظاهرات والخروج على الحاكم؛ وأنّ الفتن تجرّ وبالا على الأمم وتجرّ كسادًا وفسادًا في الحياة وعجلة التنمية، مستشهدا بما رواه البخاري عن “أبو هريرة” أنّ النبي محمدّ صلّى الله عليه وسلم، قال “من أكرم سلطان الله في الدنيا أكرمه الله يوم القيامة، ومن أهان سلطان الله في الدنيا أهانه الله يوم القيامة”.
لا ننفي بعض أقوال الشيخ من أنّ الفتن والتشرذم لا يجلبان إلا دمار الأوطان، لكن لا ندري إن كان يجوز استغلال “نعمة” طاعة الحاكم، وكأنّها الحصانة الأبديّة، واعتبار أنّ هذا الفعل هو من الكبائر المحرّمة؟ فيفعلون ما يحلو لهم دون تعرّضهم للنقد أو المحاسبة؟ وبالمقابل نسأل: لماذا لم ينطبق هذا “التحريم” على الرئيس المعزول محمد مرسي، ما دام الأمر كذلك؟ وبخاصّة أنّ عزله كلّف الدماء والدمار وتخريب الممتلكات وانعدام الأمن! فهل قام مرسي بأمور تغضب الله ووجب الخروج عليه؟ ولماذا تختلف هذه المقاييس من رئيس لآخر؟.
لا ندري إن كان الاحتجاج على قضايا وحقوق أساسيّة من حقوق المواطن كتوفير الخبز والعيش الكريم، وتخفيض الأسعار، يعتبر من وجهة نظر البعض من العامّة ومن الحكّام هو “خروج عن الطاعة”؟.
السؤال الآخر الذي نطرحه ، هل كل “سلطان” و”رئيس″ هو ملاك معصوم؟ ألم يحِن الوقت لأن ننتهي من مرحلة “تقديسه” وإعلاء مرتبته.
**********
انتخابات السعودية
شاهدنا علامات الفرح والبسمة العريضة على وجوه بعض السيدات السعوديات في التقرير الذي عرضته قناة “فرنسا 24″ عن مشاركتهن الإدلاء بأصواتهن لأول مرّة في انتخابات بلدية تتاح للنساء.
لا ننكر أنّ هذه خطوة مباركة وجيّدة في طريق تخفيف القيود الصارمة التي تفرضها عليهن المملكة، فيما لا زالت هناك العديد من القيود التي يُفترض بهن الحصول على إذن لأغراض العمل والسفر والزواج.
تبلغ نسبة النساء من الناخبين أقل من عشرة بالمئة، والتوقعات بانتحاب امرأة متواضعة، لكن ثلث أعضاء المجلس يتم تعيينهم ما يترك نوعًا من الأمل للنساء بتسميتهن.
بكل الأحوال نبارك هذه الخطوة، رغم أنّ الكثير من الرجال لا زالوا يؤمنون بأنّ مكان المرأة البيت فقط، لكنّ خطوة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة.
********
ضربة معلم؟!
أمّا السعادة من النوع الآخر فهي التي قد لمسناها مع “الضحكة العريضة” التي أطلقها الإعلامي أحمد موسى، في برنامجه “على مسؤوليتي” في قناة “صدى البلد” عندما عبّر عن فرحته وإشادته بتصرّف وزير الخارجيّة المصري سامح شكري، الذي قام بوضع ميكرفون قناة “الجزيرة” على الأرض، إثناء إلقاء البيان الختامي لاجتماعات سدّ النهضة بالعاصمة السودانية الخرطوم.
موسى كما يقول مثلنا تعبيرا عن الفرحة والشماتة بـ”النّد” بنفس الوقت “أكل دجاجة وكماجة (خبز)”، واعتبر أنّ إلقاء شكري للميكرفون بمثابة تسجيل عشرة أهداف، مناشدًا المسؤولين بتكرار نفس التصرّف.
“ضربة المعلم” هذه وتسديد الهدف ضد الجزيرة أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي وبخاصة “تويتر”، ووصفه بالأسد الذي وضع الجزيرة في مكانها الطبيعي. لكن بالمقابل هناك من انتقد تصرف الوزير واعتبروه قلة مسؤولية، بالرغم من تحفظاتهم على أداء الجزيرة، وأنّ هذا التصرف هو تعبير عن الفشل في اجتماع سد النهضة.
يبدو أنّ سلوك الوزير وتصرفه “السريع″ في إزاحة ميكرفون الجزيرة ليس وليد ردّة فعل آنية، رغم أنّنا لم نر أنّه من ضير أن تقوم الجزيرة بتغطية الحدث من باب النقل وحرية التعبير، حتّى لو اختلفنا مع سياسة القناة.
*كاتبة فلسطينية.
|
|
2457 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|