تسلم الرباعي التونسي جائزة نوبل للسلام، وكان الحفل بهيجا، وابتهج العرب لهذا التتويج، وعاد الحديث عن النموذج التونسي من جديد، واختفى فقط من قاموس مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، الذي كان يكرره أكثر من أي شيء آخر. لكن هذا التتويج يحيلنا على توشيح المسماة توكل كرمان اليمنية بجائزة نوبل للسلام، حيث كان تمهيدا لتخريب هذا البلد، والحمد لله نحن في النهار المغربية نبهنا إلى ارتباطها بدولة قطر الراعية للخراب العربي. الغرب ليس جمعية خيرية، ولا يمنح الجوائز تعبيرا عن الاستحقاق، ولكن خدمة لأجندات محددة، ويوم منح جائزة نوبل للسلام لتوكل كرمان فقد جعل منها سفيرة للخراب والدمار، وقد لعبت أدوارا قذرة في النزاع اليمني، وساهمت في تأجيج الصراع من خلال دعم قطري واضح. واليوم عندما يمنح جائزة نوبل للسلام للرباعي التونسي، فإنه يمهد للخراب الشامل بهذه الدولة الصغيرة في المغرب العربي، ويتزامن ذلك مع الوصول المفترض للخليفة أبو بكر البغدادي إلى مدينة سرت الليبية، حيث يوجد حسب مصادر متطابقة في قاعة واغادوغو، المحصنة ضد الضربات الجوية، واتخذ منها عاصمة له. يبدو أن المشروع الداعشي، بما هو مشروع وظيفي، فشل في سوريا والعراق لاعتبارات عديدة، فهناك تركيز اليوم على ليبيا، وسواء وصل البغدادي أو لم يصل فإن الإعلان عن وصوله هو المغناطيس لجر الموارد البشرية الإرهابية نحو هذا البلد، كما أن أردوغان، الذي تخصص في سرقة النفطين العراقي والسوري تضرر كثيرا من الضربات الروسية ويوجه أنظاره اليوم نحو ليبيا وحلفائه من تنظيم القاعدة هناك. ستصبح ليبيا موقع اشتباك دولي وإقليمي، وستدخل مصر على الخط مرغمة، فهي في حاجة إلى ضرب داعش قبل وصولها إلى أرض الكنانة كما هي محتاجة أيضا إلى الغاز بشكل كبير. ولن تكون الجزائر بمنأى عن هذا الاشتباك، وإذا لم تدخل سيدخلوها إليه قصد ترويج السلاح. فالغرب في حاجة إلى المال الجزائري. وإذا تضررت الجزائر ستلعب بمبدإ علي وعلى أعدائي، وستفتح حدودها في وجه الإرهابيين ليتسللوا إلى المغرب. في هذا البلد جهد استخباراتي نال إعجاب العالم. لكن لا قدر الله أصبحت داعش على الأبواب كيف سنحاربها؟ الإرهابيون ليسوا جيوشا نظامية، وبالتالي فإن هزيمتها تحتاج إلى سند شعبي، ولم يصمد النظام السوري إلا بوجود متطوعين تربوا على الوطنية داخل حزب البعث العربي الاشتراكي. فهل ما زالت أحزابنا تربي على الوطنية والمواطنة؟ أين حزب الاستقلال وشبيبته المدرسية وكشافته؟ أين شبيبة القوات الشعبية؟ طبعا لا يمكن أن نستهين بالدخيرة الشعبية في هذا المجتمع ووجود مواطنين قادرين على التصدي لكل المؤامرات، لكن دور الأحزاب في هذا المجال اختفى، والجمعيات لا تشتغل إلا بمقابل، وبالتالي فإن الشعب أصبح يختار أدواته بنفسه بعيدا عن هذه الأحزاب. المغرب بلد عصي ولكن كما يقال "لحضا غلب لقضا"، وعندما نكون أمام خطر البرابرة الجدد لا بد من تضافر كافة الجهود ولا يمكن للمواجهة أن تكون منفردة.
النهار المغربية