لا نعرف ما اذا كانت الانباء التي راجت طوال امس واليوم وتحدثت عن اصابة ابو بكر البغدادي زعيم “الدولة الاسلامية”، وانتقاله الى سرت الليبية عبر الاراضي التركية صحيحة ام انها من قبيل التمنيات، فطوال العامين الماضيين ونحن نتلقى انباء عبر وكالات انباء وصحف عربية تروج للشيء نفسه، بل ان بعضها ذهب الى ما هو ابعد من ذلك، مثل اغتيال الرجل في غارة للطائرات الامريكية.
وما يجعلنا نشكك في هذه الانباء ومدى صحتها ليس كونها غير دقيقة فقط، وانما لان انتقال البغدادي الى مدينة سرت الليبية يعني مروره عبر الاراضي التركية، واستقلاله الطائرة من احد مطاراتها، الامر الذي يعني واحد من اثنين، الاولى ان تكون عملية المرور والسفر هذه تمت بمعرفة السلطات التركية، والثانية ان تشكل هذه العملية اختراقا للامن التركي، كأن يسافر بجواز سفر مزور، والسلطات التركية مدانة في الحالتين.
من الصعب علينا ان نتصور انتقال زعيم “الدولة الاسلامية” الى سرت، وتركه مقره الاكثر امنا في مدينة الرقة او الموصل، او اي مكان آخر في كل من سورية والعراق، حيث يكون وسط اتباعه ومقاتليه، الى “ولاية” سرت الليبية التي لا يعرفها، ولا يعرف مدى احتياطاتها الامنية، فهذه الولاية صغيرة، وعمرها قصير، ولم يتابع المشرفين عليها، “الدولة الاسلامية” وزعيمها الا قبل بضعة اشهر.
لا نستغرب ان يكون الترويج لمثل هذه الانباء هو من قبيل الضغط على البغدادي للظهور عبر لقطات تلفزيونية لتأكيد كذب مثل هذه الانباء، وتقوم اجهزة المخابرات الغربية بتحليل هذه الصور للتعرف على مكان وجوده من خلال معاينة المكان، تماما مثلما كانت تفعل مع صور وفيديوهات زعيم تنظيم “القاعدة” الراحل اسامة بن لادن، ونائبه الدكتور ايمن الظواهري، ولوحط ا ن “الفيديوهات” الاخيرة كانت تسجل في غرفة جرى تغطية خلفيتها ببطانيات او ستائر من قبيل الاحتياط الامني.
وحتى لو صحت هذه الانباء فإن الخدمات الطبية التي قد يحتاجها زعيم “الدولة الاسلامية” لعلاج اصابته غير متوفرة في مدينة سرت، ومعظم انحاء ليبيا بسبب حالة الفوضى الدموية التي تسودها.
تنظيم “الدولة الاسلامية” يتميز عن غيره من التنظيمات الاخرى بحكم كونه تنظيما غير مركزي، وحتى لو نجحت الطائرات الامريكية في اغتيال زعيمه، فإن عملية الاغتيال ستكون محدودة التأثير.
“راي اليوم”