وضعت الأمانة العامة لجبهة البوليساريو، شرطا غريبا ضمن شروط الترشح لمنصب الأمين العام للجبهة، وذلك لقطع الطريق أمام صعود مفاجئ لشخصية غير مرغوب فيها من القيادة الحالية أو من الجزائر لخلافة محمد عبدالعزيز في هذا المنصب.
وقالت مصادر إعلامية مقربة من الجبهة الانفصالية، إن هذا الشرط يتمثل في أن يكون للمرشح "تجربة قتالية" في الصفوف الأمامية للجبهة، وهو ما يعني ان الجيل الشاب داخل هذه الحركة سيكون مقصيا بشكل آلي من المشاركة لأن "القيادة التاريخية" للحركة ومن ورائها المخابرات الجزائرية لا تثق في هذا الجيل وتخشى ان يأتي من بينه لقيادة الحركة قيادي يقلب المعادلة في اتجاه يكسر قاعدة العنجهية في التعاطي مع الحل المغربي لملفّ الصحراء.
وتحدثت المصادر ذاتها عن أن هذا الشرط سيقطع الطريق على الوجوه البارزة داخل المشهد السياسي للجبهة الانفصالية بما في ذلك الموجودين داخل مخيمات الرابوني التي تضم مقر رئيس الجبهة الانفصالية محمد ولد عبدالعزيز.
وتستعد البوليساريو منذ نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول نحو انتخابات عامة في مخيمات تندوف، ستكون محطتها الأخيرة منتصف ديسمبر/كانون الأول في المؤتمر الشعبي العام الرابع عشر للجبهة الانفصالية، الذي ينتخب فيه الرئيس حسب المادة 51 من "دستورها".
ويأتي التلويح بهذا الشرط الغريب كما يقول المراقبون، بعد أن جدد رئيس الجبهة المنتهية ولايته محمد عبدالعزيز عزمه التخلي عن الترشح لمنصب الامين العام للجبهة.
ويتابع الرئيس المنتهية ولايته العلاج في الفترة الأخيرة، وهو ما فتح الصراع والتنافس داخل قيادات الجبهة للتنافس على منصب الأمين العام.
ويشكل منصب الامين العام للجبهة حساسية كبيرة خاصة في ظل عدم بروز اي شخصية بإمكانها خلافة الرئيس الحالي وشغل المنصب الذي يمثل مركزية القرار السياسي والعسكري في الجبهة، بسبب التحديات الراهنة وكذلك تدني شعبية غالبية أعضاء الأمانة العامة للجبهة الحاليين.
والأمين العام للبوليساريو الذي هو في الوقت ذاته "رئيس الجمهورية"، يتم انتخابه بواسطة اﻻقتراع السري والمباشر في المؤتمر العام للجبهة، كما يتم بهذه المناسبة انتخاب قيادة سياسية يتم اختيار من بينها وجوبا "رئيس حكومة ورئيس البرلمان"، حسب المواد 53 و82 من "دستور" الحركة الانفصالية.
وقالت مصدر مطلع على كواليس الجبهة الانفصالية إن الانتخابات المقبلة من المؤمل أن تنزع عن البوليساريو صفة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي وذلك بسبب ما سينكشف خلالها من عزوف للناخبين يوم الاقتراع.
وقال المصطفى سلمى ولد سيدي مولود القيادي معارض في جبهة البوليساريو في مقال صحفي إن مؤتمر البوليساريو الذي شارك فيه مندوبون منتخبون من المخيمات والقطاعات العسكرية في الفترة الفاصلة بين شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، قد شهد عزوفا كبيرا لم يصل معه الحضور في أغلب الأحيان إلى مئة شخص وفقا لمصادر البوليساريو، بل إن عددا ممن تمت تزكيتهم كمندوبين لم يحضروا بعض فعاليات هذا المؤتمر.
ويضيف ولد سيدي المولود إن هذه الأعداد المتواضعة للذين يواكبون المؤتمر في عدد من دوائر المخيمات البالغة حوالي 30 بما فيها مخيمات الرابوني "يعطينا فكرة عن عدد الذي سيكون صوت على قيادة البوليساريو ورئيس جمهوريتها، والذي لن يتعدى في أقصى الأحوال 4 آلاف شخص".
ويؤكد القيادي المعارض داخل الجبهة الانفصالية أن هذا الرقم يضع أكثر من علامة استفهام حول مصداقية تمثيلية جبهة البوليساريو للصحراويين، مشددا على أن " الجمهورية الصحراوية التي ﻻ يفوّت قادتها فرصة للتذكير بأنها دولة عضو مؤسس للاتحاد الإفريقي، ﻻ تجرؤ على الإفصاح عن عدد الناخبين في دوائرها اﻻنتخابية، وﻻ عن نسبة المشاركة فيها، وهو وضع استثنائي في العالم، وسيناريو يتكرر في كل مؤتمر من مؤتمرات الجبهة، التي وصلت إلى 14".
ويذكر ولد سيدي المولود بأن التاريخ لم يسجل أن "حضرت اﻻنتخابات التمهيدية صحافة حرة أو مراقبون، حتى من الجزائر الحاضنة للمخيمات".
وتقول مصادر صحرواية رافضة لقمع قيادة البوليساريو إن منصب الأمين العام ستحسمه المخابرات الجزائرية باعتبارها راعية الحركة الانفصالية، وهي من تتحكم في دواليب القرار.
بلقاسم الشايب