صح أو لم يصح الخبر الذي أعلنت عنه منظمة فجر ليبيا حول وصول أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش، مرفوقا بأمير تنظيم بوكو حرام، إلى مدينة سرت الليبية، فإن هذه الدولة المهدمة أصبحت اليوم قبلة للتنظيمات الإرهابية وخصوصا تنظيم الدولة. فالبغدادي ليس سوى رمز للموارد البشرية الإرهابية، التي يتم تنقيلها من مكان لآخر وفق خطة "الفوضى الخلاقة"، وبالتالي البغدادي وصل إلى ليبيا بهذا المستوى. كنا في النهارالمغربية وقبل ثلاث سنوات، قد تطرقنا في افتتاحية عن الأمن القومي المغربي، وتوقعنا وفق استقرائنا للوقائع والأحداث أن ثقل الإرهاب سيتحول نحو ليبيا ومنطقة الساحل، وبالتالي فإن أمننا القومي يبدأ من حيث يوجد الإرهاب، ولا يمكن انتظاره حتى يصبح في دارنا. تناولنا هذا الموضوع لنحذر الحكومة الميني ملتحية من اللعب بموضوع الإرهاب من أجل مكاسب سياسية داخل التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، حيث كان هناك "طريق سيار" بين البيجيدي والتنظيمات الإرهابية بسوريا، وكان هناك ذهاب وإياب، واستقبل العائدون من سوريا كأبطال من قبل وزير الاتصال مصطفى الخلفي بأوامر من عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي نسي أنه رئيس للحكومة التي تمثل عموم المغاربة. ولا ننسى المزايدات الفارغة لسعد الدين العثماني، وزير الشؤون الخارجية والتعاون السابق، التي أضرت بموقف المغرب، الذي انخرط بأشكال معقولة ومقبولة في الملفين السوري والعراقي، بينما استغل الوزير الإسلامي الوزارة لتمرير مواقف الإخوان المسلمين، وبينما كانت مواقف الدولة المغربية لا تخرج عن نطاق ما هو مقرر في الأمم المتحدة ومجلس الأمن كان الزعيم الحزبي منخرطا كلية فيما قررته أجهزة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. سلوكات العدالة والتنمية لم تكن بتاتا تخدم الأمن القومي المغربي بل أضرت به كثيرا، ولولا الإجماع السياسي على ضرورة تعزيز الترسانة القانونية لمعاقبة العائدين من سوريا ومن يرغب في الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية، لاستمر الحزب الإسلامي في مناوراته لعدم المصادقة على التعديلات المذكورة. اليوم نكون أمام تحقق التوقعات التي أوردتها الجريدة منذ ثلاث سنوات. فالحرب القادمة في ليبيا ومنطقة الساحل. فبعد فشل المشروع الغربي بأدواته الإقليمية والتكفيرية في سوريا ومع انحساره في العراق لوجود مقاومة شعبية، وبعد التدخل الروسي الجدي لمحاربة التنظيمات الإرهابية، كان حتما أن تنتقل الموارد البشرية الإرهابية إلى مكان آخر، ولن يكون سوى ليبيا. والبغدادي ليس سوى رمز لهذه الموارد البشرية، سواء وصل إلى ليبيا أو لم يصل وسواء وجد أصلا أم كان أسطورة. بعد انتقال مركز الثقل الإرهابي، في صيغته الداعشية، من سوريا إلى ليبيا ستزداد تحديات الأمن القومي المغربي. في السابق كان الخطر بعيدا ويفصلنا به البحر، أما اليوم فلن يبقى بعيدا لأن بيننا وبين دول المغرب العربي امتدادًا جغرافيا وحدودا صعبة. لهذا سيكون من اللازم تعزيز الأمن القومي وتعزيز دور الأجهزة الحامية للأمن والاتفاق على شيء واحد هو أن أمننا القومي يبدأ من هناك.