|
|
|
|
|
أضيف في 07 دجنبر 2015 الساعة 12 : 10
تنظم الطريقة القادرية البودشيشية، أيام 10ـ11ـ12 ربيع الأول 1437 الموافق 24-25-26 دجنبر القادم ببلدة مداغ بإقليم بركان بشراكة مع المركز الاورو – متوسطي لدراسة الاسلام النسخة العاشرة للملتقى العالمي للتصوف حول موضوع ” التصوف وسؤال المعنى : دور الزوايا في تفعيل قيم الوسطية والاعتدال والجمال”، وذلك في إطار الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف بمشاركة ثلة من الباحثين والعلماء من المغرب والعالمين العربي والغربي متخصصين في علوم الفلسفة والسوسيولوجيا والاتصال والاقتصاد والعلاقات الدولية. لتقريب القراء من جوهر محور الملتقى ارتأت “المساء” محاورة مدير الملتقى الدكتور مولاي منير القادري بودشيش حفيد “حمزة ابن العباس” شيخ الطريقة القادرية البودشيشية.
سؤال المعنى وجودي ومصيري يضبط به الإنسان سبيله ويهديه إلى بناء معالم حضارية
منير القادري بودشيش : التطرف الديني اختلال في فهم الدين وتصوره
عبدالقادر كتـرة
الدورة العاشرة التي يترأسها، كما جرت به العادة، مدير الملتقى الدكتور مولاي منير القادري بودشيش حفيد “حمزة ابن العباس” شيخ الطريقة القادرية البودشيشية بمداغ بإقليم بركان، ستتميز بتنظيم موائد مستديرة طيلة الأيام الثلاثة للملتقى حيث سيتم تأطيرها من قبل ثلة من الباحثين والعلماء من المغرب والعالمين العربي والغربي هؤلاء متخصصون في علوم الفلسفة والسوسيولوجيا والاتصال والاقتصاد والعلاقات الدولية .
·كيف اهتديتم إلى اختيار موضوع فلسفي لهذا الملتقى في خضم ما يعرفه العالم من تقلبات ومتغيرات خطيرة؟
محور سؤال المعنى سؤال جوهري وعميق يشمل الإنسان في جميع الممكنات التي لو أن يتفاعل معيا، ويطلب حقائقها بثوابتها ومتغيراتها، وأنساقها وسياقاتها، وما رحلته في هذه الحياة سوى رحلة بحث عن معاني الأشياء وحقائق الوجود.
فليس سؤال المعنى من قبيل الترف الفكري بقدر ما هو سؤال وجودي ومصيري يضبط به الإنسان سبيله ويتمكن به من الاهتداء إلى بناء معالم حضارية يستند إليها في صيرورته الحياتية بكل أبعادها النفسية والفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية. فما لم يكن الإنسان دائم السؤال لذاته عن سائر أحواله وتصرفاته، والنظر إليها بنظر استشرافي تحصيلا وتمحيصا لنتائجها ومآلاتها، لن يتمكن من تجاوز نقائصه وآفاته، ومن ثم لن يتمكن له التقدم والتطور المنشودان في مسير ة النماء.
·هل فعلا هناك أزمة روحية تغذي هذه الاختلالات في منظومات المجتمعات القيمية والسلوكية والحضارية؟
لقد صرنا أمام أزمة حقيقية للمعنى بفعل ما غدت تعرفه مجتمعاتنا اليوم من اختلالات في كثير من منظوماتها القيمية والسلوكية والحضارية بحيث ُكسرت كثير من المرجعيات الضابطة للمعنى الإنساني والموجهة له، وصار الإنسان اليوم يعيش في فوضى حقيقية للمعنى وللقيم وللسلوك، وأصبح اللامعنى في تصور كثيرين هو عينه المعنى، وغدت العبثية منهاجا، وهذا كله بفعل انغماس الأفراد في القناعات والأهواء الذاتية التي تخالف مقتضيات طبيعة الفطرة الإنسانية. فعدم ضبط المعنى يوقع في التطرف وينتج معاني مشوهة وقبيحة تمجها النفوس السليمة ، لذا ما أحوجنا لترسيخ قيم جمال المعنى في مقابل هذا القبح المعنوي الذي صارت مجتمعاتنا تتخبط فيه.
إن من أكبر نتائج هذه الأزمة التي أصابت معنانا الإنساني وأخطرها، ما عدنا نراه من مظاهر الغلو والتطرف في شتى مناحي الحياة المعاصرة، بما في ذلك التطرف الديني الذي هو اختلال في فهم الدين وتصوره إذ عاد يفهم على غير حقيقته بفعل الوقوف عند قصاء بعض مظاهره وأشكاله الخارجية وإقصاء الجانب الروحي فيه الذي هو أساسه وجوهره، وهو ما كانت لو آثار على كثير من مظاهر الحياة الواقعية والسلوكية.
· ما هو السبيل إلى محاربة مظاهر الغلو والتطرف في حياتنا؟
ما أحوجنا، اليوم، إلى ترسيخ قيم الوسطية والاعتدال، ليس فقط في بعدها العقدي لما في كل ما يهم المعيش الإنساني والديني، فكرا، ودينا، واجتماعا، واقتصادا…، والترويج للقيم التي من شأنها أن تنبذ كل مظاهر التطرف والغلو. وهنا يفرض النموذج الإسلامي نفسه باعتباره دعوة سماوية للإنسان إلى الاعتدال والتوسط في كل مناحيه الحياتية، حسب طاقته النفسية والمادية؛ مصداقا لقول تعالى: ﴿يريدا﵀ بكم اليسر وال يريد بكم العسر﴾ ]البقرة: 581[، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أمرتكم بأمر فأتوا منو ما استطعتم” ]صحيح البخاري[؛ وبهذا يكون مبدأ الوسطية متساوقا إلى حد كبير مع سؤال المعنى؛ إذ إن حمل الشيء عمى معناه الحقيقي هو من معالم التوسط والاعتدال في طلب حقيقته وجوهره وتبين أغواره وخفاياه بمنهج تدرجي.
كذا من شأن هذا البعد الوسطي أن يرسخ قيما جمالية تسمو بفكر الفرد وسلوكه، وهنا يمكن أن ينفتح المكون الجمالي على آفاق أوسع مما هو عليه في التمثل العام الذي يحصر ه في البعد الفني، إلى أبعاد تشمل الكون الإنساني بمختلف تجلياته. فالجمال هو ذلك التناسق والانتظام والتكامل والذوق السليم في كل مناحي الحياة، والذي من شأنه أن يحصل للأنسان كمال النظر إلى الكون بجميع مكوناته، ومخلوقاته بالرحمة والرفق والسماحة دون عنف أو إقصاء.
· الإسلام دين الوسطية. أين يتجلى ذلك؟
ضبط الوحي الكريم معالم هذا البعد ودعا إلى قيمه، حيث ورد في القرآن الكريم في مناسبات كثيرة بألفاظ كالجمال والحسن والزينة، إما في بعد حسي يبدو في جمال الخلق وتناسق الكون، أو في بعد معنوي يبدو في جمال القيم والأخلاق والسلوك، ومن ثم لا يحق لأحد أن يضرب باسم الدين في هذا المعلم الجوهري والأصيل في الممارسة الدينية الإسلامية، وقد رد القرآن على أمثال هؤلاء في بعد الجمال الحسي إذ قال: ﴿ قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق﴾ ]الأعراف 23[، و كذا قوله تعالى في وصف ما في الأنعام من جمال ومتاع: ﴿ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون﴾ ]النحل: 6[، فكل ضرب في قيم الجمال هو من مظاهر الغلو والتطرف، وكذا كل زيغ عن معالم الجمال الحقيقية هو تشويه لهذا البعد عن حدوده الضابطة لمعالمه.
لما كان سؤال المعنى في ارتباط بمعنى الوسطية والاعتدال والجمال ذا صمة وثيقة بكيان الإنسان وبمناحيه النفسية والوجدانية، كانت التجربة الروحية العميقة التي عرفيا المسلمون من خلال المكون الإحساني الساهر على بناء الفرد الإنساني والذي كان التصوف من أكثر المكونات خدمة له، من أبرز المحركات الداعية إلى تمثل هذه الأبعاد؛ لما يحمله من مبادئ سلوكية راقية تنأى بالإنسان عن كل مظاهر العنف والغلو والتطرف، وتنمي فيه القيم الإيجابية.
· ما وظيفة التصوف في هذا العالم المتمن والمتحضر؟
تمكن التصوف من أن يقدم معالم هادية يمكن الاسترشاد بها في وضع لبنات حضارية كبرى في الحياة المعاصرة، خاصة بما عرفه هذا المكون من نماذج إنسانية فريدة عرفت بحسن تمثلها لمنهج المحمدي القائم على هداية الناس بأساس من المحبة والرحمة بعيدا عن أي ملمح من التشدد والمغالاة. فنظرة الصوفي إلى الكون نظرة إيجابية وجميلة تعكس الجمال الباطني الذي يعيشه ضمن ممارسته الإحسانية، فيه ينظر إلى الجميل نظرة جمال، ويتعامل مع القبيح بمنطق الإصلاح، لا بنظر الإقصاء والكراهية والاحتقار، وهو ما نحتاجه اليوم في مجتمعاتنا لخوض دروب التقدم والإنماء وفق ما تفرضه شروط العولمة.
في سياق هذا المكون الإسلامي العميق وما عرفه من تميز في بُعد الهوية المغربية باعتباره أحد ثوابتها وإحدى لبناتها الكبرى، أضحى المغرب نموذجا متميزا في قيمه وممارسته الدينيين علما وعملا وخطابا، لما حمله من قيم الوسطية والاعتدال والجمال. وهنا يمكن أن نستحضر الدور الكبير الذي لعبته الزوايا في هذا البُعد وما أنتجته من منظومات خطابية بديعة وراشدة. وقد كان هذا من الأسباب القوية التي جعلت النموذج المغربي مطلوبا ضمن السياق الحضاري العالمي المعاصر لاستناده إلى قيم الرفق والمين والرحمة والمحبة والسماحة ونبذ كل أشكال العنف والتطرف.
· فيما تكمن أهمية موضوع هذه الدورة العاشرة للملتقى في السياق الدولي؟
إن طرح موضوع هذا الملتقى العالمي في دورته العاشرة حول سؤال المعنى، وتحديدا حول معنى الوسطية والاعتدال والجمال، لهو في خضم المطارحات التي يحملها السياق الدولي الحالي والرهانات الكائنة على عاتق المجتمعات اليوم في نبذ كل أشكال العنف والتطرف باختلاف بواعثها دينية وفكرية وأيديولوجية…، والقصد من هذه المطارحة كشف ما تكتنفه التجربة الصوفية من مقومات سلوكية وأخلاقية وروحية وما تحمله من أبعاد جمالية راقية تؤسس لقيم التعايش الإنساني الخلاق المنبني على أساس من المحبة والاحترام دونما ضيق ولا تعصب لهذا المعلم الحضاري أو ذاك.
يشار إلى أن محاور الملتقى حددت في ” أزمة المعنى والقيم في الواقع المعاصر” و”التصوف و سؤال المعنى: أسس و معالم” و”مفهوم الوسطية والاعتدال وفق الرؤية الشرعية الإسلامية” ودور التصوف في ترسيخ قيم الوسطية والاعتدال” و”هوية الوسطية والاعتدال من السياق المحمي المغربي إلى السياق الدولي العالمي” و”دور التصوف في نبذ فكر التشدد والتطرف” و”دور التصوف في تأطير الشباب وتحصينهم” و”الأبعاد الجمالية في الممارسة الدينية الإسلامية” و”جمال الخطاب وخطاب الجمال” و”التصوف و البعد الفني الإبداعي الجمالي” و”قيم الجمال في الفكر الصوفي من البعد الفني إلى البعد السلوكي الواقعي” و”التصوف والأمن الروحي” و”التصوف وعولمة القيم الإسلامية” و”دور التصوف في ترسيخ قيم التعايش والسالم الحضاريين” و”أهمية قيم الوسطية والاعتدال والجمال في حوار الأديان والثقافات”.
|
|
2423 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|