بين المغرب والإمارات شيء خفي غير قابل للإدراك، تؤكده فقط الخطوات الملموسة والحقيقية لعلاقة هي فوق الاستثنائية بكثير..
منذ السنوات الأولى للاتحاد ظل الأب زايد في المغرب محط كل الاحترام، وظلت هاته الدولة البعيدة جغرافيا القريبة روحيا من المغرب تحتل مكانة خاصة لها بين الناس هنا.
يردد المغاربة بفخر يعجزون عن إخفائه حكايات الأم فاطمة المغربية، وقيمة الراحل الحسن الثاني عند الراحل زايد بن سلطان رحمهما الله معا، ثم يعرجون على أصحاب السمو الشيوخ اليوم، فيقولون عن خليفة كل الخير، وعن محمد كل القرابة التي تربطه ببلد يعشقه حد الذوبان فيه، وعن راشد كل الأدب وعن البقية من حكام الإمارات الشقيقة كل الاحترام الذي يحسه الناس هنا تجاههم.
في الإمارات الصورة مشابهة تماما: للمغرب الحظوة الأولى، وله المكانة الأساس، وهو في القلب والعين والوجدان ولا يستطيع أحد أن يقولها سيئة عن البلد هناك مهما كان، لأن لهذه القرابة الروحية البقاء الأول والأخير
والاتحاد يحتفي بالذكرى الرابعة والأربعين للتوحيد أي بالعيد الوطني، التهنئة واجبة، لكن مع التهنئة لا مفر من الاعتراف بأن النموذج الذي يقدمه هذا البلد في الخليج هو نموذج نادر التحقق، فريد في ذاته، مستوعب لتطورات العصر، واضع العين على ما سيأتي من تقلبات ومن سنوات أخرى تبدو بعيدة، لكنها في حكم الغد القريب
مضى ذلك الزمن الذي كان فيه الحديث عن الخليج ذا نبرة معينة، وأتى الزمن الذي فرضت فيه الإمارات الحديث عن الخليج باعتباره هاته البوابة العالمية التجارية الاقتصادية الحضارية التي تفتح كل الفرص والتي تقدم كل الرهانات
عندما تتجول اليوم في أبو ظبي أو دبي أو غيرهما من الإمارات العربية تلتقي بكل أجناس الأرض، تلفي نفسك بين خليط من الأعراق والديانات والجنسيات كلها آمنت بمشروع الابتكار ومشروع التطوير الذي اقترحته الإمارات على مريديها، وكلها آمنت أن الإنسانية تلتقي في لحظة الانتفاع بنفسها من خلا تقديم الخبرات المتبادلة، ومن خلال مكافأة هاته الخبرات بشكل جيد لئلا تذهب إلى أماكن أخرى ولكي تقدم للبلد الذي استضافها كل ماتعرفه وتتقن فعله في الحياة
ثم هناك هاته الرغبة القوية الجامحة التي تعلنها الإمارات في الوقوف في وجه الإرهاب، وفي القطع مع الالتباسات التي قد تميز الآخرين. هنا الرسالة واضحة: هذا الشبح يهدد الحضارة الإنسانية كلها وسيقطف رؤوسنا الواحد بعد الآخر إذا ما سمحنا له بالتمكين في الأرض، لذلك لاجدال ولا نقاش، بل الحرب الحقيقية على الإرهاب وأصوله والاستفادة من خبرة الأشقاء التي راكموها لسنوات في المجال، والانخراط في معارك الأمة المستقبلية، ومد اليد باستمرار عونا للصادقين من المحبين لهذا البلد الطيب ولقياداته
في كلمات التهنئة العادية، أو الجاري بها العمل، يستحث القلم نفسه للعثور على أكثرها مجاملة، وأقدرها على إعادة نفس التعابير
حين الإمارات، وحين الرغبة في الكتابة عن الإمارات أو تهنئة شعب وقيادة الإمارات بمناسبة عظيمة مثل هاته، لا عناء على الإطلاق. يكفي المغربي أن يطلق العنان لأحاسيسه الصادقة وهي ستتكفل بالبقية..
بقلم: المختار لغزيوي