أضيف في 26 نونبر 2015 الساعة 27 : 15
..وتريد منا العريقة “الواشنطن بوست” أن نصدق كل ترهاتها، حتى الأكثر غباء منها من قبيل تلك التي تقول إن الأمر يتعلق بجمعية هولندية لطيفة للغاية قررت فقط أن تعلم الصحافيين المغاربة كيفية استعمال تطبيق على الهواتف الذكية، يلقنهم طريقة جمع وتحصيل المعلومات الخاصة بحكومتهم. تريد منا “الواشنطن بوست” التي تكتب عن المغرب كل مرة مثل فيها صديقنا منجب أمام القضاء الافتتاحيات أن نصدق أن الأمر بسيط للغاية، وأنه تمرين ديمقراطي إعلامي عادي موجه لبلد من بلدان العالم الثالث من الممكن اختبار كل التجارب فيه. تريد “الواشنطن بوست” منا أن نصدق أنها تهتم لحال الديمقراطية في المغرب الذي وصفته بأنه “ليس ديمقراطية بالكامل لكنه طور مشاريع قوانين لمواجهة الربيع العربي“، وأن الجريدة الأمريكية المسكينة ترأف لحالنا وتشفق علينا وتريد بنا ولنا ومعنا كل الخير وكل الديمقراطية والكثير من الحريات. نريد أن نصدق “الواشنطن بوست” لو كانت تهتم بحالنا دوما، لكنها لاتهتم إلا بحالات معينة وهي في هاته تفقد لدينا كل مصداقية ولا تعني لنا افتتاحيتها إلا أمرا واحدا:أصدقاؤنا في الصحافة الأمريكية بعيدون كل البعد عن معرفة الواقع المغربي. هم أصلا معروفون بانغماسهم في شأنهم الداخلي. قد يحكون لك نكتا عن سلوك دونالد ترامب وهو يستعد لدخول البيت الأبيض، وقد يروون لك قصصا لا تنتهي عن إيميلات هيلاري كلينتون، وقد يذهبون بك بعيدا في الحكي عن رغبة باراك أوباما في تأسيس فريق لكرة السلة فور انتهاء الولاية الرئاسية، لكنهم حين الرغبة في الكتابة عن بلدان بعيدة مثل بلادنا يلجؤون للأصدقاء ولمن يعتبرون أنهم يعرفون المغرب. يجدون أناسا مستعدين بالفطرة للبيع، وينقلون عنهم بالحرف وبالكليشيهات المضحكة، وبكل كاريكاتورية الكون ماسمعوه، ويضعونه حين الضرورة في صدر الصفحة الأولى افتتاحية مضحكة لا تقول شيئا لكنها تحتفظ بخاصية واحدة فقط قد تكون كل شيء : أنها نشرت في الواشنطن بوست. أصدقاؤنا هناك لا يعرفون عن الحكاية شيئا، لذلك لابأس من إرسالها إلى سفارتهم هنا لكي تترجمها وتشرحها لهم هناك: الحكاية أكبر من تطبيق على الهواتف الذكية يراد به تعليمنا في الصحافة المغربية كيفية جمع ونقل الأخبار عن حكومتنا. الحكاية لها علاقة بمال وفير وكثير دخل من أماكن عديدة ولا أثر له في الاتجاه الذي خصص له. الحكاية المسماة المعطي منجب هي فقط رأس جبل الجليد، الذي يخفي أسفله عديد الارتباطات هنا والآن مع جمعيات ومراكز تمويل ومراكز نفوذ ولوبيات في الشرق والغرب تضع العين على هذا البلد أنه نقطة التقاء نادرة لكثير الأشياء. هذا البلد، ومع التحية لكل المهتمين بأحواله، والسائلين عنه، والكاتبين لا فتتاحياتهم كل مرة تطلب فيها الأمر ذلك بخصوصه يقول للجميع ” شكرا، لكننا نعرف تدبير شأننا الداخلي أفضل منكم بكثير”. ليقل لنا الأصدقاء كم يبلغ ثمن هذا التطبيق في الهاتف الذكي، وليستعيروا من الهاتف ذكاءه وليجيبوا على أسئلة المال، أما أسئلة الآراء وحرية التعبير وقول ماتريد فلم يعد أحد في المغرب يسأل عنها منذ زمن بعيد”. “صح النوم” مثلما يقول المصريون الذين سبقونا إلى تجريب لعبة التطبيقات في الهواتف الذكية، واستلام الأموال من لدن الجميع، والكل يرى إلى أين وصلوا ذات رابعة، وذات تجريب فيهم لسياسة القتل غير الرحيم إطلاقا. ليحفظ الرب أمريكا مثلما يقول الشعار هناك، وليحفظ المغرب قبلها، وليَهْدِ أصدقاءنا في الواشنطن بوست لكي يشرعوا في ممارسة قليل من المهنة التي يلقنوننا دروسها باستمرار دون أن يكونوا فعلا مؤهلين لذلك…
بقلم: المختار لغزيوي
|