الإشادة الفرنسية بالدور المغربي في تحديد الفاعل الرئيسي في اعتداءات باريس ليوم الجمعة 13 نونبر، لم تقتصر على الرئاسة الفرنسية ولا الحكومة فقط، بل شملت الأحزاب السياسية والمعارضة أيضا، وقد كشفت مصادر من البرلمان الفرنسي أنه خلال انعقاد جلسة غرفة السيناتورات، يوم 20 نونبر الجاري، والمخصصة لمدارسة ومناقشة التدابير والإجراءات بعد الاعتداء الإرهابي، تدخل روجيه كاروتشي، البرلماني عن الحزب الجمهوري، ودعا خلال تدخله إلى ضرورة مواجهة التطرف والإرهاب بطريقة موحدة.
وخلال التدخل، الذي شد إليه انتباه البرلمانيين الفرنسيين وأزعج المنتفعين من عطايا النظام الجزائري، أشاد البرلماني المذكور بالدور الفعال للأجهزة الأمنية المغربية في إطار البحث الذي تقوم به الأجهزة الفرنسية حيث شدد على أنه يرى وينتظر كيف ستكون التحولات السياسية مع أصدقاء فرنسا في حوض البحر الأبيض المتوسط بعد حقبة صعبة جدا مع المغرب، وعبر عن ارتياحه بعودة التعاون مع جهاز الاستخبارات المغربي.
وكان البرلماني الفرنسي يشير إلى القطيعة التي دامت سنة كاملة، حيث قرر المغرب تعليق العمل باتفاقيات التعاون القضائي، نتيجة تصرف أرعن للأجهزة الأمنية الفرنسية تجاه عبد اللطيف حموشي، المدير العام لمراقبة التراب الوطني، والذي اعتبره المغرب انتهاكا لسيادته ولرموزه، واعتداء على شخصية عمومية استطاعت في وقت وجيز تحويل جهاز المخابرات إلى جهاز أكثر فعالية.
وفي سياق آخر نوه البرلماني الفرنسي بالدور الذي يلعبه المجلس الأعلى للعلماء المغاربة، الذي أصدر فتوى دقيقة ضد التنظيمات الإرهابية، محددا بشكل دقيق وجوه وأوجه الجهاد، التي لا يدخل ضمنها هذا القتل الذي تمارسه داعش وأخواتها.
وكان المجلس العلمي الأعلى أصدر، عقب أحداث باريس الدامية، فتوى شرعية وفق قواعد الإفتاء الإسلامي التي اجتهد علماء المالكية في وضعها، وهي الفتوى التي كان لزاما استصدارها، من أعلى مؤسسة للشأن الديني والتي لها وحدها الحق في الإفتاء، وذلك حماية للشباب المسلم الفرنسي من أصول مغربية حتى لا ينساق وراء الدعوات الجهنمية.
البرلماني الفرنسي التقط إشارة المجلس العلمي الأعلى، وفي التنويه بفتواه إشارة إلى الدولة الفرنسية كي تتخذ من المغرب نموذجا، ليس فقط في الاستخبارات التي هو رائد فيها، ولكن أيضا في الدعوة إلى إسلام معتدل ومنفتح.
وتجدر الإشارة إلى أن البرلماني المذكور كان قد وضع في عز الأزمة المغربية الفرنسية سؤالا كتابيا على وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس حول تصرف الحكومة الفرنسية الذي لم يكن في المستوى المطلوب من أجل تخفيف حدة التوتر الذي ساد العلاقات بين الرباط وباريس.
روجيه كاروتشي من الفرنسيين الذين فهموا "اللعبة" جيدا ويعرفون مصلحة بلدهم فرنسا بدقة، والذين دعوا إلى عدم الانسياق وراء تيار يجر هذا البلد نحو الهاوية تحقيقا لمصالحه الاقتصادية والمالية الموجودة في بلد معاد للمغرب، لكن هذا التيار لو تبعته فرنسا لأغرقها في البحر.
بوحدو النودغي.