موحى الاطلسي
يعتقد كثيرون أن صفة الأمير هي تكليف وليست مجرد وسام يتم تعليقه في الصدر، أو وشاح يتم الزهو به، إنه التزام سياسي وأخلاقي، يفرض على من يحمل تلك الصفة أن يكون متزنا في سلوكاته وتصرفاته، لا أن يطلق لسانه لقول كل شيء وأي شيء، ومناسبة هذا الكلام هو الحوار الذي نشرته مجلة يال، للأمير مولاي هشام الذي قال فيه، إن أهم شيء وقع له في الولايات المتحدة أنه نسي صفته كأمير.
ومع أن مولاي هشام يستعمل في كل خرجاته الإعلامية صفة الأمير كجواز سفر، فإنه في أول منعطف تنكر لهذه الصفة، وحاول جاهدا أن يبدو كأنه مواطن عادي، مع أن الجميع يعلم أن تودد وسائل الإعلام الغربية له، نابع من كونه يحمل صفة الأمير، أكثر من ذلك حمل صفة المعارض لنظام الملك.
هناك أمر ثابت في الأمر وهو أن مولاي هشام اختار صفة المواجهة منذ سنوات، ووظف أتباعه والدائرين في فلكه من أجل بث رسائل عدائية، تارة تكون مكشوفة وفي كثير من الأحيان تكون مغلفة، وفي كل المرات، كان ينطلق من صفته أمير، بل إن كل الأموال التي جمعها لم يجمعها إلا لكونه أمير إبن أمير.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل تخلى الأمير مولاي هشام عن صفته، أم أن الكلام الذي يلوكه لا يعدو أن يكون للإستهلاك الإعلامي، أما الحقيقة فشيء آخر لا يعلمها إلا الراسخون في العلم، والدائرون في فلك الأمير الهارب من قدره.
لقد ارتكب الأمير مولاي هشام من حيث لا يدري زلة لسان، قد تكلفه الكثير خاصة من الناحية السياسية، أما ماديا فالرجل في كل سنة يكسب المئات من الملايين، بفضل المشاريع الإستثمارية التي يتوفر عليها، والتي نماها انطلاقا من صفته أميرا، لكنه في كل مرة يرى أنه لدواعي إعلامية وسياسية يجب عليه أن يتخلى عن صفة الأمير فإنه لا يتردد في ذلك، مع أنه يعرف أكثر من غيره أن الحظوة التي يتمتع بها في بلد العم سام لم يحصل عليها بفضل كفاءته العلمية، ولكن أساسا بفضل انتمائه للعائلة الملكية التي يحاول اليوم التبرأ منها أمام وسائل الإعلام، ويشهد العالم أجمع أن كل ما بناه الأمير من استثمارات، ومن مصالح وعلاقات سياسية وإعلامية ومالية، خارج المغرب لم يكن ليحصل عليه لولا الصفة التي تلازمه أينما حل وارتحل وهي صفة الأمير، لذلك فحين يقول اليوم أن أهم شيء في حياته بأمريكا أنها جعلته ينسى صفة الأمير، فإنه بذلك يصبح كمن أصيب بمرض الشيزوفرينيا، أو انفصام في الشخصية، وهو المرض الذي يجعل الأمير الثائر يحرم نفسه في بعض الأحيان من نعمة الأمير التي تفتح له أبواب سمسم على مصراعيها.