أضيف في 21 نونبر 2015 الساعة 48 : 17
نظرة الشعب الجزائري إلى الجيش نظرة ملائكية.. فالعسكري في الجزائر يكفي أن يضع قبعته في مؤخرة السيارة ويتركها مركونة ومفتوحة.. ليقوم الشعب بحراسة هذه السيارة ، بل وبغلسها وتنظيفها مستعملا قميصه. منذ استقلال الجزائر في 1962 ، كان الجيش هو من يقرر بالتعيين أو بالانتخاب من هو الرئيس وفاء لقرارات المستعمر. فمن أحمد بن بلة (1962 ) الذي جاء على ظهر دبابة بدعم من العقيد بومدين الذي انقلب عليه في 1965، إلى اللواء اليامين زورال (1994 )، مرورا بالعقيد الشاذلي بن جديد (1979 )، ومحمد بوضايف (1992 ) الذي اغتيل بعد ستة أشهر من عودته من منفاه في المغرب.
بوتفليقة بدوره، وصل إلى السلطة في 1999 بفضل دعم الجيش. وكذلك الأمر بالنسبة لإعادة انتخابه في 2004 و2009 عندما حسم الجنرال توفيق الأمر لصالحه ضد منافسه رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس. خوف بوتفليقة على كرسي الرئاسة بدأ منذ سنة 2005، عندما بدأت تظهر عليه علامات إصابته بقرحة في المعدة. ونقل عن مقرب من العائلة أن بوتفليقة قال حينها: “أرجوا ألا يستخدم أعدائي وعكتي الصحية للإيقاع بي”. انطلق بعدها بوتفليقة في عزل عدد من الجنرالات، من بينهم محمد لعماري وخالد نزار ومحمد تواتي، الذين يعتبرون من أبرز أعدائه، ولخوفه من أن ينقلب عليه حلفاؤه من جنرالات جهاز المخابرات، قرر أن يتلقى العلاج خارج الجزائر.
عدم الاستشفاء في الجزائر، كان القرار الاستراتيجي الذي اتخذه حلفاء بوتفليقة لاعتبارات سياسية، فالرئيس لم يختر المستشفى العسكري “فال دو غراس” لأجل عيون فرنسا، ولكن لأجل الخدمات الأمنية المتوفرة هناك. كانت تلك أول خطوة من بوتفليقة وحاشيته للالتفاف على الدستور، وبالتحديد نص المادة 88، حتى يستحيل توفير تقرير طبي في الجزائر يثبت العجز الصحي للرئيس بوتفليقة عن إدارة البلاد. ففي مستشفى جزائري لن يكون تحت رحمة الجيش فقط، بل كان يكفي أن يعد أربعة أطباء تقريرا طبيا عن عجز الرئيس حتى يتم إعلان إقالته.
وفي الوقت الذي كان فيه أعداء بوتفليقة في جهاز المخابرات يواجهون اتهامات بالفساد ومنشغلين في إثبات براءتهم، كان بوتفليقة يسعى لغلق أي منفذ قد يؤدي إلى عزله من الرئاسة. وقد كان بوتفليقة وأنصاره جعلوا من المجلس الدستوري مطية للوصول لأهدافهم، في ظل غياب ملف طبي يثبت حالة بوتفليقة، ووجود مجلس دستوري غير حر، فالطريق كانت ممهدة نحو عهدة رابعة، وهي لا تزال كذلك الآن، إلا إذا أنهى الله فجأة حياة “ثعلب المرادية”. اليوم، بوتفليقة ميت كلينيكيا والجيش انشغل بجمع الأموال عن طريق تهريب الأسلحة والبشر والمخدرات ومختلف المواد الغذائية بشكل فاحش، والشعب الجزائري أصبح يعاني من الجوع والحرمان أكثر مما مضى.
|