لا يمكن بأي حال من الأحوال تبرير الإرهاب، ولا يجوز أن تجد له مسوغات من أي نوع كانت، فهو مدان بكل المقاييس، وأقصى ما يمكن القيام به هو تحليل الظاهرة والعوامل المؤدية لها في أفق تجاوزها لا من أجل إيجاد الأعذار لها. وكان لنا في "النهار المغربية" موقف مخالف للجميع من قضايا الإرهاب. حيث لم نكن انتقائيين في إدانة الإرهاب. سواء ضرب باريس أو واشنطن أو مراكش أو بيروت أو بغداد أو دمشق أو بيكين أو موسكو، ولا يهمنا إن كان الضحية مسلما أو نصرانيا أو بوذيا أو لا دينيا. الإرهاب عدو الإنسان. ومن مات في باريس هو المواطن الفرنسي وكلنا أبناء آدم وحواء، أي إخوة في الإنسانية، ولهذا ندين بكل قوة العملية الإرهابية التي هزت باريس كما أدنا العملية الإرهابية التي هزت الضاحية الجنوبية ببيروت، التي لم تجد لها بواكي ولا من يشعل الشموع. وإذا كانت المناسبة شرطا فإننا نرى لزاما مناقشة الذين نظموا وقفة الشموع أمام القنصلية الفرنسية بالرباط. ولا بد من الإشارة إلى أنها استعراضية حيث يقف خلفها ائتلاف مكون من أكثر من 20 جمعية ولم تجمع سوى ثلاثين شخصا أي أن مكاتب الجمعيات لم تحضر ناهيك عن منخرطيها، بل إن من الحضور من يمثل ثلاث أو أربع جمعيات. لسنا في وارد مناهضة التضامن مع باريس أبدا. فالتضامن مطلوب وواجب. ولكن نناهض الوقفات المنتقاة بدقة. فقبل التضامن مع "الخالة" فرنسا كان يلزم التضامن مع "الأخ الشقيق" لبنان. أم أن القتيل ليس من نفس الفصيلة؟ أم أن الحقد الطائفي تسرب لليمين واليسار كما هو ساكن وثاوي لدى الإسلاميين منذ الخلقة؟ ليس العيب في التضامن ولكن العيب في الانتقائية. طبعا نقول "العيب" من الناحية الأخلاقية أما القضية معروفة. فالغرب كما جزء من الشرق مصدر للتمويلات، التي يتم اليوم التحقيق بشأنها لكن بوتيرة بطيئة جدا. فجمعيات إسلامية ويسارية وليبرالية اغتنت من الدعم الخارجي. لهذا فهي تضبط البوصلة وفق مصادر التمويل. يوم كان العراق مصدرا للكوبونات والتمويلات كانت تخرج المظاهرات للتضامن. ويوم انغلق الصنبور اندثرت المسيرات بحجج واهية. وبيروت لا تعطي إلا لعينة بسيطة من القومجيين الذين هم بالنتيجة لعبة في يد الإسلاميين، الذين يستحيل أن يصدروا موقفا في الشرق إلا من خلال الارتباط بأجهزة إقليمية ترعى الربيع العربي. لماذا لم تخرج الجمعيات المؤتلفة قبل أيام للتنديد بالمجزرة الرهيبة التي ارتكبها تنظيم داعش في الضاحية الجنوبية ببيروت؟ هل لأن الضحايا أصلا مستهدفون من قبل دول إقليمية لا ترى في وجودهم إلا نكدا؟ إذن الإرهاب لا تعريف له لدى الجمعيات المؤتلفة ولدى الإسلاميين واليساريين. والتضامن انتقائي وفق الارتباطات الخارجية. ولا مطلب لدينا سوى أن يكف هؤلاء عن المزايدات السياسية الفارغة.