رمطان العمامرة وزير خارجية الجزائر يعتقد أن المغرب يراهن على الأسوأ، ومن يدعي أنه رئيس حكومة البوليساريو يقول ألا حل بعد اليوم مع المغرب إلا حمل السلاح مجددا، ومن يزعم أنه رئيس الجمهورية الوهمية يبشرنا جميعا بأن “إصرار المغرب على حقه يعني العودة إلى الحرب”
الأسوأ، وحمل السلاح، ثم الحرب. منذ متى خرجنا من الحرب والأسوأ وحمل السلاح مع هاتين الجهتين اللتان تسميان البوليساريو والجزائر؟
نحن في المغرب لم نكف عن طرح السؤال على أنفسنا منذ ابتدأ الصراع المفتعل في صحرائنا، ولم نكف معه عن طرح أسئلة أخرى تتعلق بالسبب الحقيقي الذي يجعل الجزائر تنسى كل شيء وتركز وجودها كله على إثارة القلاقل والمشاكل للمغرب؟
لم نجد طيلة هاته السنوات ردا مفحما ولا جوابا بليغا. أكثرنا عقلا وتبصرا وحكمة، كانوا يقولون لنا في عز الأزمات مع الجزائر، وفي عز تطاول حكامها على شعبنا وبلادنا وكل مقدساتنا “لا مصلحة لنا في الحرب مع الجزائر، وعلينا أن نكون يقظين متيقظين وألا نتيح لجهة أن تصب المزيد من الزيت على نار هذا التوتر بيننا وبينهم”.
كنا نجد باستمرار أن الزيت جزائرية وأن النار جزائرية وأن اليد التي تصب وتصب إلى مالانهاية ودونما تعب جزائرية أيضا. وكنا نرى المغرب يمني النفس المرة بعد الأخرى بيوم يعود فيه قليل وعي إلى من يحكمون الشعب الجزائري المسكين، يفهمون فيه أن العداء لكل ما هو مغربي أمر غبي، وأن المصلحة الثنائية، بل ربما حتى مصلحتهم الفردية الضيقة تقتضي أن يكونوا في سلام مع هذا البلد، لكنهم أبدا لم يفهموا، وأصروا على المواصلة
اليوم المغرب فاض به الإناء، ولمن طرحوا السؤال الساذج “لماذا لجأ المغرب إلى الخطاب التصعيدي بهذا الشكل المباشر في الخطاب الملكي الأخير؟” لابأس من مجاراة سذاجتهم التي يدعونها ولابد من التذكير بأن هذا الصراع المفتعل قارب الأربعين سنة
لابأس من التذكير بأن مغاربة كثرا ماتوا من أجل هاته الصحراء، ودماؤهم في الرقاب منا إلى يوم الدين
لابأس من التذكير بأن المغاربة قدموا ثمن بقاء هاته الصحراء مغربية من قوتهم وقوت عيالهم
لابأس من التذكير بأننا بقينا « محلك سر» لسنوات طويلة في ذلك المكان، قبل أن تشرع الصحراء المغربية في تطوير نفسها بعد أن فهمت واستوعبت أن الجزائر والصنيعة الانفصالية لن تقدما لها إلا الدمار والدم والمزيد من الخراب، واقتنعت أن رهانها كل الرهان سيكون على المغرب إن هي أرادت العيش الآمن المستقر
لابأس من التذكير بأن بترول الجزائر يخصص جزءا كبيرا من عائداته لدعم شعب آخر في الوقت الذي يعاني الجزائريون البطالة والفقر والفاقة وقلة ذات اليد، و”يحركون” هم أيضا إلى أوربا لكأن بلدهم ليس الأغنى في المنطقة ككل…
لابأس من التذكير بأن المغرب رهن كثيرا من أوجه تطوره بهذا الصراع، وبقي ينتظر كل مرة حلا أمميا، أو اقتناعا جزائريا أو معجزة سماوية تعيد الرشد للجنرالات المتنفذين في المرادية وتقنعهم بأن مايفعلونه قد يمنحهم المزيد من الثروات هم وتوابعهم، لكنه سيذهب بالجزائر بكل تأكيد إلى الدمار…
لابأس من التذكير بعديد الأشياء والمحطات والتواريخ والمحن والآلام والأزمات والمصائب التي صنعها الثنائي المسمى الجزائر/ البوليساريو، ولابد من التذكير بأننا صبرنا طويلا وبأن هذا الصبر مثله مثل نداءات فتح الحدود التي ماانفك المغرب يطلقها أصبحا معا بلا معنى..
اليوم أمام المغرب رهان أكبر من الجزائر بكثير يسمى رهان الالتحاق بالدول الصاعدة، أي رهان تنمية ناسه وشعبه وتمكين أبنائه من العيش الكريم المستجيب لكل شروط الإنسانية
لذلك لم يبق لدينا وقت.
هذه الأرض وواقعها لصالحنا. هذا التاريخ وأحكامه لصالحنا. هاته القدرة على العناد لصالحنا، وهاته الرغبة في التحدي والنجاح فيما نركبه من تحديات لصالحنا
بالمقابل لدى الجزائر رئيس مزيف مريض، ولدى البوليساريو دمية يلعب بها من يستطيع إعطاءه أكبر قدر من المساعدات، ولديهما معا متنفذون صالوا وجالوا على حساب فقراء حكم عليهم الدهر بالبقاء سجناء هؤلاء الفاسدين.
لنقرأ المعادلة هكذا، ولنحاول أن نعثر على المنتصر فيها، ولنتذكر دائما أن هذا البلد لاينهزم، ولا يموت.
هو ينتصر فقط. في قضاياه المصيرية هو ينتصر فقط ولا يقبل أي بديل..
لنتذكر ذلك جيدا ولنتوكل على الله…
بقلم: المختار لغزيوي