أكد محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات العامة، أن الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس إلى المغاربة، مساء أمس الجمعة، بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، شكل ردا قويا على كل تهجمات أعداء الوحدة الترابية للمملكة، وخاصة الجزائر ومن ورائها صنيعتها "البوليساريو".
وأضاف بودن، في تصريح لـ"الأيام24"، أن خطاب العيون الملكي بمناسبة إحياء الذكرى الأربعين، للمسيرة الخضراء، تميز بعدة خصائص، خاصة على مستوى الشكل، حيث (تميز) بخصوصية، غير معتادة، مسبوقة، باستقبال ملحمي في مدينة العيون،علاوة على الرسائل الرمزية المرتبطة بتفاصيل المكان الذي ألقي فيها الخطاب، والخلفية البديعة، فيها آيات قرآنية، والرمز التاريخي للملكة المغربية،والألوان التاريخية للمغربية، والأعلام الوطنية، في إشارات لها أهمية بالغة،في قراءة مكونات الصورة السياسية.
وأكد أنه على مستوى اللغة والحيز الزمني، تميز الخطاب الملكي بلغة لم تتحفظ على البوح بمعطيات ذات شحنات متعددة، في حيز زمني بلغ 21 دقيقة، والتي تعتبر أطول مدة في تاريخ الخطب المحمدية المتعلقة بالذكرى ذاتها.
كما أكد أن الخطاب الملكي بمدينة العيون، رفع من منسوب الحزم والحسم، وتجلى هذا في الإعلان الصريح،عن قرارات ميدانية ترتبط بتعبئة كل الوسائل المتاحة لإنجاز عدد من الأوراش الكبرى، والمشاريع الاجتماعية والصحية والتعليمية بجهات العيون الساقية الحمراء، والداخلة وادي الذهب، وكلميم - واد نون.
من جهة أخرى، أشار المحلل السياسي، أن الخطاب الملكي ، أجاب عن سؤال عريض،مفاده أن المغرب لن يرهن هذه القضية، لما تفرضه التفاعلات التي تتضارب فيها المصالح، وتتناقض، وتتبدل فيه التحالفات، والمغرب يرحب بأي دور نشط وفعال مساهم في تنمية الأقاليم الجنوبية.
وأكد في هذا الصدد، أنه ثمة إشارة ملكية بليغة، مرتبطة بكون أن المغرب الحديث كدولة قومية،لها تاريخ تليد، قدر لها أن تعيش العديد، من الاكراهات، تجاوزتها، بكفاءة بطولية، عبر التصدي لكل المتربصين والأعداء،ن ظرا لكون هذه الدولة هي بمثابة منارة للأحرار، وليست قبلة للخونة، كما قام الملك بإحياء الرغبة في ساكنة تندوف قصد الانضمام للصحراء المغربية التي تعتبر واحة ديمقراطية وتنموية، فيما تندوف هي سجن كبير، بالإضافة إلى أن الملك محمد السادس قدم مرافعة في المجال الحقوقي، لما رسم صورة حول كيفية متاجرة الجزائر والبوليساريو، في أحلام البؤساء، واستغلال النساء والأطفال كغنيمة حرب.
ولم يفت للخطاب الملكي، حسب بودن، أن يشير بشكل غير مباشر، إلى المغامرة السويدية الأخيرة اتجاه القضية الوطنية، حيث تميز الخطاب الملكي بتبيان الصلابة التي يتميز بها المغرب، ومؤسساته، ومناخ الحرية فيه، واراداته، وعلاقاته المتينة مع الشركاء المعقولين، وترك الحبل على الغرب، بالنسبة لبعض الجهات التي تقاطع كل المنتوجات ذات المنشأ الصحراوي، وهنا الإشارة وكأنها موجهة لبعض الدول، ومن بينها السويد، كما أعلن عن العهد الجديد للمغرب الناضج،التواق للتموقع في حظيرة البلدان الصاعدة.
وأضاف أن الخطاب الملكي تضمن كذلك، رسائل أحرجت الجزائر اجرائيا، فيما يتعلق بمسألة السكان، حيث طرح الملك لهذا الغرض،خيارين لا ثالث لهما، أولهما خيار ملتزم، فيه وعد ووفاء، واعتراف، واجتهاد، وهو الخيار المغربي، والخيار الثاني هو خيار ممرات الخطر، المناورة ،الارتباك والفاعلية المفقودة وهو الخيار الذي تتبناه الجزائر والبوليساريو.
وختم بودن بالقول "إن هذا الخطاب أسس لمستقبل جديد في الصحراء المغربية، سيجعل منها صحراء بمستقبل أقدر، على الانطلاق، ومركز ربط واستقرار له أهميته الجيو-
استراتيجية، كما فتح الأفق لتشكل ضمير جديدة بالمنطقة متشبعة الفكر الوطني،علاوة على اضطلاع المنطقة بدور قادر على طرح التنمية وجذب أصحاب الأفكار الحائرة، وإيجاد خطط لتفعيل التضامن في المجتمع الصحراوي".