مزق جواز سفرك، لأنهم لم يمنحوك رخصة جديدة لاستغلال شيء ما جديد في بلد، لم يعد قادرا على المزيد من الاستغلال.
أعلن أنك تكفر بالانتخابات فور أن تنهزم، وفور أن ينزل أنجالك الذين لا يعرف أحد أين تعلموا السياسة، من مركب البرلمان إلى سيارة الشرطة الذاهبة بهم نحو الاعتقال.
شكك مباشرة في انتخاب رئيس جهتك عندما تتأكد أنك لست في المكتب، وأعلن أنك مناضل ترفض التحكم وتريد الديمقراطية للجميع، خصوصا الديمقراطية التي تفوز أنت فيها باستمرار.
قل إن البلد سيء، بل تجرأ وتسلح بكل وقاحة الكون وادع أنه الآن أسوأ من أيام سنوات الجمر والرصاص فقط لأن المغاربة صفعوك في كل الاستحقاقات التي شاركت فيها، واعتبروك غير مغر لهم، توحي لهم ببؤس شديد عوض أن يروا فيك علامات مستقبل يراهنون عليه.
عربد بالصوت ووقع بيانات الاحتجاج والدعوة إلى مقاطعة كل شيء، لأن الناس أزالوك من مدينة لم يعرف أحد أبدا كيف أصبحت على رأسها.
قل لمن يريد الإنصات إليك إن المغرب جميل فقط حين يلبي لك كل نزواتك، وحين يضعك على قائمة من يستفيدون منه. ثم قل لكل من ينصتون لك دوما إن نفس المغرب سيء للغاية فقط لأنه امتنع مرة أو مرتين عن إرضاء دلالك وكل النزق الذي فيك.
لا تعتقد أبدا أن البلد ينتظر منك أن تفعل له شيئا. تصور دائما أن البلد هو الذي يجب أن يفعل لك كل الأشياء. أنت فقط إكتف بالعيش فوق ترابه. يكفيه هذا الشرف أنك مخلوق فوقه تفعل فيه ماتشاء.
تلق ماتريد من أموال من الأجانب وحولها إلى ماتشاء من أبناك وحسابات شخصية، وإذا ماقال لك أحد شيئا قل لهم “إنك مضطهد مطارد”، وأنك أنت أيضا ستجرب الفرار من كل المطارات إلى أن تصل إلى البلاتو الأجنبي وتحرق جوازك مثلما فعل الآخر.
التحق بالمعارض الأكبر في علياء نضالاته في الولايات. تسلم منه مفاتيح مكتبك وسيارتك الأمريكية الصنع. تعرف على أقرب المطاعم إلى محل سكناك واشتغالك، ثم إذهب بداية الأسبوع إلى “أوفيسك” الجديد ومن هناك أكتب أول بيان تنعي فيه الديمقراطية في المغرب لأنك غادرت البلد، ولأن البقية كل البقية مجرد فاسدين.
أغلق مجلاتك وكل المشاريع، ولاتعد “ريالا” واحدا مما صرفته. لا تؤد ضرائبك، وابحث دائما عن وسيلة ما لإعادة جدولة كل الديون، وحين تصل الأمور إلى منتهاها الأخير، وتتأكد أنك ملزم بآخر خروج قبل الأداء مثلما يكتبون في الطريق السيار، إمتط عربتك وارحل… وحين تصل إلى أي مكان يعطيك حق البقاء فيه، قل للجميع إن المغرب أصبح فارغا دونك، وأن من بقوا فيه مجرد حشرات ضارة لا تصلح لشيء على الإطلاق.
أنصب، ثم أنصب، ثم أنصب، وحين تتعب من النصب، إرتح قليلا، ثم أعد النصب، والكسر والرفع، وإبحث في السكون عن ضمة تضيفها لكل حسابات اللغة التي لم تتقنها يوما. أصلا حساب وحيد واحد يجب أن تتقنه: أرقام حساباتك، وكم دخلها وكم لم يخرج منها كل شهر.
في الختام تكلم، تحدث بصوت عال، ثم بصوت خافت، ثم بكل الأصوات. إحذر من الصمت، فسينساك الناس فور أن تقفل فاك. إبق متحدثا على الدوام، وترج مرورا هنا، ولحظة عبور هناك، وقل لنفسك إن العديدين مروا على هذا الطريق و”دارو بيه لاباس”. لم لا أنت أيضا في الختام ؟
إبق كما أنت، مجرد ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق، وماسبق وماسيأتي وماهو قائم الآن، بلد يسير دونما التفات إلى أمثالك. لذلك، واصل ولا عليك…لن تصل أبدا.
ملحوظة لها بعض العلاقة بماسبق.
الربيعي. أعادنا النشيد الوطني الصادح بكل فخر في الدوحة القطرية، ودموع الفتى إبن البرنوصي المرافقة للحن الخالد الذي نحفظه عن ظهر قلب، إلى بعض فرح برياضتنا الخميس.
له الشكر، له الامتنان، له كلمات عديدة، فقد سئمنا – مثلما نقول دائما – هاته الوجوه الكالحة المحيطة بنا التي لم تحمل لنا إلا الهزائم تلو الهزائم.
شكرا “خويا” على تلك اللحظة فعلا…
المختار الغزيوي