قبل 251 سنة، طلبت مملكة السويد من المغرب مساعدتها لحماية حركة أسطولها البحري من هجمات القراصنة المنتشرين آنذاك بالمحيط الأطلسي. هذه الحقيقة، ذكّر بها بير ستربيرج، رئيس المجلس التشريعي الوطني السويدي (البرلمان السويدي)، نظيره المغربي كريم غلاب، رئيس مجلس النواب، خلال زيارة عمل قام بها للمغرب، وذهب حد منحه الاتفاقية الموقعة بين المملكتين منذ قرنين ونصف.
وعلى هامش زيارته تلك، على رأس وفد سويدي هام، قال بير ستربيرج "لدينا منذ أمد بعيد علاقات إيجابية مع المملكة المغربية، التي لها ميزة معتبرة من حيث تعزيز الديمقراطية ومجال حقوق الإنسان"، مؤكدا في الإطار ذاته "أن السويد تدعم رؤية الأمم المتحدة المتعلقة بقضية الصحراء، وتبقى منفتحة على كل نقاش حول آفاق المنطقة". وقد رحب أيضا بالعلاقات الودية الموجودة بين البلدين، وأشار إلى ان "المغرب يضطلع بدور رئيسي وهام في المنطقة، ومن المناسب تعزيز علاقات التعاون الثنائي بين الرباط وستوكهولم من أجل مواجهة التحديات التي تواجه البلدين، وخصوصا في مجال الإرهاب والهجرة السرية".
وباستحضار الجانب الاقتصادي، عبر بيير ويستربيرج عن إرادة بلاده في تعزيز التعاون الثنائي وإزالة الحواجز من أجل تشجيع التبادل الاقتصادي.
لكن ها هو اليوم، أحد العفاريت، العضو في عصبة الشباب الاشتراكيين الديمقراطيين، يقود وبمكر حملة وسط البرلمانيين السويديين، ضد وحدة المملكة الترابية.
بعد استقطابه نهاية الألفية من قبل جهاز الاستعلامات والأمن الجزائري، عن طريق العملة الصعبة وغسيل الدماغ، أثناء مرور إلزامي من مخيمات العار بتندوف، شرع في الصراخ من أجل دفع البرلمانيين السويديين للاعتراف بالجمهورية الصحراوية الوهمية.
إنه شيء غير مألوف، حتى في اوساط شيوعيي الشمال، الذين يشدهم الحنين لمجلس السوفييت الأعلى، والذي يقودهم حاليا الوزير الأول السويدي كجيل ستيفان لوفن، اللحام (السودور) السابق في شركة "هاغلاند واولاده"، وزعيم الاتحاد السويدي لعمال المعادن وأحد عرابي قطاع السلاح سابقا...من هنا نفهم جيدا لماذا تنبعث من جدران مقر الوزير الاول السويدي روائح جنيرالات الجزائر.. لكن لنُقفل هذا القوس الذي لن تكفي فيه مجلدات بخصوص محور الجزائر- ستوكهولم.
ويرى السفير الأميريكي السابق بالرباط أن "السويد تعارض الحياد المفروض في المخطط الأممي، في الوقت الذي أعرب فيه المغرب عن حسن نوايا من أجل حل متفاوض عليه تحت إشراف الأمم المتحدة، على قاعدة مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية".
وذهب إدوارد غابرييل بعيدا حيث أشار إلى أن "ستوكهولم تُعرض للإحباط الجهود الأممية، التي تسعى بإرادة حسنة، لإيجاد حل متفاوض عليه حول الصحراء وقطع الطريق على الجماعات المتطرفة التي تنشط في المنطقة...فالسلطات السويدية تسير عكس مصالحها"، موضحا أنه "ما زال هناك متسع من الوقت لمراجعة موقفهم حتى لا يقوّضوا جهود الأمم المتحدة".
هل يمكن لسمسار جزائري بسيط، أو حتى الرئيس السابق لجهاز الاستعلامات والأمن محمد مدين أن يأخذ البرلمان السويدي كرهينة؟ ألا يعلم برلمانيو المجلس التشريعي للسويد المعروفون بـ"ديمقراطية وعدالة"، ان محمد مدين، متورط في بلده وفي أوروبا في قضايا الاختفاء القسري والتعذيب والاغتيالات؟ ألا يعلمون أنهم باعترافهم بالجمهورية الصحراوية الوهمية يمنحون شيكا على بياض لكيان وهمي قصد إحراق جزء كبير من المنطقة؟ ألا يعرفون أن البوليساريو هو تجمع لتجار المخدرات والسلاح الذين يربطون علاقات مع أباطرة أمريكا اللاتينية ومع الجماعات المتطرفة التي تنشط في المنطقة مثل أنصار الدين وبوكو حرام؟ هل يريدون أن يكونوا شركاء في الوحشية المرتكبة في مالي ونيجيريا؟ هل يريدون أن يكونوا بمثابة حفاري القبور لشعوب ينخرها الفقر والجوع وانعدام الماء والإرهاب، والتي تسعى بالكاد لكن بشجاعة من أجل البناء؟ لكن يبدو أنه ليس لهم من الديمقراطية إلا الإسم.. فالتاريخ سيتجاوزهم وسيتجاوز ديمقراطيتهم، كما أن عائلات الضحايا ستتابعهم في يوم من الأيام أمام محكمة الجنايات الدولية من أجل جرائم الحرب.
في النهاية، هل لديهم أدنى فكرة عن علاقات المودة العميقة وعن المساعدات الأخوية بين المغرب والقارة الإفريقية؟
لا أعتقد ذلك، لأنهم يجهلون نتيجة عمائهم، أن المغرب يجد ذاته في جذوره الإفريقية، وفي عائلته الكبيرة، ولا يهمه بالتالي ضجيج مجموعة صغيرة من النقابيين السابقين الفاسدين، الذين يريدون إعطاء الدروس.
مُترجم بتصرف عن lareleve.ma